العاصمة

“على باب السّماء ” قصيدة الشاعر حسن منصور

0

كتب لزهر دخان
قد يختار الإنسان كلماته في شهر رمضان ليقابل بها وجه ربه . متطهرا من ذنبه تائبا من شكه . تعبا من شبعه راكنا إلى الراحة من شدة جوعه . وقد لا يختار الكلام ويترك للسانه حرية اللهج بين يدي ربه خوفا وطمعا. وقد يلجأ إلى حل أخر يتمثل في إقتباس أقوال لحكماء وشعراء وعلماء ومياشيخ ورسل وأنبياء . يجعلها وسيلته في الوصول إلى غايته المتمثلة في التمكن من التوبة النصوح في شهر التوبة والغفران . وكي أساعدكم سادتي المؤمنين القراء في مثل هذه المهمة. أضع بين يديكم قصيدة صديقي الشاعر حسن منصور . فربما تكون مفاتيحها الرحمانية خير هدي إلى قلوبكم .
النص بعنوان على باب السماء:
على عَـتَـباتِ بَـيـتِـكَ جـئْـتُ أجْـثـو || رَجَـوتُ، فَـهـلْ يُخَــيَّـبُ لِي رَجـاء
أنــا واللهِ مـا اعْــتـدْتُ الـتّــرَجّـــي || ولا طَـــبْـعـي الــتّـذَلُّــلُ والــبُـكاءُ
ولــكـــنّي أتَـيــتُـــكَ بـعـــدَ يــــأْسٍ || ومِــنْ هَــمّي يَضـيـقُ بِيَ الفَــضاء
رَمـانِي الْخـوفُ والْجـوعُ ابْـتـلانِي || فــمـا الــباقِي لِيــكْـتَـمــلَ الـبَـــلاء؟!
جَـباناً عِـشْـتُ يَـنْـهَــشُـني عَــدوّي || بِـمِـخْــلــبِـه ويَـفـــعــلُ مــا يَـشـاء
ولَقّـــنَـني الْخُـضـوعَ كِــبارُ قـوْمي || رجــالٌ هُـــمْ عـــلـيَّ الأوْصِــيـاء
وكانَ عـليَّ أن أُبْـدي خُـــضوعـي || كأنَّ بِــذاكَ قـــد حَـــكــمَ القَــضــاء
عَــدوّي بـاتَ يَعــرِفُــني ضَعــيـفاً || ويعـــرفُ كـــيـفَ ربّـانِـي الـــوَلاء
ويعــرفُ كـيفَ يَقْـمَعُـني (إِمامي) || إذا مــا لاحَ فــي رأْيي اصْـطِــفــاء
عَــلــيَّ بـأنْ أُسَــــبِّــحَــهُ دوامــــاً || لِيُـقْــنِـعَـهُ سُــجــودي والــدُّعـــــاء
وأنّي أحْـفــظَ الكلِــمـاتِ حِــفْـــظــاً || لــكيْ أحْـــظى بِــأنّي بــبَّــغـــــــاء!
وأنّي لـسْـتُ مُــبْـتـدِعــــاً لِـقَــــوْلٍ || ولا نـقْــــدٍ ولا عِـــــنـدي مِــــراء
فَـيَـتـرُكَني أُفـتِّــشُ عــن رَغــيـفٍ || أطــــــارِدُهُ إذا بَـــزَغَ الـضّــيــاء
ولـكِــنّي رَغــــــيــفي مُسـْــتَـديــرٌ || فَــأُبْـصِــرُهُ يُـدَحْـــرجُـــهُ الْمَـســاء
رَغــيفي كالإِطارِ مَـضى حَـثـيـثـاً || فَــلا نَصَـبٌ يُـعــــيـقُ ولا عَـــــيـاء
ألا مِــنْ أيـنَ لــي جِــســمٌ قَـــويٌّ || وخَـــطــــوٌ ثـابِــتٌ فــيـه اسْـــتِـواء
فصَـيْدُ الْخُــبْزِ يُغْـريـني ِلأَجْـري || كَـمــا قــد أغْــرتِ الأُسْــدَ الظّــــباءُ
تَعـــبَّـدَنِي على رُغْــمي رَغـيفٌ || أنــا عَـــــبْــدٌ ولـيـــسَ لَـــه جَــــــداء
وكِــدْتُ أَمـوتُ مِـنْ كَــمَـدٍ وهَـــمٍّ || لأنّ الــيـــأسَ فــي الأضْـــلاعِ داءُ
ولكـــنّي لَمَـحْــتُ وَمــيـضَ نَجْــمٍ || عَــلى لُـجَـــجِ الظّــلامِ لــه سَــــناء
فَـطِــرْتُ إلـيــهِ مـلْـهــوفـاً لَـعــلّي || أرى نـوراً بـــه قـــد يُــسْــتَــضــاء
فــمـا أبْصَـرْتُ إلاّ فَــيْـضَ نـــورٍ || بــهِ قــطَـــراتُ مــــــاءٍ أوْ دِمـــــاء
تَـخَـضَّـبـتِ النُّجـومُ فـقـلتُ: ماذا؟ || فـقــالتْ: نَحــنُ في عُـــرْسٍ نِســـاء
فقـلـتُ: ومَــنْ عـريسُ الْـمَـجــدِ هـذا الـذي خَـفّــتْ لِـمَــقْــدَمِـهِ السَّــمـاء؟!
فـقالتْ: كـيفَ تسألُ عـن حَـبـيـبٍ || عـلى الأرْضـيـنَ لـيْـسَ لــه كِـفـاء؟
شَـهــيدٌ جــاءَ يَحْــمِـلــهُ جَــنــاحٌ || مِـــنَ الأنْــوارِ يَسْــبِـقُــهُ احْــــتِـفـــاء
ونَحــنُ لهُ عـرائِـسُ ســـاهِـــراتٌ || لــهُ فـــيـنـا انْـتِــســابٌ وانْـتِـمـــــاء
وأمّـا أنـتَ فَـارْجِــعْ عَــنْ سَــمـانا || فَـمـــثْـلُـــكَ لـيسَ يُـمْــكِـــنُهُ ارتِـقــاء.
فـعُـدْتُ أزورُ بـيْـتـكَ مــن جَــديدٍ || لـعـــــلَّ بـــه يـكـــونُ لِــيَ الــــدَّواء
فَـيُــشْفي الـنّـفــسَ مِـنْ يـأْسٍ وجُـبْــنٍ وشَــــكٍّ عــاشَـهُ قـــلــبٌ هَــــــواء
فـقُـلْ لِي كـيْـفَ تَـقـتَـحِـمُ الْمَـنـايـا || وهَــلْ فـيها لِـمَـنْ صَـدِيَ ارْتِـــــواء؟
سَمعْتُ جوابَ روحِكَ في الأَعالِي|| نعـــمْ! فـيـهـا عَــنِ الــدُّنْـيـا غَــــنـاء
كَـفــاكَ بِـأنْ تُـغـــادِرَها عَــزيـزاً || إِلى دارٍ يَــــدومُ بِـهـــــا الـبَــقـــــــاء.
**************************************************
الشاعر حسن منصور
من المجموعة التاسعة، ديوان (في دائرة المعنى) ط2 – دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع – 2014م- ص65

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading