العاصمة

ماري الدموية

0

(الجزء الاول )

إيمان العادلى

 

احترس .. فقط حاول أن تحسب خطواتك جيداً قبل أن تخطوها .. فأنت على وشك القيام بأمر لم تعتد عليه من قبل .. والأخطر من ذلك أنك لا تدري ما هي عواقبه الحقيقية ..

هل تعتقد بالفعل أن الأمر لا يعدو بعض الهراء الذي تمتليء به قصص الرعب العقيمة ولن يحدث أي شيء ؟!.. ربما كان هذا هو الاختيار الأبسط .. فبعد كل شيء من يعرف ماذا سيحدث إذا كانت الأسطورة صحيحة ..

هل هي شمعة واحدة على الجانب الأيسر ؟!.. أم شمعتان على كل جانب من المرآة ؟!.. لا أعتقد أن ذلك يهم كثيراً .. أليس كذلك ؟!..

لماذا ترتجف أقدامك وتصطك أسنانك بهذا الشكل ؟!.. يجب أن تتمالك نفسك حتى تتمكن من القيام بذلك بشكل صحيح ..

هيا .. خذ نفساً عميقاً وهديء من روعك وتوجه إلى مكان به مرآة ويمكنك التحكم في إضائته .. كل من سبقك وجد أن مرآة الحمام هي الاختيار الأمثل .. لماذا إذن تكون أنت من يشذ عن القاعدة ويبحث عن مرآة أخرى ؟!.. هيا .. سأتوجه معك إلى الحمام .. لا بأس ، سأدخل معك رغم أننا سنضطر إلى إغلاق الباب .. ففي مثل هذه الظروف لا يوجد وقت للتفكير في تلك الأفكار التي تدور في ذهنك ..

نعم أعلم أنك يجب أن تكون وحدك .. لكني أعدك أنك لن تحس بوجودي على الإطلاق .. سأتظاهر بأني غير موجود .. وأرجو أن .. لا أعلم إن كنت أرجو أن تنجح أو تفشل !! .. دعنا نبدأ ولنعلم إلى أين تقودنا الأمور ..

اخرج علبة الثقاب واشعل شمعة وضعها على يسار المرآة ..

حسنا .. هذا جيد .. الآن أطفيء الأنوار كلها بحيث لا تتبقى غير إضاءة الشمعة .. إن الجو موح بأشياء كثيرة بالتأكيد لكننا سنحاول أن نركز فيما نفعله ونترك أمر تلك الأشباح والأصوات التي نسمعها من الخارج لوقت آخر ..

هل أنت جاهز ؟!.. إذن ، فلنبدأ ..

بصوت أقرب إلى الهمس ابدأ في ترديد الجملة ..

” ماري الدموية .. ”

هل يجب أن نقولها بالعربية أم الإنجليزية ؟!.. إنه سؤال محير كان يجب علينا التفكير فيه قبل أن نصل إلى هذه المرحلة .. لكنى أعتقد أنك يجب أن تقولها بالإنجليزية .. بعد كل شيء فإن ماري بالتأكيد لم تكن تتحدث العربية ..

“Bloody Mary ..”

رددها بصوت خافت يتصاعد تدريجياً مثل مغنى الكريشندو الأوبرالي على المسرح ..

بعد ثلاث مرات اخطف نظرة سريعة إلى المرآة ..

هل رأيت ما رأيته ؟!.. هل كان ذلك حقيقياً ؟!.. هل تحولت المرآة بالفعل إلى اللون الأحمر ؟!..

“Bloody Mary ..”

ردد المزيد وصوتك يتعالى .. سبع مرات حتى الآن ..

لا يمكن أن يكون ما يحدث حقيقيا .. من أين جاء هذا الوجه غير واضح المعالم الذي يظهر في المرآة ؟!..

يتصاعد الصوت أكثر حتى يصبح عالياً للغاية وتردده الجدان من حولك ..

تتسارع أنفاسك وأنت تحاول أبعاد نظرك عن المرآة .. لكن لابد لك من فعل ذلك ..

لابد أن ترى ما الذي يوجد فيها بالضبط ..

عشر مرات كاملة .. الملامح تتضح .. ملامح هي أقرب إلى الوجه البشع على خلفية من الدماء الحمراء القانية التي تبدو كما لو كانت تتساقط من المرآة ..

لا مجال الآن للتراجع .. يتعالى صوتك حتى يصبح أقرب للصراخ ..

“Bloody Mary ..” .. إحدى عشرة مرة ..

“Bloody Mary ..” .. أثنتا عشرة مرة ..

“Bloody Mary ..” .. ثلاثة عشرة مرة ..

الآن تتوقف ..

بعد كل هذا الصراخ فإن هذا السكون أكثر رعباً من أي شيء يمكنك التفكير فيه ..

أنفاسك بطيئة وعميقة وعيناك مركزتان على الأسفل وأنت تحاول استجماع شتات نفسك..

هذه هي اللحظة المرتقبة ..

ترفع عينيك ببطء لتنظر إلى المرآة ..

لكن .. لكن هذا لا يمكن أن يحدث .. لم يكن من المفترض أن يحدث هذا .. لم يكن من المفترض أن تكون الأمور حقيقية إلى هذا الحد ..

لقد كانت مجرد لعبة ..

لا .. لا .. لا تقربى .. ابتعدى ..

ابتعدى ..

 

البعض يقول إن ماري الدموية هي ساحرة معروفة بتعاملها بالسحر الأسود قبل مائة عام في إنجلترا ، واستطاعت من خلال هذا السحر أن تقتل العديد من الأشخاص الأبرياء الذين وضعهم حظهم العاثر في طريقها .. حتى استطاع أهل القرية في يوم الأيام أن ينقضوا عليها ويحاصروها .. وبعد الكثير من العنف والدماء استطاع الرجال الدخول عنوة إلى منزلها ، لكنهم لم يجدوا لها أي أثر .. لكنهم بالتأكيد لم يرتضوا أن يعودا بخفي حنين.. حيث وجدوا ابنها الصغير فأخذوه معهم و …………..

وأحرقوه !!..

فعلوا به ما لم يستطيعوا فعله بأمه الساحرة .. وقال بعضهم أن النيران حينما امتدت إلى الطفل وتعالت صرخاته ، سمعوا صوت صرخة عالية آتية من كل مكان حولهم ، وبدأ كأن السماء قد تحول لونها إلى لون الدم ..

لذلك فإن بعض الروايات التي تتناول هذه الأسطورة تقول إن ماري الدموية تظهر عندما تردد كلمات ” ماري الدموية … لقد قتلت ولدك .. ”

“Bloody Mary .. I Killed Your Baby” ..

لكن تلك ليست الرواية الوحيدة ..

البعض الآخر يقوا إن ماري تلك هي الملكة ماري الأولى ملكة إنجلترا في الفترة من 1553 إلى 1558 ، والتي يعتبرها البعض من أسوأ السنوات التي مرت بتاريخ تلك الإمبراطورية ، حيث قيل عن تلك الملكة أنها كانت تستحم في دماء العذارى حتى تحافظ على شبابها الدائم !!..

 

الرواية الثالثة أن ماري المقصودة هي ماري ملكة إسكتلندا في الفترة 1542 – 1576 .. وقد كانت تلك الملكة بالفعل مثالاً للحماقة والدموية ، حتى إنها كانت تستمع بجميع الفلاحين وشنقهم بين فترة وأخرى .. خاصة إذا كانوا أبرياء من أية تهمة ، لأن صرخات الاستغاثة في هذه الحالة تكون أقوى !!..

لقد استحقت بالفعل أن يطلق عليها التاريخ لقب ” الملكة القاتلة ” ..

أيا كانت الرواية الصحيحة .. وأيا كانت ماري المقصودة .. فإن النتيجة واحدة في النهاية .. الرعب القادم من المرآة ..

انتهي الجزء الاول

غدآ الجزء الثانى

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading