رسائل إلى الذات الرسالة الثانية
كتبت سلمى شعبان
الرسالة الثانية
اختيار الصحبة المريحة
وجود الناس في حياتنا أمر لابد منه. وأنا هنا لا أقول شر، بل هو أمر مهم لا تستقيم الحياة بدونهم. فمشاعر الوحدة من شأنها كسر الإنسان. فالإنسان من أصله يبحث عن الأنس والونس، وإذا ما فقد أيهم شعر بالملل والرتابة في حياته، حتى وإن أنشغل. اختيار الصحبة ليس بالأمر اليسير، وأقصد بالصحبة الأشخاص الذين تأنس بوجودهم دون أهمية قدر قربهم أو بعدهم عنك. ففي بعض الأحيان يفرض على الإنسان بعض الأشخاص الذين لا يؤنسون ويكون وجودهم مدعاة للوحدة أكثر من غيابهم، وعليه فإن اختيار الصحبة المريحة أمر مهم حقًا. فما هي صفات الصحبة المريحة؟
الصحبة المريحة كما ذكرت ترتاح بوجودهم، ولا يمثل تواجدك معهم أي قدر من التغيير في طبيعتك الشخصية، ولا في طبيعتهم أيضًا. فأنتم معًا لا تتصنعون أي شيء مطلقًا. أنت تأنس بالحديث والضحك والصمت ثلاثتهما معًا. لا تكل ولا تمل من إرسال النكات والدخول في الأحاديث الشيقة لتجد وقت الرحيل يداهمك دون أن تدري. أنت معهم وأنت بهم تكون.
في بعض الأحيان تفرض طبيعة عملك نوع ما من العلاقات، تجبرك الأماكن والأزمنة على التعامل مع أشخاص لا ترتاح بصحبتهم لسبب أو لأخر، لا تبتأس، فكلنا نمر بتلك الضائقة، من ينقذنا منها هو فقط الصحبة المريحة التي تنعم بها. الصحبة المريحة قد تكون أي مجموعة من البشر لا يتفقون معك في أي شيء سوى الإحساس الدفين بالراحة والكلام المرسل دون حساب ودون ضيق أو همهمات داخلية.
الصحبة المريحة أشخاص تجمعك بهم خلفية ثقافية تجعلك ترى نفسك فيهم ومعهم دون تكلف. وبصدق شديد تجد نفسك تتحدث عن ماضيك الأليم وأحلامك المستقبلية البائسة في هذا العالم. ليس بالضرورة أبدًا أن تكون الصحبة المريحة أصدقائك، هم أصدقاء للروح وغذاء له حتى وإن لم يكونوا أصدقاء المحيطين بك بشكل يومي. أنت فقط تنعم معهم بالراحة التي يشعر بها الإنسان عند حالة الونس والأنس.
إذا ما حالفك حظك بتكوين تلك الصحبة المريحة فلا تتخلى عنهم وإن حدث، فلتصنع صحبة مريحة جديدة، فهي ملاذك وملجأك من الوحدة القاتمة.