العاصمة

عُمّار البيت

0

إيمان العادلى

هل تعرف من هم العُمّار ؟ هل تعرف أنك إن تركت منزلك ، أو مكانك المفضل مهجورًا لفترة من الوقت ، دون حراك أو زيارة أو نظافة وهكذا ، يأتي من يسكنون فيه غيرك أنت وعائلتك ؟ قد لا يصدق البعض في هذا ، ولكن هناك عوالم أخرى تعيش معنا ومخلوقات خلقها المولى عز وجل ، منها الجن ، وهم عشائر بينهم الطيب والخبيث ، مثل البشر ، ولكن إن أزعج أحدنا سكناهم ، فلا يلومنّ إلا نفسه .

البداية ..
تحكي الراوية لقصتنا ، أنها تعيش مع زوجها في المدينة ، بعد أن انتقلوا إليها نظرًا لظروف عمله ، معهما طفلان صغيران ، وهي سيدة شابة لا تعمل ، الاثنان من إحدى القرى ، ولهما منزل محاط بسور صغير ، وتحيط به أرض زراعية وطريق صغير به عدة منازل صغيرة .

انتقلت الأسرة عقب زواجهما إلى المدينة ، وتركوا المنزل طوال العشرة سنوات دون زيارات ، أو حتى إلقاء نظرة عليه ، فالزوج لا يعود إلى المنزل سوى في منتصف الليل ، وهي لا تستطيع السفر إلى الريف وحدها .

تُرك المنزل مغلقًا لعشرة سنوات متواصلة ، وفي أحد الأيام عاد الزوج من العمل ، وأبلغ عائلته الصغيرة أنهم بصدد العودة إلى القرية مرة أخرى ، اندهشت الزوجة لهذا القرار ، ولكن برر الزوج بأنه قد تم نقله إلى فرع الشركة التي يعمل بها ، بالقرب من قريتهما ، بالطبع استسلمت الأسرة الصغيرة لهذا القرار ، وحزموا أمتعتهم وانتقلوا للمنزل القديم

أحداث مريبة ..

مرّت عدة أيام هادئة ، استجمعت فيها الزوجة قواها وجلست تنظف منزلها القديم ، لكم صار قديمًا ومليئًا بالأتربة ، وأثناء قيام الزوجة بترتيب منزلها ، أتت جارتها لإلقاء السلام عليها ، هشت الزوجة وبشت ورحبت بضيفتها ، التي قالت لها في عتاب أنها قد حدثتها في إحدى المرات ، التي أتت فيها للمنزل ولكنها لم تجبها !

كيف ذلك ؟ ولا أحد يأتي إلى هنا ، سألت الراوية إن كانت جارتها قد تخيلت الأمر ، إلا أنها قد أكدت لها بأنها قد لحقتها إلى المنزل ، وطرقت الباب مرارًا ، ولكنها لم تتلق سوى صوتها تنهرها ، وتطلب منها أن تبتعد! ويوميًا ، تسمع أصوات الأطفال من الداخل ، وأصواتهم جميعًا وكأنهم يعيشون في المنزل .

اندهشت الزوجة للحوار ، وفي المساء وأثناء جلوسها بغرفتها ، لمحت الزوجة ظلاً أسود اللون يعبر من فتحة الباب ، ارتعبت الزوجة ونهضت لترى إن كان أحد الأطفال ، إلا أنها لمحت ظلاً لرجل طويل القامة ، وأسود الشعر ، ينظر إليها سريعًا ، ثم دلف إلى المطبخ ، لحقته الزوجة ، ولكن لم يكن هناك أحد!

في صباح اليوم التالي ، أخبر الطفلان أمهما أن هناك طفلاً صغيرًا يختبئ ، تحت الأسّرة ليلاً ، ويطلب منهما أن يلعبوا سويًا ، ولا يظهر لهما سوى ليلاً ، لم يلبث الأمر أن تفاقم بشكل أكبر ، ففي أحد الأيام ، أبلغ الزوج زوجته بأنه سوف يضطر للمبيت بعمله ، وأن عليها رعاية الأطفال حالما يعود ، ودعته الزوجة .

وفي المساء ، سمعت صوت قفل الباب يُفتح ، خطوات زوجها تقترب من غرفة النوم ، وإذا به يدخل ويبدأ في تبديل ثيابه ، طلبت منه الزوجة أن تعد له العشاء ، إلا أنه رفض متعللاً بالإرهاق الشديد في العمل ، لم تلبث دقائق وانقطع التيار الكهربي ، اضطرت الزوجة لفتح كشاف هاتفها المحمول ، وياليتها لم تفتحه !

نظرت الزوجة بالكشاف في أرجاء غرفتها ، فوجدت نفس الرجل الذي رأته من قبل ، وهو يحملق لها بعينين حمراوين في الظلام ، صرخت الزوجة ، ونهضت توقظ زوجها ، إلا أنه لم يتحرك قيد أنملة ، خرجت الزوجة إلى خارج غرفتها ، وعادت الأضواء ، لتجد باب المنزل يُفتح وزوجها يدخل يلقي التحية!

ذهبت السيدة الشابة إلى أحد الشيوخ ، وروت له ما حدث فنصحها بإخلاء المنزل فورًا ، قائلاً لها أن من سكنوا المنزل ، هم عُمّاره ؛ ويُدعون بهذا الاسم لأنهم هم من عمروه ، بعد هجر أصحابه له ، ولا يجوز لهم العودة إليه سوى بعد أخذ إذن العُمّار ، وتطهيره ، وألا يجب على أي إنسان ترك مكانًا خاصًا به ، مهجورًا بلا وصل أو اتصال لأكثر من أربعين يومًا ، لأن العُمّار يأبون أن يتركوه.


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار