كيف توسعت روسيا
إيمان العادلى
هل تعلم ان روسيا الأصلية هي فقط المنطقة الخضراء في الصورة عام 1462م أما جميع الأراضي الأخرى فهي أراضي قام بإحتلالها الروس، وأغلبها كانت تحت سيطرة المسلمين سكانها الأصليين ، من المغول والتتار والترك و غيرهم من الشعوب الأخرى. …
يُعتقد أن أول وصف للروس في التاريخ المكتوب هو الوصف الذي دوّنه الرحالة العربي أحمد بن فضلان، في رسالته عن رحلته في 921 م ، مع سفارة الخليفة المقتدر بالله إلى ملك بلغار ال فولغا الذين كانوا قد أسلموا حديثاً. وهو يقدم مشاهداته المباشرة عن هؤلاء «الروس» الذين ربما كانوا من ال فايكنج الذين استوطنوا نهر ال فولغا بمزيج من الإعجاب والاستغراب والتقزز لعاداتهم التي لا تتفق إطلاقاً مع تقاليده الإسلامية. فهو لم ير «أتم أبداناً منهم كأنهم النخل، شقر حمر، مع كل واحد منهم فأس وسيف وسكين لا يفارقه». لكنهم «أقذر خلق الله، لا يستنجون من غائط أو بول، ولا يغتسلون من جنابة، ولا يغسلون أيديهم من الطعام، بل هم كالحمير الضالة، يجيئون من بلدهم فيرسون سفنهم بآتل، وهو نهر كبير، ويبنون على شطه بيوتاً كباراً من الخشب».
هؤلاء المحاربون الأشداء والأجلاف لن يلبثوا أن يعتنقوا المسيحية الأرثوذكسية بعد رحلة ابن فضلان بقليل تأثراً ببيزنطة، ويؤسسوا لأنفسهم دولة توسعية على ضفاف نهرالفولغا مع عاصمتها كييف، التي سيدمرها المغول في القرن 13، ويستتبعوا أقوام ال فولغا جميعاً لحكمهم قبل أن تقوم موسكو بالتوسع على حساب أسيادها المغول من القبيلة الذهبية الاسلامية لكي تنتهي بدحرهم وتاسيس امارة موسكو . هذه الدولة الروسية التي اتخذ ملوكها لقب قيصر في منتصف القرن السادس عشر تيمناً بملوك روما، استمرت بالتوسع على حساب جيرانها في الشمال والشرق، وابتلعت ما تبقى من خانات التتر الاسلامية في قازان واستراخان وسيبيريا بعد زوال دولة القبيلة الذهبية الاسلامية لكي تضاعف مساحتها أضعافاً مضاعفة وتمد سيطرتها على أجزاء كبيرة من آسيا وصولاً إلى حدود منغوليا مع نهاية القرن السادس عشر.
لم تتوقف روسيا القيصرية عن التوسع على حساب جيرانها، و كانت سياستها الإمبراطورية قائمة أساساً على التوسع عبر قضم الأراضي المتاخمة لأراضيها وضمها لإمبراطوريتها حتى وصلت إلى المحيط الهادئ ، ولم تعد ثمة أرض تستعمرها سوى بالعبور عبر مضيق بهرنغ واستعمار ألاسكا في القرن الثامن عشر، لكنها ما لبثت أن باعتها للولايات المتحدة عام 1867.
في الوقت نفسه، كانت روسيا تتمدد على حساب جيرانها المسلمين في القوقاز وفي وسط آسيا، وفي شكل خاص على حساب السلطنة العثمانية. وقد تمكنت من إتمام السيطرة على كامل القوقاز تقريباً وعلى خانات بخارى وخي فا مع نهاية القرن التاسع عشر لكي تصبح أكبر دولة في العالم مساحة تغطي أرجاء واسعة من شرق أوروبا ومن آسيا.
ذلك كله، وروسيا وبعدها الاتحاد السوفياتي لم تعترف يوماً بأنها دولة استعمارية. فسياستها القائمة عل القضم والاحتلال والضم والتوطين وإعادة التوطين والترويس، أي نشر اللغة والثقافة الروسية غصباً عن سكان المناطق المضمومة وأحياناً كثيرة نشر المسيحية الأرثوذكسية أيضاً، تختلف عن السياسة الاستعمارية الاوروبية المعتادة بالاحتلال وتطويع الاقتصاد من دون ضم الأرض (إلا في حالة فرنسا في الجزائر التي فشلت، وحالة إسرائيل في فلسطين التي لها قصة مأسوية أخرى)…