العاصمة

مختار جمعة يتحدث عن الحضارة في الاسلام

0

اسلام محمد

في هذه اللحظات الفارقة من تاريخ أمتنا نحتاج إلى إبراز الصفحات المشرقة النقية والجوانب والمعاني

الحضارية لديننا السمح وشريعتنا الغراء ، سواء فيما يتصل بعمارة الدنيا بالدِّين ، وبيان أن الأديان هي فن

صناعة الحياة لا صناعة الموت ، وأن مهمتها البناء لا الهدم ، والعمران لا التخريب ، والإصلاح لا الإفساد ، أم

فيما يتصل بترسيخ أسس التسامح الديني والتكامل الحضاري وترسيخ أسس العيش المشترك بين بني

البشر جميعا على أرضية إنسانية خالصة ، وإحلال ثقافة السلام محل ثقافة الاحتراب ، وخطاب السلام

محل خطاب الكراهية ، حيث يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) في خطبة حجة الوداع المباركة ، في

ترسيخٍ غير مسبوق لأسس احترام إنسانية الإنسان ، وحرمة دمه وماله وعرضه: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ

وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا

أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى ” (حديث صحيح) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) أيضا : ” إنَّ دِماءَكُم،

وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا ، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت”

(متفقٌ عَلَيهِ) ، أم فيما يتصل بإكرام الإسلام للمرأة وإنصافها وعدم التمييز بينها وبين الرجل ، حيث يقول

نبينا (صلى الله عليه وسلم) : من كانت له أنثى فلم يئدها ولَم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة

“(رواه أبو داود) ، ذلك مع العمل الجاد والدءوب على إعلاء شأن القيم الإنسانية والأخلاقية ، واحترام

الإنسان كونه إنسانا كرمه الله (عز وجل) على إطلاق إنسانيته ، فقال سبحانه : ” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ” (الإسراء : 70) ، مما يلفت نظرنا إلى ضرورة البحث في المعاني والقيم الإنسانية المشتركة ، بما يخدم السلام المجتمعي ، والسلام الإنساني ، ويبرز الوجه الصحيح لديننا العظيم ، ويغلق منافذ الشر والانحراف والتأويلات الفاسدة أو المغرضة في وجوه المتشددين والمتطرفين والمتاجرين بالدِّين على حد سواء ، فمصيبة الإسلام في الجاهلين والمتنطعين لا تقل عن مصيبته في الإرهابيين والمتطرفين ، فكلاهما عبء ثقيل على الإسلام والمسلمين ، ومن ثمة تأتي أهمية العمل على تصحيح المسار وقطع الطريق على العملاء والمأجورين والدخلاء وغير المتخصصين من خلال إبراز وتبني رؤى العلماء المتخصصين المستنيرين المعتبرين .

ومن أهم مرتكزات المعاني الحضارية في الإسلام : معاني الرحمة بالفقير والضعيف والمسكين ، والسعي في قضاء حوائج المحتاجين ، وفك كرب المكروبين ، وإغاثة الملهوفين ، والسعي في قضاء حوائج الناس بهمة عالية ، ولا سيما مع الضعفاء والمستنجدين ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلا بِضُعَفَائِكُمْ ” (رواه البخاري) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” لَيْسَ مِنْ نَفْسِ ابْنِ آدَمَ إِلا عَلَيْهَا صَدَقَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ ” ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمِنْ أَيْنَ لَنَا صَدَقَةٌ نَتَصَدَّقُ بِهَا ؟ فَقَالَ : ” إِنَّ أَبُوَابَ الْخَيْرِ لَكَثِيرَةٌ : التَّسْبِيحُ ، وَالتَّحْمِيدُ ، وَالتَّكْبِيرُ ، وَالتَّهْلِيلُ ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهِيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ، وَتُسْمِعُ الأَصَمَّ ، وَتَهْدِي الأَعْمَى ، وَتُدِلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ ، وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ ، وَتَحْمِلُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ ، فَهَذَا كُلُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ ” (صحيح ابن حبان)

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading