العاصمة

حين غابت الثقافة بكل أنواعها .. هبط علينا الإرهاب بكل أنواعه

0
بقلم الكاتبة / أميمة العشماوى
يبدو أن الغرب قرر أن يترك العرب غارقين فى
مستنقع الإرهاب والدم ولم تعد لديه الرغبة فى أن يشارك فى مواجهة هذه الكارثة مستندا إلى أن
الإرهاب كان صناعة عربية وعليه أن يصفى نفسه بنفسه فى الأرض التى خرج منها .
أصبح من الواضح الآن أن الغرب ينسحب الآن من كارثة الإرهاب تاركا العالم العربى يواجه محنة
الإنقسام بين المذاهب والعقائد والأفكار وقد تحولت إلى حروب أهلية بين أبناء الشعب الواحد .
ولايغيب على أحد اليوم أنه حين جاء الغرب ليشارك فى ضرب قوى الإرهاب دمر أوطانا
بالكامل ولم تعد القضية التخلص من الإرهاب ولكنها فى الحقيقة وسيلة للتخلص من الأنظمة
والجيوش والمؤسسات وكل مايتعلق بشئون الدول ولهذا وجدنا أمامنا أشلاء دول دمرت الحرب كل
مافيها .
نحن الآن أمام مواجهة عسكرية دامية مع الإرهاب
فى كل مكان وهنا سؤال ؟
أين تتجه حشود الإرهابيين من العراق وسوريا
واليمن وليبيا فهذه هى الخلايا العنقودية للقاعدة وداعش وتوابعهم ؟ وهنا علينا أن نبحث عن
الأسباب التى مهدت لظهور هذه المحنة فى بلدنا مصر . إن مصر وجب عليها الآن أن تعيد الثقافة
وتقوم بتحديثها بالدين الصحيح والفكر الواعى والحوار المترفع ومن هنا من الصعب أن يغزو
أرضها فكر الإرهاب المتطرف فحين فرطت مصر فى دورها الثقافى كان من السهل أن تلتف حولها
خفافيش الظلام التى تحمل فكرا مشوها وثقافة مريضة وللأسف الشديد خرجت من بيننا تيارات
شجعت التخلف وملأت العقول ظلاما وكان الناتج من هذا كله إنطلاق حشود الإرهاب والتطرف فقد
كانت الساحة خالية لها وهنا لابد أن نعترف بأننا مقصرون فلم يكن الإرهاب صناعة مصرية ولكننا
مهدنا له الطريق ولم يكن الفكر المتطرف من دعائم ومقومات العقل المصرى فنحن شعب عاش
بالتسامح طوال حياته ول يكن الدم مشهدا يوميا فى ربوع مصرنا لأنه فى النهاية دم برىء محرم فى
كل الأديان والعقائد .
أقول إن قضية الإرهاب قضية فكر قبل أن تكون
قضايا أمن وإذا لم ننتبه لذلك ونقوم بتصحيح وضعنا الفكرى والثقافى بجانب المواجهات الأمنية
فلن ينتهى الإرهاب وسوف نفاجأ كل يوم بضربات إرهابية فى كل مكان وفى كل وقت فالحلول
الأمنية وحدها لن تقلع جذور الإرهاب أيضا المجتمع كله مطالب بواجهات فكرية وثقافية
ودينية يبدأ بالأسرة والمدرسة وينتهى بالمسجد والإعلام فالمواجهة مع حشود الإرهاب يجب أن
تسير فى إتجاهين مقاومة بالأمن ومقاومة بالفكر فالفكر الدموى المتطرف لاتواجه إلا بالثوابت
الفكرية الذى قام عليها بناء العقل السليم فقد تسلل الإرهاب إلى عقول المصريين حين غاب
الفكر الواعى وتسلل العنف حين غاب الحوار التثقيفى الصحيح بين الأجيال وقبل هذا كله حين
فقدت مصر دورها الثقافى خسر المصريين الكثير والكثير أخيرا أقول أعيدوا لمصر وجهها الثقافى
المتحضر ولن تجدوا فيها مكانا للخفافيش .

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading