“قصر الأمير طاز” يشهد مناقشات بيت العائلة المصرية حول التغيرات المناخية وآليات المواجهة
علاء حمدي
عقدت لجنة الشباب المركزية ببيت العائلة المصرية برئاسة الأستاذ الدكتور مسعد عويس، ومقررها المساعد جناب القس أرميا مكرم، ندوة بعنوان “التغيرات المناخية وآليات المواجهة” مساء أمس الأحد، بقصر الأمير طاز، وذلك بالتعاون مع قطاع صندوق التنمية الثقافية برئاسة المعماري حمدي السطوحي مساعد وزير الثقافة للمشروعات الثقافية والفنية.
تحدث في الندوة الاستاذ الدكتور عبدالمسيح سمعان أستاذ الدراسات البيئية بجامعة عين شمس ورئيس لجنة التعليم ببيت العائلة المصرية، والأستاذة الدكتورة أميرة جمال أستاذ الطب الوقائي ورئيس قسم الصحة العامة بجامعة قناة السويس، والدكتور أحمد الشامي مستشار النقل البحري وخبير اقتصاديات النقل ودراسات الجدوى، والدكتور مصطفى الشربيني سفير ميثاق المناخ الأوروبي في مصر لدى المفوضية الأوروبية والأمين العام للاتحاد الدولي لخبراء التنمية المستدامة.
أدارت اللقاء الناقدة الأدبية الدكتورة ناهد عبدالحميد عضوة لجنة الشباب المركزية ببيت العائلة المصرية، ومدير ومؤسس ملتقى الهناجر الثقافي بوزارة الثقافة، والتي رحبت في مستهل كلمتها بالحضور والمنصة الكريمة، قائلة، إن موضوعنا في هذا اللقاء الذي أحسبه من اللقاءات المتميزة، وذلك لتميز المتحدثين كل في مجاله، والموضوع بالغ الأهمية، لأنه من القضايا الشائكة والأكثر إلحاحا في السنوات الأخيرة ألا وهي قضية التغيرات المناخية.
وتابعت: أن التغير المناخي بيمثل خطر، ولكنه لا يهدد دولة واحدة بعينها او حتى قارة او إقليم، ولكنه خطر يهدد الكرة الأرضية كلها والبشرية جميعها، فكل واحد فينا بيستشعر هذا الخطر، ويبدو لنا في الأفق وليس من بعيد، لكن عن قرب، أن الجغرافيا تحاول أن تعيد لنا كتابة التاريخ بل وتحاول أن تصنع لنا بوصلة جديدة للحياة، اذ لم ننتبه لما تقوله لنا الطبيعة، فجميعنا يشعر بارتفاع درجات الحرارة سنة تلو الأخرى في فصل الصيف، وأيضا نستشعر بالبرد الشديد في فصل الشتاء، ونقرأ ونشاهد موجات برد قارس في بلاد جوها بالأساس حار، وأيضا درجات حرارة شديدة في دول جوها بالأساس بارد، يعنى درجات حرارة متفاوته سواء بالارتفاع أو الانخفاض شاهدنا سيول فيضانات وجفاف، ومن خلال هذا اللقاء نطرح العديد من التساؤلات: ماذا نحن فاعلون مع التغيرات المناخية؟ ومعني الاحتباس الحراري والانبعاثات الحرارية؟ هل نحن بحاجة إلى بعض التشريعات او تعديل بعضها من أجل مواجهة التغير المناخي ؟ وماهي آليات المواجهة؟ وغيرها من الأسئلة التي يجيب عنها المتحدثون خلال اللقاء.
من جهته تناول الدكتور عبدالمسيح سمعان، أستاذ الدراسات البيئية بجامعة عين شمس ورئيس لجنة التعليم ببيت العائلة المصرية، مفهوم التغير المناخي أنه اختلال في الظروف المناخية المعتادة كالحرارة، وأنماط الرياح والمتساقطات التي تميز كل منطقة علي الأرض، وأيضا العوامل المؤثرة في التغير المناخي، التي تنقسم إلى عوامل طبيعية كالعوامل الفلكية – النشاط الشمسي، والعوامل البشرية، التي تؤثر النشاطات البشرية في التغير المناخي يسبب: زيادة تركيزات بعض الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز ….الخ، التي تعرف بالغازات الدفيئة أو غازات الصوبة بسبب النشاط البشري وبخاصة النشاط الصناعي فيما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري، وتزايد الغبار الجوي ودور الغبار في الجو معقد، فهو يعكس أشعة الشمس ويمتص بعضها ثم يبدأ بعد ذلك في أشعاع الحرارة “تبلغ نسبة الغبار في الريف النظيف 100 جزء في كل سم٣ بينما ترتفع إلي عدة ملايين جزء في كل سم ٣ من هواء المدن وخاصة المدن الصناعية والمزدحمة بالسكان”، والقطع الجائر للغابات والتغيرات في استخدام الأراضي وما يتبعه من تأثيرات لزيادة درجات الحرارة.
وأوضح سمعان، أن وصف ظاهرة الاحتباس الحراري تتمثل في غاز ثاني أكسيد الكربون وهو غاز شفاف تماماً بالنسبة للضوء المرئي لذلك يمر فيه ضوء الشمس بسهولة ليصل إلي الأرض، والاشعاعات المنعكسة تكون طول موجاتها أطول من موجات الضوء المعتاد “الساقط” وهي بذلك لا تستطيع أن تمر في غاز ثاني أكسيد الكربون، ويترتب علي ذلك أن غاز ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى الغازات الأخري “السابق الإشارة إليها” تقوم بحجز جزء من الطاقة الحرارية المنبعثة المنعكسة من سطح الأرض ويحتفظ بها داخل الغلاف الجوي مانعاً بذلك تبدد حرارة الأرض إلى الفضاء الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع درجة حرارة الأرض عن معدلها الطبيعي.
وأشار سمعان إلى أساليب الحد من التغيرات المناخية تتضمن 3 مستويات، فعلى المستوى الدولي يشمل الالتزام بما تم توقيعه والاتفاق عليه في الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية وبخاصة مجالات تقليل انبعاثات الكربون والتوسع في إنتاج واستخدام الطاقات الجديدة والمتجددة. أما على المستوى الوطني: تشمل استخدام تكنولوجيات حديثة في الصناعة واستخدام الفلاتر، والتوسع في بدائل جديدة بالطاقة: الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها كذلك الاتجاه إلي طاقة الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، والحد من استخدم المبيدات في الزراعة، والحد من قطع وإزالة الاشجار والتوسع في المساحات الخضراء. فعلى المستوى الفردي: يتضمن خفض استهلاك الطاقة وترشيدها، وخفض استهلاك المياه وترشيدها، والاستخدام المستدام للاجهزة الكهربية، وزراعة الأشجار والنباتات في الشرفات والمنازل، والادارة السليمة والمتكاملة للمخلفات، وتغيير أنماط الاستهلاك، وضبط محرك السيارة.
وعن التغيرات المناخية وتأثيراتها المتوقعة خلال القرن الحالي والحلول، قال الدكتور أحمد الشامي، مستشار النقل البحرى وخبير إقتصاديات النقل ودراسات الجدوى، إنه من منتصف القرن السابق وتحديدا بعد إنتهاء الحروب العالمية الأولى والثانية تسارعت الدول في التنمية للسيطرة على الاقتصاديات العالمية، وكانت النتيجة ما بدأ الاحساس به من التغيرات المناخية، لكن عموم البشر – اعتقد أم تغير نمط المناخ مرتبط فقط بارتفاع وانخفاض درجات حرارة الجو الخارجي، والواقع هو أكبر من ذلك بكثير التغيرات المناخية النتاتج من انبعاثات الكربون وعناصر أخرى أدت إلى تغير النمط، فارتفعت درجة حرارة الأرض بشكل متسارع والإثر نتيجة ذلك هو نقص مواد الغذاء والمياه وذيادة ظاهرة الإحتباس الحراري نتيجة ارتفاع نسبة الكربون في الجو ما يعادل ضعف النسبة الطبيعية منذ بدء الخليقة.
وتابع: والأثار التي تنشأ عنها ذوبان القمم الجليدية واتفارع منسوب مياه البحر وذيادة دراجات حرارة الجو مما يتسبب في القضاء على العديد من الزراعات وإنقراض بعض الكائنات البحرية وزيادة مساحة التصحر الأمر الذي ينذر بزيادة الشح والفقر المائي والمياه هى أهم عناصر الحياة للكائنات الحية بأنواعها وبلا شك الاقتصاد العالمي ستأثر بشدة.
وأضاف الشامي، أن الحلول الدولية والحلول بمصر الأمم المتحدة تسعى لإيجاد العديد من الضوابط والمعايير للإتجاه نحو تخيف أثار التغيرات المناخية، لذا تسعى لتنمية الاقتصاد الأخضر ومؤخرا الإقتصاد الأزرق وتحسين البيئة، وحرصت الأمم المتحدة أن تخصص بند واضح من بنود التنمية المستدامة لحماية كوكب الأرض والبشر واتجهت القيادة السياسية بمصر من 2014 بالعمل على ايجاد الحلول المستقبلية للعمل على محاور متعددة للتوازن بين الحفاظ على ثروات ومقدرات الوطن والحفاظ على سلامة وصحة شعب مصر واتخذت كافة الاتجاهات في تنمية الاقتصاد البيئي.
وواصل: أن مساعى الدولة للتوعية وفى إطار ما تقوم به الدولة من نشر الوعي وتثقيف أهل مصر تقام العديد من المنتديات والندوات ولا تطالب أهل مصر إلا بطلبات بسيطة تتلخص فيه تعديل سلوكيات الحفاظ على المياه وعدم استخدامها دون ترشيد، وزيادة مساحة الرقعة الخضراء في محيط السكن، والتخفيف من التنقل دون هدف أو مسعى محدد، وترشيد الاستهلاك والحد من الفاقد من الطعام، وترشيد الاستهلاك في استخدامات الطاقة “الكهرباء، والغاز، والوقود، والمياه”، وجميعا لدينا الثقة في شعب مصر وأهلها أن نتجاوز ما تمر به الدولة من أزمات على يقين أن أهل مصر يحبون مصر الجميلة وأن شعبها يقبل التحدي.
من ناحيته قال الدكتور مصطفى الشربيني سفير ميثاق المناخ الأوروبي في مصر لدى المفوضية الأوروبية والأمين العام للاتحاد الدولي لخبراء التنمية المستدامة: تقيس البصمة الكربونية إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي التي يتسبب فيها فرد او منظمة او حدث او منتج بشكل مباشر او غير مباشر، ويتم قياس هذه الانبعاثات بالأطنان المكافئة من ثاني أكسيد الكربون (CO2e)، مما يساعد في تصور التأثير البيئي على نحو يشبه البصمات المادية على الشاطئ – فقط هذه تساهم في الانحباس الحراري العالمي وتغير المناخ، ويمكن تطبيق حساب البصمة الكربونية على العديد من الكيانات، بدءًا من أنماط الحياة الشخصية وحتى العمليات التجارية والمنتجات.
وتابع: فيما يلي كيفية تقييم البصمات الكربونية المختلفة: وتشمل البصمة الكربونية للمنازل والمكاتب استهلاك الطاقة للتدفئة والتبريد والكهرباء وإنتاج النفايات وعادات النقل لدى شاغليها، ويمكن أن تتراوح الأدوات المستخدمة لحساب هذه البصمة من الآلات الحاسبة البسيطة عبر الإنترنت إلى عمليات التدقيق التفصيلية، حيث يتم تحويل المدخلات مثل فواتير المرافق وبيانات النقل إلى أرقام مكافئ ثاني أكسيد الكربون، فإن حساب البصمة الكربونية للشركات يعد خطوة بالغة الأهمية لفهم تأثيرها البيئي والتخفيف منه، ولا تساعد هذه العملية الشركات على تحمل قدر أكبر من المسئولية البيئية فحسب، بل إنها تتماشى أيضًا مع المطالب المتزايدة من جانب المستهلكين والجهات التنظيمية للممارسات المستدامة. ويشمل تقييم البصمة الكربونية للشركة الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة، والتي تشمل مجموعة واسعة من الأنشطة من العمليات التشغيلية إلى تأثيرات سلسلة التوريد اللاحقة.
وواصل: الانبعاثات المباشرة هي تلك التي تنبعث من الشركة من مصادر تسيطر عليها الشركة أو تمتلكها، ويشمل ذلك الانبعاثات من عمليات التصنيع والمركبات المملوكة للشركة وأي عملية مباشرة أخرى تنبعث منها غازات دفيئة ، على سبيل المثال، قد تطلق شركة تصنيع ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية الإنتاج نفسها، أو قد يكون لدى الشركة انبعاثات من تدفئة وتبريد مبانيها، وغالبًا ما يكون حساب الانبعاثات غير المباشرة أكثر تعقيدًا، ولكنها ضرورية لفهم شامل للبصمة الكربونية للشركة، ترتبط هذه الانبعاثات بممارسات الشراء التي تتبعها الشركة، مثل الكهرباء التي تشتريها الشركة وتستخدمها، وعلى الرغم من أن الانبعاث الفعلي يحدث في محطة الطاقة، فإن الشركة مسئولة عن هذه الانبعاثات لأنها تستهلك الطاقة، بالإضافة إلى ذلك، تشمل الانبعاثات غير المباشرة النقل والتوزيع، سواء في المنبع “المتعلق بالمواد الخام والخدمات اللوجستية الواردة” أو في المصب “المتعلق بالتوزيع واستخدام العملاء”، كما تلجأ العديد من الشركات إلى مستشارين بيئيين يمكنهم تقديم تقييمات واستراتيجيات أكثر تخصيصًا للحد من الانبعاثات، ويمكن لهؤلاء الخبراء المساعدة في التعامل مع تعقيدات المحاسبة الكربونية، وخاصة في الحالات التي قد لا تأخذ فيها البرامج القياسية في الاعتبار المتغيرات الخاصة بالصناعة أو حيث تكون هناك حاجة إلى المشورة الاستراتيجية لدمج الاستدامة في العمليات التجارية.
وأشار الشربيني إلى أن فوائد تحليل البصمة الكربونية، تتضمن فهم النطاق الكامل للانبعاثات لا يساعد الشركات على تقليل تأثيرها البيئي فحسب، بل يساعد أيضًا في تحديد تحسينات الكفاءة التي يمكن أن تؤدي إلى توفير التكاليف، بالإضافة إلى ذلك، أصبحت البصمة الكربونية الموثقة جيدًا بمثابة مؤشر متزايد على المسئولية المؤسسية، مما يعزز سمعة العلامة التجارية والقدرة التنافسية في السوق.
أما بالنسبة إلى المنتجات، فإن حساب البصمة الكربونية لمنتج ما هو عملية شاملة تتطلب تحليل دورة حياة المنتج بالكامل، من استخراج المواد الخام إلى التخلص منها. هذه الطريقة، المعروفة باسم تقييم دورة الحياة “من المهد إلى اللحد”، ضرورية لفهم التأثير البيئي الإجمالي لمنتج ما، فإن عملية إجراء تقييم دورة الحياة دقيقة وتتطلب بيانات مكثفة، وتركز على تحديد كمية انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري في كل مرحلة من مراحل عمر المنتج.
وأكد الشربيني، أن التحديات في حساب البصمة الكربونيةعلى الرغم من النهج الموحد لقياس البصمة الكربونية، لا تزال هناك العديد من التحديات، منها: جمع البيانات: التحدي الأكبر هو الحصول على بيانات دقيقة وشاملة، والتي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على موثوقية حسابات البصمة الكربونية. وتعريف نطاق الانبعاثات: قد يكون تحديد الانبعاثات التي سيتم تضمينها في التقييم معقدًا، وخاصةً عند تحديد الانبعاثات غير المباشرة المتعلقة بالخدمات والسلع التي لا تنتجها الكيانات التي يتم تقييمها بشكل مباشر.
قضايا التوحيد القياسي: إن الافتقار إلى منهجيات موحدة يمكن أن يؤدي إلى تناقضات في حسابات البصمة الكربونية، مما يجعل المقارنات صعبة، والانبعاثات غير المباشرة: غالبًا ما يتطلب تقدير الانبعاثات من المصادر غير المباشرة افتراضات قد لا تكون دقيقة دائمًا، مما يؤدي إلى عدم دقة محتملة في حساب البصمة.
البصمة البيئية الأوسع ورغم أن البصمة الكربونية تشكل مقياساً بالغ الأهمية، فإنها تشكل جزءاً من البصمة البيئية الأوسع نطاقاً، والتي تشمل أيضاً عوامل مثل استخدام المياه والأراضي، والسمية، والتأثيرات على التنوع البيولوجي، ويوفر فهم البصمة البيئية الكاملة صورة أوضح للتأثير الإجمالي للكيان على كوكبنا.
من جهتها تحدثت الدكتورة أميرة جمال أستاذ ورئيس قسم الصحة العامة وطب المجتمع وطب البيئة وطب الصناعات، عن التدخين وتأثيره على التغيرات المناخية وذلك عن طريق حساب البصمة الكربونية والبصمة المالية لصناعة سيجارة واحدة والانبعاثات الخاصة بثاني أوكسيد الكربون والغازات الدفيئة لتدخين السيجارة وتصنيعها، وكذلك عدد الأشجار المطلوب استخدامها في التصنيع ومشاركة ذلك في زيادة التصحر، وكذلك تأثير القاء أعقاب السجائر على التغير المناخي نتيجة استخدام البلاستيك في تصنيع فلتر السيجارة.
كما تناول المحور الثانى للقاء دورالمرأة في تدوير المخلفات المنزلية واستخدامها مرة أخرى داخل المنزل وفصل المخلفات قبل إرسالها للتدوير.