الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.[غافر: 60]، أَي: صَاغِرِينَ.
والكبر والتكبر والكبرياء من صفات الله تعالى الذي اختص بها دون غيره ؛ قال تعالى:
وعنه قال: قالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: ثَلاثةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّه يَوْمَ القِيامَةِ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ، وعائلٌ مُسْتَكْبِرٌ» رواهُ مسلم 0 و العائِلُ هو : الفَقِير.
وعنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: قال اللَّه عزَّ وجلَّ: العِزُّ إِزاري، والكِبْرياءُ رِدَائِي، فَمَنْ يُنَازعُني في واحدٍ منهُما فقدْ عذَّبتُه0
وعنْه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: « بيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي في حُلَّةٍ تُعْجِبُه نفْسُه، مرَجِّلٌ رأسَه، يَخْتَالُ في مَشْيَتِهِ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فهو يَتَجَلْجَلُ في الأَرْضِ إلى يوْمِ القِيامةِ » متفقٌ عليه
0 وعن سَلَمَة بنِ الأَكْوع رضيَ اللَّه عنه قال: قال رسُولُ اللِّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: لا يزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنفْسِهِ حَتَّى يُكْتَبَ في الجَبَّارينَ، فَيُصِيبُهُ ما أَصابَهمْ 0 رواهُ الترمذي وقال: حديث حسن . يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ : أَي يَرْتَفعُ وَيَتَكَبَّرُ.
انواع الكبر
وقد يقول قائل انني لست من المتكبرين اعلم حبيبي في الله ان الكبر يصيب الإنسان وهو لا يدري فعنْ سلمةَ بنِ الأَكْوع رضي اللَّه عنه أَن رجُلاً أَكَل عِنْدَ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بشِمالِهِ فقال:
كُلْ بِيَمِينِكَ , قالَ: لاَ أَسْتَطِيعُ، قال: لا اسْتَطَعْتَ , مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكبْرُ. قال: فما رَفَعها إِلى فِيهِ. رواه مسلم
اولا التكبر بالملك والسلطان
وفي هذا اقول الم تقراء قول الله تعالى ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.فلو قراء هذه الآية ما تكبر ولو
علم ان الملك لو ظل مع الذين من قبله ما تكبر أين الملوك التي كانت مسلطــنةً *** حتى سقاها
بكأس الموت ساقيها ابن الملوك اين فرعون اين هامان الكل يفنا والله حي لا يموت فلماذا التكبر اذا بالملك
دخل ابن السماك على هارون الرشيد الخليفة العباسي يوماً فاستسقى الخليفة، فأُتى بكأس بها فلما أخذها قال ابن السماك: “على رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها،
قال: بنصف ملكي، قال: اشرب هنأك الله تعالى يا أمير المؤمنين، فلما شربها، قال: أسألك بالله لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها، قال: بجميع ملكي، قال ابن السماك: لا خير في
ملك لا يساوي شربة ماء، فبكى هارون الرشيد…” يا الله!! مُلك يمتد من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً لا يساوي شربة ماء،
الثاني التكبر بالمال
وفي هذا يصنف يقول الله تعالى وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ فلما التكبر بالمال وانت تعلم أن هذا المال انت خلية خليفة عليه انفق من مال الله ولا تتكبر
بنعمة الله على عباد الله اعطاك الله مالا فلماذا لا تنفقه وتجاهد به في سبيل الله تعالى لماذا لا تتصدق لماذا لا تطعم المسكين لماذا تتكبر بنعمة الله على عباد الله ولا تكون ما قارون اسمع ماذا قال
الله تعالى إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ انفق في سبيل الله ولا تتكبر ثم بعد ذلك وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ
لما نكبر قارون بالنال على عباد الله انتظر ما قال قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ
أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ وبعد ذلك تاني نتيجة تكبرة فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ
الصنف الثاني التكبر بالقوة
ومن أمثال ذلك النمرود لما قال أريد أن ابارذ الله
فانظر كيف كانت نهايته ؟!!
بعث الله عليه بعوضة ، فدخلت في منخره وفي أم رأسه، فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق والنعال ، ولا يهدأ حتى يضرب بالنعال ؛ فإذا وقف الضرب دوَّت البعوض في أم رأسه فيأمرهم بضربه ؛
وأرحم الناس به من جمع يديه ، ثم ضرب بهما رأسه ، وكان جباراً في ملكه أربعمائة سنة ، فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه ، ليكون الجزاء من جنس العمل؛ ثم أماته الله ، وهو الذي كان بنى صرحاً إلى
السماء ، { فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ } [ النحل : 26 ] . فقد أخرج ابن المنذر ، عن ابن عباس في الآية ، قال : هو نمرود بن كنعان ”
( انظر تفسير ابن كثير ) وحال الناس في هذا الزمان كثير من يتكبر بقوته على الضعفاء والمساكين فالتكبر بالقوة جهل
وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء فعن أسامة بن زيد ، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في
الرحى، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان، ما لك؟ ألم تك تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه
وفي يوم القيامة ياتى بالعالم الذي لم يعمل بعلمه وقد جمع الحكمه وقد جمع القرآن وجمع القصص وأخذ يتعلم ليماري السفهاء ويباري العلماء والناس لا يعلمون عنه ذلك في الدنيا فيأتي يوم القيامة
وقد افتضح آمرة امام الخلائق وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي (عالم نحوي عربي)
رجل يدري أنه يدري، فذلك العالم فاسألوه؛ ورجل يدري ولا يدري أنه يدري، فذلك الناسي فذكروه؛
ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري، فذلك الجاهل فعلموه؛ ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، فذلك الأحمق فاجتنبوه. –