الحجيج وأيام مَعدُودات كتبت/ ناهد عثمان
الليلة السادسة
يطرُقُ المتْعَبون بابَ العشر بِلهفة الرَّجاء .. أنْ يملأَ اللهُ بالعَفو الجِرار ..
يتنَحّى سَبعون ، أو ثَمانون ، أو مِليون قَلب .. يَبكُون :
يا الله .. لا تَجعلنا رَذاذاً يَهيم في كلِّ وادِ .. لُمَ شَعثنا عَليك !
يا خَفِيّ الُّلطف ..
أدْرِك ضَيعتنا .. واجعَل نَبض الفُؤاد شَفيعاً لَدَيك !
يا ربِّ ..
طَهّرنا .. واغرِس في قُلوبنا نُوراً ( كالنُّور السّاكن في تُراب البَقيع ) !
ها نَحنُ نُفَتِّش عن أنفُسنا بين الصّفا والمَروة .. عل جَوابا يتَفجّر لنا ..
لِماذا نَتوغّل في الطِّين يا الله ! ونُبعثر الغَيث تُرسله لنا !
تأتيك الإجابة بالِغة في شَعيرة الحَجِّ في قوله تعالى { فاذْكُروا اللهَ كَذِكْرِكُم آباءكم أو أشَدّ ذِكرا } !
إذ نحنُ نشتَعل في مواسِم الشّعائر ؛ ثُمّ نَغيب في سَديم السّهو … ثم نَتلَف مِن جَديد !
والله يُريد لكَ أن تَصطَحِب الشّعيرة إلى كلِّ أيّامك ؛ مثل ما تَصطحب نَسبك حتّى المَمات !
اصحب ذكره ففيه أسرار الفردوس الجليلة ..
” أنتَ في الأرضِ هو أنتَ في السّماء ” ..
ما المعنى ؟!
المعنى أنه إذا اشتَدّ الشَّغف فيكَ في ليلِ الضّراعة ؛ حتّى تَجَلَّت علَيك الهِبات ..
ما المعنى ؟!
المعنى أنه إذا اشتَدّ الشَّغف فيكَ في ليلِ الضّراعة ؛ حتّى تَجَلَّت علَيك الهِبات ..
ورَحَلَت الشّمس في إثْرِ خُطاك .. فأنتَ أنتَ ..
لأنَّ اللهَ إذا أرادَ بعبده خيراً ؛ حبَّب إليهِ ذِكره .. حتّى يُخلّصه مِن شَظَف السّيئات !
اذكُره ..
إذ الّليل ذَرّ على صَفحة عُمرك الغَسَق !
اذكُره ..
فَهو مَن يأتيكَ بالمواسمِ ؛ كيْ تَنزع عنكَ خَفِيّ الشّوك مِن عَملك !
اذكُره ..
فَقلوب الخَلق وألسِنتهم ؛ تَلهج فِيك .. بما يَهمس به الملأُ الأعلى حَولك ويُدندنون !
اذكره ..
وانطَرِح في صَحراء فَقْرِك .. فَبِذكره ؛ تَسعى بين يَديك الحُقول !
يقول إبن القَيّم :
” لو سَمِعْتَ صَـرير أقلام الملائكـة، وهي تكتبُ اسـمك في الذّاكريـن لله ؛ لـمُت شـوقـًا ” !
يا لِحروف اسمك تُسافر في حِبر الملأ الأعلى .. فلا تُمحى بعد ذلك أبدا !
انظر إلى عبد العَزيز المقدسي كيف يَنحتُ الذكرُ في روحه ..
إذ الّليل ذَرّ على صَفحة عُمرك الغَسَق !
فَهو مَن يأتيكَ بالمواسمِ ؛ كيْ تَنزع عنكَ خَفِيّ الشّوك مِن عَملك !
فَقلوب الخَلق وألسِنتهم ؛ تَلهج فِيك .. بما يَهمس به الملأُ الأعلى حَولك ويُدندنون !
وانطَرِح في صَحراء فَقْرِك .. فَبِذكره ؛ تَسعى بين يَديك الحُقول !
” لو سَمِعْتَ صَـرير أقلام الملائكـة، وهي تكتبُ اسـمك في الذّاكريـن لله ؛ لـمُت شـوقـًا ” !
فقد كان يُراقب اللهَ في نفسه ، ويَعُدُّ زلاّته ، فَوجدها لا تُجاوِز ستّة وثلاثين زلّة ..
فقال .. لقد استغفرتُ الله – عز وجل – لكلِّ زلّة مائةِ ألف مرة !
هذا عبدٌ ؛ صَنع من الذّنب باقات فَرح مَهيب .. وفَهِم أنّ الذّنب حلقة الفراغ بَيننا وبين الله ؛ فَردَمها بالذِّكر !
وكان ابن كَمال الدَمهنوري ..
قدْ سَمَا وعلا في زمنه مِن كثرة الصلّاة على النّبي ﷺ ؛ إذْ كانَ يُصلي عليهِ في اليوم والليلة مائة ألف مرة !
عبدٌ مُحِب يُشعل مُروج الأجرِ بِشُموعٍ ؛ زيتُها يُوقَد مِن بركة النّبي ﷺ !
قال لكم { فاذكُروني } بالتّذلل .. { أذكُركم } بالتّفضّل !
قال لكم { فاذكُروني } بالتّعظبم .. { أذكُركم } بالتّكريم !
قال لكم { فاذكُروني } بِترك الأخطاء .. { أذكُركم } بأنواعِ العَطاء !
أنواع العطاء في جِنان تَنمو فيها الحَسنات ؛ مِثل زنابق في روابي أكملُ مِن خيال الوَصف ..
تَفتح يديك للذِّكر ؛ فتَنفتح فِيهما جنّتان ..
ويَغزِل لك الذّكر ؛ عَباءة العِزّ عِند المليك .. ويَصهل المَجد في مِعطفيك !
ألفَ تسبيحةٍ أو ألفان ..
ألف تَهليلة أو ألفان ؛ تُعَشّب دهور الفِردوس بِهما !
ويَشهد العُشب ؛ أنّه اعتراهُ المَطر مِن فَمٍ ذاكِر يَعبر الأرض ، وشَفتيه تَهمس بالشّوق للأجرِ المُدّخر !
الذِّكر ..
غابةُ تَغفو الأشجار فيها ؛ ثُمّ تَهتَزُّ بالياسَمين ..
إذا ذَكر الله قَلب ؛ اهتَزّت أصابعه مِن جفلة الحَنين !
فيا أسوارَ الغَيب ..
كيف تَتبدّل المَقامات وراءَكِ بالذّكر .. حتّى يَغيب رجلٌ في ظِلّ العَرش ؛ لأنّه ماتَ ولسانه مُعتَكِفٌ في مَلكوت الله !
تتفَتّق أُجور الذِّكر في المَلأ الأعلى ؛ كأنّ كلّ تسبيحة مِيلاد ألف شَمس وشَمس ..
كأنّ كلّ تَهليلة ألف يمامة ويَمامة ؛ تَشدو في أعطافِ النّعيم !
وتَخَيَّل لهذا المَعنى قول نَبِيّك ﷺ
لِبِلال : ( إنّي سَمِعتُ دُفّ نَعليَك بين يَديْ فِي الجنّة ) ..
كأنّ وَقْعَ قَدَميه في الأرضِ ؛ كانت تَتَلقى صَداها تُربة الجِنان !
مثل مَوجة .. لمْ تتَوقّف أبداً عن الاتّساع ؛ حتّى استَقَرّت على شاطِيء الجَنّة !
ثِقْ ..
أنّه لاشَيء مِن رِيحك ..
مِن أنفاسِك ..
مِن هواء كَلماتك ؛ تُبَدّده الرّيح !
ثَمّة مَعارج تَرحل فيها ألوانُ رُوحك ؛ تَلتقطها السّماء .. لِيَرتسم طَيفك دونَ زَيف .. ولِينقل جَبريل مِن ثَمّ صَوت العَليم إلى أهلِ الأرض :
( إنّي أحبّ فلان فأحِبّوه ) ..
فأنتَ في الأرضِ ؛ هو أنتَ في السّماء !
اسأل نَفسَك في هذا الزّمن المُبارك .. هل لإسمك نصيب في عالَم الملأ الأعلى ؟!
هل ذَكركَ الله ؟!
هل نَادى باسمك في السّموات و حول العَرش و قال : ( إنّي أحبّ فلُان ) ؟!
لو أنّ ذلك جَرى .. لَحُقّ لك أن يُغشى عليكَ فَرَحا !
اذْكُره كثيراً كيْ يَذْكُرك ..
واغتَنم زَمنا يُحِبّ فيه التَودّد إليه ..
فَبَعضُ الأزمان ؛ تُختَزَل فيها المَسافات ، و تَحتَرق فيها المَراحل ..
ولا يَضُرّك التَّفرّد ، فإنّ طريق العُلى قليل الإيناس !
تَرَجّل عن غَفلَتِك ..
وادلف إلى سرّ الخَزائن التي عِند رَبّك .. ” واعتَلي دَرج الصّعود المُستَِمر إلى الصّعود ” !
غافلٌ ..
هو من يَكتُب اسمه على رمْلٍ مُتُحرِّك !
غافلُ ..
هو مَن يجعل مِن عُمره ورَقاً يابِساً !
الغَفلة ..
تَكنس وُجودك ..
تَجعله في مهَبِّ السّنين !
أمّا الذّاكِرون الله ..
فأسماءهم مُعلّقة أبداً على جدرانِ الخُلود !
قدْ سَمَا وعلا في زمنه مِن كثرة الصلّاة على النّبي ﷺ ؛ إذْ كانَ يُصلي عليهِ في اليوم والليلة مائة ألف مرة !
تَفتح يديك للذِّكر ؛ فتَنفتح فِيهما جنّتان ..
ويَغزِل لك الذّكر ؛ عَباءة العِزّ عِند المليك .. ويَصهل المَجد في مِعطفيك !
ألف تَهليلة أو ألفان ؛ تُعَشّب دهور الفِردوس بِهما !
ويَشهد العُشب ؛ أنّه اعتراهُ المَطر مِن فَمٍ ذاكِر يَعبر الأرض ، وشَفتيه تَهمس بالشّوق للأجرِ المُدّخر !
غابةُ تَغفو الأشجار فيها ؛ ثُمّ تَهتَزُّ بالياسَمين ..
إذا ذَكر الله قَلب ؛ اهتَزّت أصابعه مِن جفلة الحَنين !
كيف تَتبدّل المَقامات وراءَكِ بالذّكر .. حتّى يَغيب رجلٌ في ظِلّ العَرش ؛ لأنّه ماتَ ولسانه مُعتَكِفٌ في مَلكوت الله !
كأنّ كلّ تَهليلة ألف يمامة ويَمامة ؛ تَشدو في أعطافِ النّعيم !
لِبِلال : ( إنّي سَمِعتُ دُفّ نَعليَك بين يَديْ فِي الجنّة ) ..
كأنّ وَقْعَ قَدَميه في الأرضِ ؛ كانت تَتَلقى صَداها تُربة الجِنان !
مثل مَوجة .. لمْ تتَوقّف أبداً عن الاتّساع ؛ حتّى استَقَرّت على شاطِيء الجَنّة !
أنّه لاشَيء مِن رِيحك ..
مِن أنفاسِك ..
مِن هواء كَلماتك ؛ تُبَدّده الرّيح !
( إنّي أحبّ فلان فأحِبّوه ) ..
فأنتَ في الأرضِ ؛ هو أنتَ في السّماء !
واغتَنم زَمنا يُحِبّ فيه التَودّد إليه ..
فَبَعضُ الأزمان ؛ تُختَزَل فيها المَسافات ، و تَحتَرق فيها المَراحل ..
ولا يَضُرّك التَّفرّد ، فإنّ طريق العُلى قليل الإيناس !
وادلف إلى سرّ الخَزائن التي عِند رَبّك .. ” واعتَلي دَرج الصّعود المُستَِمر إلى الصّعود ” !
هو من يَكتُب اسمه على رمْلٍ مُتُحرِّك !
هو مَن يجعل مِن عُمره ورَقاً يابِساً !
تَكنس وُجودك ..
تَجعله في مهَبِّ السّنين !
فأسماءهم مُعلّقة أبداً على جدرانِ الخُلود !
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.