كان كل مافيه عاديا والأمور تسير بشكل طبيعى 00 داليا تسكن بالطابق الأرضى لا يتردد عليها أحد إلا القليلين أبرزهم اليوزباشي طيار حسن وهى تؤدى عملها فى الشركة فى دأب وإتقان وما من شبهات تحوم حولها أو تحيط بها
إنتهز كمال صبرى فرصة وجودها فى عملها وتسلل إلى شقتها وفتشها تفتيشا دقيقا بيد انه لم يعثر فيها على شيء على الإطلاق وصعد إلى سطح البيت ليجد داليا تربى بعضا من الدجاج والأرانب وقام بفحص العشة ومرة أخرى لم يجد دليلا واحدا على ان داليا هى التى تقوم بهذه المهمة إن كل الخيوط تقود إليها ولكن بلا دليل واحد ما العمل ؟
قام الضابط كمال صبرى بزيارة لليوزباشي طيار حسن يتناقشا معا على الخريطة المكان الذى تصدر عنه الإشارات بالتحديد وكانت المفاجأة ضخمة الدلائل تشير إلى بيت داليا بلا دليل مادى وصارح الطيار حسن ببساطة شديدة الضابط كمال صبرى بأنه على علاقة وثيقة بهذه الفتاة لذلك طلب كمال صبرى من الطيار أن يقدمه إليها على أنه صديق له وإن كان صديقا عابثا لاهيا يعمل فى القوات المسلحة
رحبت داليا بالضابط كمال صبرى ووجدت فيه صيدا ثمينا ربما يساعدها على الحياة فى هذه المدينة الكبيرة خلال حرب لا يدرى أحد متى تنتهى وغارات جوية متتالية لا يعرف الناس كيف يتقونها وينجون منها
بدأ كمال صبرى الذى أسمى نفسه أحمد علام يتردد على داليا ويتحدث إليها كثيرا وخلال هذه الثرثرة كان يدس لها معلومات خاطئة عن أماكن ينتقل إليها الإنجليز وإذا بهذه الأماكن بعد وقت قصير تضرب بالقنابل من قبل الطائرات الألمانية المغيرة الأمر الذى يؤكد أنها وراء هذه الإشارات وإستمرت مراقبتها إلى أن ثبت أن لها صلة بضابط بريطانى كبير يتردد عليها أثناء عملها فى الشركة وكان يرتدى الملابس المدنية ويتحدث إليها قليلا وهم وقوف ويغادر مسرعا
لقد إكتملت عناصر القضية
لم يكن حسن ينطق بكلمة أمامها عن عمله أو قواتنا أو قوات الإنجليز كان بريئا ويساعدها على الحياة لقاء كرمها معه فى مرسى مطروح
والضابط الجديد أحمد علام يعطيها معلومات خاطئة تضللها وتضلل طائرات الألمان ولكن ذلك يثبت إتصالها بهم وإعطائهم الإشارات المتفق عليها
ولم يتبق غير الدليل المادى والطريقة التى تتبعها لكى تنقل إشاراتها ومعلوماتها إلى الطائرات الألمانية والتى لم يعثروا عليها فى البيت رغم تفتيشه عدة مرات ولمعت الفكرة فى ذهن كمال صبرى
ذهب لزيارتها فى مكتبها فى الشركة
كانت داليا تضع تحت زجاج مكتبها خريطة كبيرة للأسكندرية هى خريطة عادية من تلك التى يستعين بها السياح على التجول فى المدينة وكانت مقسمة إلى مربعات صغيرة وما أن يزورها الضابط الإنجليزى حتى تعود إلى مكتبها وتضع نقاطا على بعض الأماكن وعلى ورقة صغيرة تكتب رقما وحرفا الخريطة كانت مقسمة رأسيا وفق أرقام متتالية ومقسمة أفقيا وفق الحروف الأبجدية وفى درج مكتبها مصباح كبير يعمل بالبطارية الجافة مما يستخدمه كل الناس أثناء ظلمة الليل التى تغطى المدينة بسبب أعمدة الإضاءة المطفأة واللون الأزرق الذى طلى به الناس نوافذهم وكان كل شيء واضحا لذلك لم يحدث أن شك فيها أحد إنها تنقل أرقام الأماكن وحروفها مقلوبة على زجاج مصباح الإضاءة وعندما تضيئه تظهر واضحة وتصعد إلى سطح البيت بدعوى الإهتمام بما تربيه من دجاج وتروح تطفأ مصباحها مرسلة إشاراتها إلى الطائرات فتلتقطها وتضاهيها بخريطة معها ثم تمضى إلى المكان الجديد الذى إنتقلت إليه قوات الإنجليز وتغير عليه وتلقى عليه بحمولتها من القنابل فتصيبه إصابة مباشرة والعمل يسير فى هدوء وفق خطة موضوعة إتفق عليها فى ليبيا قبل سنوات وقبل وصول الفتاة إلى مصر وعبورها الحدود وأثناء بقاءها فى مرسي مطروح تستعد لأداء مهمتها
وذات ليلة دعى كمال صبرى الذى تسمى بأحمد علام – إليه ( كابتن كين ) ضابط المخابرات البريطانية ومعه اليوزباشى طيار حسن إلى بيت داليا التى أحسنت إستقبالهم وقدمت لهم طعاما فاخرا وشرابا لذيذا وأثناء ذلك أطلقت صفارات الإنذار وسادت الظلمة وإختفت داليا من بينهم لتصعد إلى سطح البيت ومعها مصباح الإضاءة وقد سجلت على زجاجه معها عدة أرقام وحروف وعندما حلقت الطائرات راحت تضيء هذا المصباح وترسل الإشارات وفجأة وجدت نفسها وسط ضيوفها الثلاثة كمال صبرى واليوزباشى حسن وكابتن كين وأسقط فى يدها وكمال صبرى يضع القيد فى يديها وسيقت إلى المعتقل وهناك إعترفت بكل شيء ودلتهم على الضابط البريطانى الذى يمدها بالمعلومات وأسدل الستار على القضية
الضابط البريطانى إتهم بالخيانة وقدم لمحاكمة عسكرية سريعة كان معروفا حكمها عليه قبل أن تبدأ كما أن خديجة ماريانا داليا هى الأخرى لقيت المصير المحتوم لكل جاسوس ونجا كابتن كين من طرده من عمله وقدم للضابط المصرى الشاب كمال صبرى هدية رمزية إعتذر عن قبولها مؤجلا ذلك إلى أن يتسلمها منه عندما تتم عملية جلاء القوات البريطانية عن مصر