العاصمة

تجربة حقيقية حدثت بالفعل

إيمى عاطف

0

في مرة كُنت متفق مع صحابي أننا نطلع مصيف حتى ولو يوم واحد نقضيه سوا قبل قرف الأمتحانات..

ياسر وعزت دول اسماء اصحابي..

في الحقيقة غلطت غلطة ندمت عليها بعدين.. لما اتفقت معاهم نسافر بس ماحدش منهم يقول لأمي.

وأنا بدوري كدبت عليها وقولت لها إني هبات عند ياسر عشان نذاكر.

المهم.. جهزنا حاجتنا وكله تماام وعربية أخو عزت كانت موجودة وحطينا فيها إللي يكفينا اليوم دا..

وركبنا ومشينا ف طريق صحراوي طويل إسمه طريق “الكريمات” طريق معروف جدًا.. طول الطريق أمي كل شوية كانت بتتصل بيا.

مكنتش عارف ليه كل شوية بتتصل كدا رغم إني قايلها إني عند ياسر .. قلقت بس ماكنش ينفع أرد عليها.. لحد ما موبيلي فصل شحن .

 

سمعت عزت بيقولي :

 

_ يا أبني ما ترد يمكن لاقدر الله فيه حاجة!.

 

قولتله وأنا متوتر بس كنت بداري ده قدامهم:

= إن شاء الله مافيش.. بقولك ايه فين وصلة الشاحن.. موبايلي فصل ولو فضلت ترن ولقيته مغلق هاتقلق عليا أكتر.

 

_ الوصلة تحت أهي أشحنه ورد على أمك شوف فى إيه إسمع مني.

 

كُنت راكب جنب عزت إللي سايق وياسر نايم ف الكنبة إللي ورا.. دخلنا لمكان مُختصر إسمهُ “سَنّور” .

 

نزلت علشان أجيب وصلة الشاحن. فضلت أدور عليها لحد ما لقيت عزت حاطط رجله عليها ومكنش واخد باله.. بس لقيته ضرب فرامل مرة واحدة وهو بيقول بخوف:

 

_ أييه دااا يااا خبر أسووود ومنيل!.

 

إتخبطت ف دماغي بسبب الفرملة بس لما شوفت عزت ف الحالة دي ماهتمتش بالخبطة وسألته بفزع:

 

_ في إيه يا ابني حصل اييه؟.

 

ياسر فاق مخضوض وهو بيسأل نفس سؤالي

بصيت على عزت لقيته مبرء عينه وباصص قدامه على الطريق.. بصيت على إللي هو باصص عليه، مالقتش حاجة غير طريق طويل وجبال محوطانه على اليمين وعلى الشمال وسط هدوء تاااام!.

 

فضلت أهز فيه وأنا بقوله:

_في ايه يا عزت ما تنطق.

لف راسه ببطء وقالي وهو ف نفس حالة الشرود وعيونه مفتوحين على أخرهم:

= عف .. عف … عفاريت.

!!!!

بلعت ريقي وأنا بقوله:

= عفاريت … عفاريت ايه يا عم بتقول إييه؟.

 

لقيت ياسر نزل من العربية والغريب أن الطريق دا بالذات كان فاااضي مافيهوش أي عربية معدية والمشكلة إن الشمس بدأت تغيب والليل تدريجي بدأ يليل.

 

نزلت أنا كمان من العربية.. مشينا شوية أنا وياسر قدام العربية وفضلنا نبص يمين وشمال ملقيناش أي حاجة غريبة.. رجعت لعزت اللي كل دا وهو باصص قدامه بنفس الشرود!!

 

حاولت أهديه وأفهمه إن مافيش حاجة.. لحد ما بالتدريج بدأ بالفعل يهدى ولما تمالك اعصابه قالنا بتوتر وخوف:

 

_ والله أنا شوفت واحد لابس إسود واقفلي ف نص الطريق ماعرفش ظهر ازاي.. كان واقف وبيشاور لي بإيده بإشارة مش مفهومة.. وكانت في بنت صغيرة ماسكها ف إيده.. يا محمد أنا متأكد إني خبطهم مالحقتش أتفاداهم والله ما لحقت.

 

= يا عزت مافيش حاجة.. بيتهيألك أكيد.. حتى أنزل وشوف بنفسك.

 

فعلا فتح باب العربية ونزل.. الطريق ماكنش فيه عمود نور واحد.. وكان بالتأكيد المكان حوالينا أصبح عتمة بعد غروب الشمس.. فتحت كشاف موبيلي ونزلت بركبتي تحت العربية وقولتله:

_بص يا عم مافيش حاجة حرام عليك مبهدلنا معاك.

 

رجع عزت و ركب العربية وقبل ما يطلع بيها قالنا

“أنا مش هقدر أسوق.. تعالى يا ياسر سوق أنت ”

 

بدلوا أماكنهم وطلعنا من المكان اللي كنا فيه.. مشينا يا دوب خمس دقايق بس ولقيت ياسر بيقول:

_ يا جماعة النور العالي مش شغال.

 

وقف العربية على جنب الطريق ونزل عزت وياسر يشوفوا العطل منين وأنا كنت قاعد جوة العربية بدندن.

 

مش عارف ليه فجأة سرحت

حسيت كأن فيه ذكرى زي دوامة بتشدني ومش قادر أبعد تفكيري فيها.. غمضت عيني وبدأت أعيش الذكرى!.

كُنت شايف تلت خيالات صغيرين زي مايكونوا بيلعبوا!

شايف الخيالات دى مرة تكبر ومرة تصغر

مكنتش شايف المكان كويس بس كان الواضح إنه نفس الطريق إللي إحنا فيه!.. رميت عيني لبعيد لقيت ثقب أو فجوة كبيرة جوة جبل كبير جدًا.

 

وشايف كيانات بتتحرك جوا.. وبدأت أشوف طيور زاي خفافيش أو نسور مش عارف.. حجمهم كان كبير بصراحة.. لما رجعت أبُص على الخيالات لقيتهُم ف وشي وبيسحبوني بقوة !.

 

فتحت عيني وأنا بصرخ وباخُد نفسي بالعافية.. جري ياسر عليا وهو بيقولي :

 

_ إيه يا عم محمد إنت التاني.. هو في إيه يا جدعان مالكوا النهاردة ؟.

 

خدت نفسي وبدأت أقولهم وأنا بنهج :

 

= يلا يا جماعة .. يلا بسرعة من هنا .. في حاجة مش مفهومة بتحصل هنا ولو فضلنا أكتر من كدا هانتإذي أقسم بالله.

 

ماحدش رد عليا.. لسه كُنت هانزل من العربية .. مش عارف ليه بصيت على يميني .. لقيت هالة أو كائن أو خيال طويل مش عارف أوصفهُ بصراحة!.

 

كان واقف على مبنى صغير موجود جنب الطريق .. وماسك ف إيده خيال تاني لطفل أو طفلة .

دلوقتي بس إتأكدت من كلام عزت من دقايق .

كانوا واقفين والواضح من نور القمر الخافت إنهم موجهين نظرهم عليا .. كانوا واقفين زاي خيال المأتة .. مابيتحركوش خالص !.

 

مش عارف أبعد نظري عنهم ولا قادر أنادي على حد من صحابي .

كُنت هاموت من الرعب حرفياً .. لما بدأت أشوف رؤوسهم بتطول.. وأجسامهم بتتخن وبترجع ترفع مرة تانية.. لحد ما لقيت طير ضخم بيحوم فوقيهم.. ف ثواني تلاشوا من قدامي.. لما لقيت عزت بينادي عليا وبيركب العربية :

 

_ بقالي ساعة بنادي عليك .. مال وشك أصفر كدا ليه ؟ .. صدقتني .. أنا قولتلك مابيتهيأليش .

 

= يلا يا ياسر من هنا بالله عليك .

 

ياسر قال:

 

_ هانمشي بس جرب كدا من عندك .

 

= أجرب إيه ؟

 

_ أنا قولت إنكوا مش طبيعيين النهاردة .. خليك يا عم ف اللي أنت سرحان فيه .. شوف أنت كدا يا عزت خلينا نخلص.

 

جرب عزت الكشافات ونوروا .. ياسر قفل الكابوت وعزت كان ماسك موبايله وقاعد ف الكنبة اللي ورا .

 

بس بعد ما لقيت ياسر بيقفل الكابوت .. شوفت وراه بنت لابسه فُستان إسود بتبُصلي وبتضحك! .

 

وشها كان بشع!!.

مش عارف كان عليه طين ولا هو كان إسود .. حتى عيونها كانت كبيرة بشكل غريب .. ولما بصيت عند رجليها .. ماشوفتهمش .. كإنها واقفه ف الهوا!.

مش قادر أتكلم .. غمضت عيني وقررت مش هقول إني شايف حاجة علشان ماطلعش أنا المجنون ف الأخر .

ياسر شغل العربية ومشينا من الطريق دا خالص وقضينا اليوم ولا كأني شوفت حاجة.

ماحطتش ف بالي كل اللى شوفته وحاولت على قد ما أقدر أمسحه من دماغي .. واستمتع باليوم.

 

اليوم خلص، ولما رجعنا.. رجعنا برضه من نفس الطريق دا تاني.

هو اختصار للفة كده طويلة، بس مكنش حل كويس بعد اللي شوفناه انا وعزت

اللي كنت عايز أقوله بلاش الطريق دا بس حاجة غريبة خلتني ساكت ماتكلمتش .. من أول مادخلنا الطريق من أوله حسيت أن فيه حاجه هتحصل.. في نص الطريق لمحت على المرايا اللى كانت على يميني صورة معكوسة لعربيه ورانا.. المشكلة ماكنتش ف العربية لأ .. الغريب أن جوة العربية ماكنتش شايف حد أصلا!.

 

فتحت أزاز العربية وطلعت راسي منها وبصيت ورايا وكانت الصدمة

لقيت عربية جاية من بعييييييييد .. بمعنى أوضح ماكنش فى حاجة ورانا أصلا !

 

لقيت عزت بيقولي بإستغراب :

 

_ في إيه يا ابني.. إيه اللي أنت بتعمله دا ؟ .

 

لكن الغريب إن لساني متعقد.. مش قادر أتكلم خايف من جوايا وسكوتي ماكنش بإيدي.

 

_ علفكرة أنا حاسس برهبة الطريق دا وف المكان دا .. ولما كُنت بشوف الكشاف وفاتح الكابوت .. كُنت حاسس إن في حد واقف ورايا .. كأني سامع صوت نفس هادي .. بس بصراحة إتحججت بالهوا .

 

الجملة دي قالها ياسر وهو باصصلي .

 

رد عليه عزت بنبرة خوف وتوتر وقال :

 

_ والله شوفت راجل وبنت كان ماسكها.

 

خرجنا من الطريق الشؤم دا.. و بعدها عرفت إن الطريق دا بيسموه “طريق الموت” .. حصل فيه حوادث شنيعة وكل حادثة من اللي بتحصل ماكنش فيه حد بيعيش منها.

 

بعد مارجعت البيت فضلت أيام وأسابيع كتير أشوف كابوس واحد فضل يتكرر وأصحى منهُ على صوت صرخة بتقومني مفزوع من النوم .. كان نفس الكابوس بتاع ال تلت خيالات والفجوة إللي ف الجبل….. والطيور المرعبة!.

الكابوس اللي خلاني متأكد إن الطريق مش مجرد حوادث حصلت فيه وبس، لا.. الموضوع أكبر بكتير من كده، وبصراحة بقى فيه صوت جوايا بيزن عليا اني أرجع تاني لطريق سَنوّر!.

 

تمت .

التجربة دي حقيقية حدثت بالفعل

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

آخر الأخبار