العاصمة

يوميات زواج صالونات

0

كتبت : أسماء فكري السعيد علي

الزواج .. حلم كل شاب وفتاة فكل بنت منذ نعومة أظافرها وعندما يشتد عودها وتدخل

في طور البالغات وهي تحلم وترسم صورا لفارس أحلامها ذلك الشاب الذي تراه دائما

يأتي علي حصانه الأبيض ولا أعلم صراحة لماذا الأبيض بالذات ليخطفها عليه وتعيش

معه في سعادة .. وأيضا نجد الفتي يحلم بالفتاة التي تصونه وتصون بيته واسمه

بالبنت التي يجد فيها الطيبة والحنية ومعاملة خاصة له هو يفتقدها من أمه أو أخته ..

الفتاة التي يري في عينيها صورة لأبناؤه التي يحلم بانجابهم ..

وتبدأ رحلة البحث من الجهتين .. فعائلة الفتاة يتقدم لها خطابا عدة في الوقت الذي قد

تكون فيه الفتاة تعيش قصة حب مع أحد زملاؤها بالمدرسة أو الجامعة ظنا منها أنه هو

فتي أحلامها المنتظر .. أما بالنسبة للشاب فالموضوع أكثر تطورا فبعد تخرجه من

الجامعة وإلحاقه بأحد الوظائف التي تدر له دخلا يبدأ من حوله ( الذن ) واعذروني علي

الكلمة لأنه بالفعل ذن ولكن بطعم مختلف .. فتبدأ الأم تبحث عن الزوجة بين بنات

صديقاتها عن المناسبة لزوجها والتي قد تكون محببة ومفضلة لقلبها بل ومن الممكن أن

تكون قد اختارتها بالفعل منذ ولادتها .. أما بالنسبة للأخت بقي فحكايتها حكاية تبدأ في

البحث بين صديقاتها وقد ترشح إحداهما لأخيها وتلقي فيها الشعر وكل أنواع الغزل لمحاسنها ليقتنع بها الأخ ..

ويظل البحث والبحث مستمرا حتي يصل بالنهاية إلي فشل ذريع ونفور كل من الشاب

والفتاة من أفعال عوائلهم ولكن لا تراجع ولا إستسلام يظل الذن مستمرا ..

لينتقل البحث ليشمل الجيران وأصدقاء الجيران والأقارب وأصدقائهم والأحباب وحتي لو كان غريبا يسير بالشارع ..

هذا يا سادة ما يسمي ب ( زواج الصالونات ) والذي كان معتادا قديما ومعترفا به أكثر ..

فالفتاة كان أقصي طموحها أن تأخذ شهادة محدودة وتستني العدل أو ابن الحلال اللي

تحمر وجنتيها خجلا عندما تعلم بتقدم أحدهم لها وكان ليس لها طلبات ولا أوامر .. أما

الشاب فكان الأب يقول له ابن زميلي فلان وابنة عمك وهو سمعا وطاعة ويقام الزواج وهكذا ظل الحال مع أجدادنا وأباؤنا ..

ومع تطور المجتمع وخروج الفتيات والشباب لسوق العمل وزيادة الإختلاط تغيرت النظرة

لزواج الصالونات وأصبح هناك شروطا ومتطلبات للزواج .. وبالرغم من تحدثنا كثيرا عن

مشكلات زواج الصالونات إلا أنني اليوم وفي مقالي هذا لن أتكلم عن هذه المشكلات

والأزمات التي قد تواجه كل اثنين تزوجوا زواج الصالونات هذا من عدم التفاهم أو

الإختلافات في الطباع وغيرها ولكن سأتحدث عن مواقف وطرائف حدثت في هذا النوع

من الزواج لنصل في النهاية لحقيقة غاية في الغرابة وهي بالرغم من إدعاء وشكوي

الفتيات من زيادة العنوسة بينهم إلا أنهم لا يعلمون أن السبب منهم هم .. نعم هم فلقد

أصبح للفتاة طلبات عجيبة عن الحرية والمساواة والطلبات التي قد ترهق الرجل أو

تنقص من كرامته ورجولته أو تنظر لفلانة ولحال فلانة ولماذا أكون أقل ولم لا أكون أفضل .. وهكذا .
أعلم أن من سيقرأ الكلام سيقول أنني سأهاجم الفتيات محملة إياهم بالسبب وحدهم

ولكن لا فالشاب أيضا له سوءاته التي لا تغتفر ولكن هذا ما هو المعتاد من الرجال ولكن

عندما يكون التصرف من فتاة علي الغير المعتاد فهنا يجب أن أتوقف قليلا لأبحث

المشكلة وأجد لها حلولا .. وهذا هو الهدف من مقالي فأنا سأحكي فيه مواقف وطرائف

حدثت في زواج الصالونات ولهذا أسميتها يوميات زواج صالونات ..

قابلت شابا في منتصف الثلاثينيات من عمره .. شاب مثقف جدا مهذب جدا علي قدر

عالي من الخلق والتدين والعلم .. هو مهندس وله هوايات عدة بجانب الهندسة عندما

تتحدث معه ترتاح داخليا راحة توحي لكل من يراه أن يحدث نفسه قائلا ( يا بخت زوجته

به ) ولكن ما تفاجئت به أنه غير متزوج وتعب من كتر مواقفه مع الزواج لما نتج عنه أن

يقرر إضرابه وعزوفه نهائيا عن فكرة الزواج تلك لما لاقاه من مواقف مع زواج الصالونات ..
أخذني الفضول لأسأله عن الأسباب ليبدأ الحديث بيننا ليأخذني لحقيقة صدمتني بالفعل صدمتني .. فبالرغم من أني فتاة فلقد تعجبت مما يحكيه لي ..

قال .. كنت مرتبطا بفتاة لأعوام عدة وكان الجميع أهلي وأهلها يعلمون بارتباطنا وعندما

حانت لحظة تكليل هذا الارتباط بالزواج حدث الاعتراض والعجيب أنه لم يكن من أهل

الفتاة ولكن من الفتاة نفسها ففجأة اكتشفت أن هذا الشاب ظروفه المادية ومستواه

لن يناسبوا عيشتها وأسلوبها في الحياة .. أستغربت من الكلام ومازاد الأمر معي غرابة

أن الشاب يقول لم أحزن فأنا مؤمن بالقدر والنصيب ويحمد الله علي ما حدث .. ولكن ما

أحزنه ما حدث معه بعد ذلك فأخذني الشغف والفضول أكثر لأعرف باقي قصة إضرابه عن الزواج ..

أكمل حديثه قائلا .. بدأت كلا من أمي وأختي إعلان الحرب عليا باحثين لي عن عروسة

وكل مرة أوافق لأريح رأسي من الكلام وأذهب لأنصدم بفكر فتاة لا يصلح تماما ليبني منزلا سعيدا وأسرة مستقرة ..

سألته متلهفة .. لماذا ؟ .. أو مالذي دفعك لقول ذلك ؟ .. تبسم وقال اسمعي هذه الحكاية ..

في أحد المرات ذهبت لفتاة لطلب يدها وكان هذا أول لقاء بيننا ونحن نتحدث معا جا

الحديث عن عملها فأخبرتها بأنني لست ضد رغبة عملها ولكن هذا لا يؤثر علي المنزل

لأفاجئ بأننا ووفقا لمواعيدها سنتقابل في المنزل لسويعات لأن مواعيدها لا تتفق

معي وهي لا ترغب في توفيق أمورها مع ظروفها الجديدة لأنه حقها فعمل المرأة

كعمل الرجل .. حلو وجميل لكن برده بيت المرأة ومستقبل أسرتها أهم ..

في موقف آخر .. كنت أيضا للمرة الأولي أجلس مع الفتاة لتخبرني أنها لن تكون مثلا

قادرة علي ايقاظي باكرا لعملي فأنا من سأوقظ حالي وأفطر نفسي وأنزل تاركا إياها

نائمة لأنها لا تعتاد علي الإستيقاظ مبكرا وبالنسبة للطعام فلنأتي به من الخارج ديليفري لأنها لا تحب المطبخ ..

وأخري تقول لي أنها لا تستيقظ مبكرا لأن مواعيد عملها متأخرة وستأتي بعد ميعاد

عودتي من عملي بحوالي ساعتين أو ثلاثة فأنا من سيجهز الغداء ومن يقوم بتسخينه

حتي عودتها .. الله هذا جميل .. غير أن شغل البيت سيكون مناصفة فأنت تعمل مثلي تماما

وأخري وأنا أتحدث معها أجد والدتها تلتقط هاتفي الجوال وتقلب في صفحاته وتسألني

عن أمور شخصية ليس لأحد دخل بها لتشترط بعد ذلك شروطا لا يقبلها رجل علي حاله عن حرية ابنتها وخروجها ولبسها وهكذا ..

وأخري جلست معي لتقول لي أنها لا ترغب في الزواج لأنها لا تحب الرجال ..
وأخري ……. وأخري ……… وأخري

لأتسائل مع نفسي وأنا أنصت له لماذا إذا نشتكي ونحزن لانتشار العنوسة بين الفتيات

.. فبالرغم من هجومنا علي الأهل وطلباتهم المرهقة للشاب التي تعجزه عن الزواج

وجدت أن السبب ليس هذا وحيدا ولكن أن الحقيقة هي المغالاة في حرية الفتاة

ونسياها أمر الله للفتاة بطاعة زوجها والمحافظة عليه وبره وأنه من أهم حقوقه إطعامه والعمل علي راحته ومعاونته علي مواجهة مر الحياة ..

وسؤالي الآن الذي أوجهه لكل فتاة وأوجهه لحالي أيضا .. كيف بالله عليكم جميعكم

تحلمون بالفستان الأبيض ولا تحاولون الإلتزام بالمعايير لن أقول المجتمعية بل الدينية

لترتدوا هذا الفستان .. أيتها الفتاة هل الشروط والقواعد التي تمليها علي من يتقدم

لخطبتك سترضين بمثلها لو أملتها فتاة مثلك علي أخيكي ..

أيتها الفتاة لا أقول لكي تنازلي عن حقوقك ولا تتراجعي عن مبادئك ولكن تذكري أنه مثلما لكي حقوقا فعليكي واجبات كزوجة وأم وأخت وحبيبة .

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading