العاصمة

الرصد الملعون قصة قصيرة بقلم سهير عسكر

0
  1. إلتف الجميع حول”مصطفى”مشكلين دائرة ومعهم الشيخ سلطان والذى كان يدير المجموعه بعد أن استشعر ببدايه نجاح خطته وأشار لهم فجأة بالتوقف،وظل يردد بصوت مرعب مقترنا ببعض الحركات الغريبه

    “ديموثا شمروش كيطيش طناش كيطوش طاموش بحق برهيه وبرهينه كينا هورش ﻻرش أجيبوا ياخدام الرصد الملعون حصنتك بحصن كشيش كياش باكوش كارش كادش إفتح لنا الكنز المدفون نكش كش كشيش شمروش كيطاش العجل العجل الساعه الساعه الواحه الواحه”
    وهنا ارتفع جسد مصطفى أكثر مما أفزع الجميع ودوى الصوت المخيف الذى إعتاده أهل القرية وإزداد صداه في أرجاء المقبرة ، وبرق الضوء وازداد توهجه عن كل ليله إرتجف الحميع وبدأت الهمهمات :
    -كفايه ياعم الشيخ ..عايزين نروح لعيالنا
    ودب الخوف فى قلوبهم .فطقوس هذه الليلة إزدادت ساعاتها خصوصا بعد أن طلب جنى الرصد أن يذبح أحد أطفال القريه عى باب الكنز المدفون وأنه لن يفتح إﻻ إذا سالت عليه الدماء اﻵدميه .
    لم يجد الشيخ فرار من أهل البلده والذين عزموا على فتح ذاك الكنز المزعوم المشهور منذ أعوام عتيقه ويتحاكى به الجميع حتى تلك اللحظه .فالجميع يعانون فاقه شديدة وإحتياج يقتل اﻷمل ويذبح أحﻻمهم بالحياة .
    صاح الشيخ فى الجميع بصوته الجهور كى يتوقفوا عن الثرثرة ،ولكن الخوف إنتزع منهم الثبات وأضعف تماسكهم ونثر الرعب في مخيلتهم جميعا .فوجدها الشيخ حجه قوية لﻹفﻻت الليلة ،وأشار بيده ليتوقف الجميع ،وأنزل جسد مصطفى برفق ليعود كما كان على اﻷرض ،وعلى الفور هرول الجميع إلى خارج المقبرة فرحين بنجاتهم تلك الليلة عائدين لبيوتهم بالعجائب والغرائب واﻵﻻف من الحكايات التى حدثت داخل المقبرة والتى غزلوها ونسجوها وأحسنوا حياكتهابخيالهم الواسع حول قصص وحكايات أجدادهم عن لعنه الفراعنه وشروط الجنى المرصود حارس الكنز .الكنز الذى طالما حلم به الكثير من أهل البلده إن لم يكن جميعهم على السواء ،وأسدل الستار عن ليلة أخرى مفجعه تراها تلك البلده بعد إنتشار اﻷساطير المرعبه حول المقبرة والتى تحيطها اللعنه وتصيب لعنتها البلده بأكملها
    ضحك الشيخ سلطان ضحكة مدوية داخل المقبرة بعد خروجهم جميعا .فلم يتبقي إﻻ مصطفى أحد سكان القرية ومساعده الخاص ،وهنا ظهرت “مريم ” زوجه “مصطفى”الحسناء تحمل كشافا مضيئا تطلق ضحكات رقيقة مليئه بالسخرية واﻹستهزاء بتلك البلده الملعونه .
    تكره “مريم”تلك البلده التى طردتها منذ سنوات .تكره تفاصيلها. رجالها بجﻻبيبهم وعصيهم ودخان المعسل المنبعث منهم،وكذلك تكره نساءها ورائحه الجبن والسمن والحليب التى تمﻷ بيوتهن .تكره حتى حوائط تلك البيوت وترابها وأسقفها التى تجمع بين الخير والشر أسفلها .طردوها بعد تأكدهم من خيانتها ونجاستها تبناها كل أهل القرية بعد وفاة أمها..أمها “فتحيه” التى أتت إلى القرية منذ أعوام بعيدة مستغيثه من بطش زوجه أبيها ولم يعرف لها بلده أو عائلة .أبت أن تحكى ﻷحد عن أهلها وعاشت ببيت العمدة وزوجها من غفير يعمل عنده ،ومات زوجها بعد عام واحد وﻻحقته هى أثناء وﻻدة مريم .
    تربت” مريم “فى كل بيت وأكلت من لحم أكتاف الجميع .لكنها بادرت بالغدر سرقت وكذبت وذنت فﻻحقتها اللعنه واللعنه هنا ليست لعنه الفراعنه بل لعنه الله والبسطاء اللذين رغم بساطتهم لم يقبلوها فى بيوتهم ووسط نساءهم وبناتهم فإدخرت “مريم”الكره لهذه القرية كل الكره والحقد ،واضطرت ﻷن تتزوج من “مصطفى”الذى كان يعيش على اﻹحسان داخل المقابر يرتزق من الشحاذة والتسول .
    إلتفتت “مريم”إلى الشيخ سلطان وقالت:
    -إنت رفعت مصطفى من على اﻷرض إزاى ؟
    رد الشيخ بثقه:
    -دا خداع بصرى ..دا شغل إنتى ماتفهميهوش ياحلوة
    وتعالت ضحكاتهم داخل المقبرة .قاطعهم “مصطفى”وهو يقول مرتجفا:
    -أنا كنت خايف يﻻحظوا إنى نايم على حاجه
    الشيخ سلطان:
    -يا وﻻ …ميت مرة أقولك متخافش متبقاش خرع كده
    مصطفى:
    -أنا خايف يكشفونا ..أهل البلد طيبين أوى ياشيخ سلطان ..دول بيناموا من غير عشا وبيبعتولنا الحمام والبط والفراخ..صعبانين عليا أوى ياعم الشيخ
    مريم:
    -إخرس ..دول يستاهلوا الدبح..هات الفلوس اللى لمتها منهم عشان نقسمها
    الشيخ سلطان:
    -فلوس مين يابت اللى هتتقسم..هات ياض الفلوس دى..إنتوا كفايه عليكوا الطفح اللى بتطفحوه..دى شقايا
    مريم:
    -نعم نعم ..ومين اللى بيعمل اﻷصوات اللي بتخوفهم كل ليلة ومين بيشغل الكشافات لحد الفجر..ومين اللى بتقرا عليه كل يوم ..دا شقايا أنا وجوزى يا نصاب
    الشيخ سلطان :
    -أنا نصاب يابنت ال….
    مريم:
    -إنت بتشتمنى ،ونظرت إلى زوجها
    -إنت ساكت يامصطفى
    همهم مصطفى وقال متلعثما :
    -إإإيه اللي بتقوله دا ياشيخ سلطان دددى مراتى برضه
    الشيخ سلطان:
    -نرات مين يا واد ..إنت فاكر نفسم راجل بجد..إنت آريال فاهم يعنى إيه آريال..إنت فاكرها متجوزاك عشان سواد عيونك
    فقاطعته مريم:
    -إخرس يانصاب..هات الفلوس ياحرامى ..بقي احنا بنثبت فى أهل البلد بقالنا عشر شهور وانت جاى تلهف الفلوس ع الجاهز
    الشيخ سلطان:
    -مفيش فلوس
    مريم؛
    -على جثتى
    تعالت صيحاتهم وإشتبك اﻹثنان فى شجار حاد،ووقف مصطفى مذهوﻻ ﻻ يسعه فعل أي شئ
    حتى سقطت مريم بجواره على اﻷرض واكتست اﻻرض بدماءها بعد أن طعنها سلطان عدة طعنات بمطواه صغيرة كان يخفيها دائما بين طيات مﻻبسه ثم أسرع بالهرب ،وانزوى مصطفى بركن صغير يبكى ويولول مرتعدا مرعوبا من منظرالدماء ،وبعد ان راح ذهوله فر هو اﻵخر هاربا خارج البلده.
    وعندما نسجت الشمس خيوطها الذهبية ونشرت الضوء بأشعتها الدافئه وبدأ نهار حديد
    إستفاق أهل البلده على خبر موت مريم بالمقبرة وقيل عنه انه لعنه الفراعنه عن الجن المرصود خطف نريم وحبسها وقتلها عقابا لهم ، وخطف الشيخ سلطان أيضا وحبسه تحت اﻻرض
    أما مصطفى فلم يكن يخطر على بالهم ولم يكتر أحدهم بوجوده أو عدم وجوده فكان ومازال كالهواء العابر ببلدهم .ووجد الناس المادة الغنية التى يخترعون حولها اﻷساطير والخرافات،وبات كل حادث يشوبه الغموض مرتبط إرتباطا وثيقا بذاك الكنز المرصود
    ****تمت****

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

آخر الأخبار