العاصمة

الفنانة التي قت.لت زوجها، وابنتها، وأمها، ووهبت أموالها للكيان

0

إيمى عاطف

 

 

ولدت هنريت كوهين في محافظة الإسكندرية يوم الثامن من أغسطس عام 1911، في أسرة يهو.دية حريد.ية، وهي الطائفة اليهو.دية الأكثر تشدداً.

كان رجال العائلة يطلقون لحاهم الطويلة لتصل إلى صدورهم، وتتدلى على آذانهم خصلات من الشعر أو الجدائل، أما النساء فكن يرتدين البرقع الذي يشبه النقاب.

وكان الجميع يتحدث فيما بينهم باللغة “اليديشية”. عاشت هنريت في ظل محظورات صارمة، حيث كان يُعتبر الانخراط في الجيش، أو ممارسة الأدب، أو الرياضة، أو الموسيقى والفن من الخطايا العظمى.

ورغم ذلك، عشقت هنريت الفن منذ طفولتها المبكرة، لا سيما السينما والمسرح، غير أنها كانت تدرك أن هذا الشغف محرم لدى طا.ئفتها المتشددة، فاختارت أن تخفيه عن أسرتها، وتبحث في الخفاء عن أي فرصة تمكنها من الالتحاق بالمسرح، رغم علمها أن الحلم شبه مستحيل، إذ لم يكن يسمح لها بالعمل في هذا المجال.

كبر حلمها بالفن داخلها يومًا بعد يوم، حتى جاء اليوم الذي قرأت فيه خبر إنشاء فرقة مسرحية جديدة بقيادة رائدة المسرح حينذاك، فاطمة رشدي. عندها قررت كسر القواعد والتقاليد، فتقدمت لتكون ضمن أعضاء الفرقة، ونجحت بفضل ثقافتها وجمالها وموهبتها في التمثيل.

إلا أن أسرتها رفضت الأمر وحاولت منعها، لكنها أصرت على موقفها، فهربت من المنزل، واختارت لنفسها اسمًا فنيًا هو “بهيجة المهدي”.

أثناء عملها في المسرح، وقع في غرامها رجل يهو.دي مصري مليونير يُدعى إيلي درهي، وكان يكبرها بخمسين عاماً.

نشأت بينهما قصة حب قوية انتهت بالزواج، إلا أن الزواج لم يدم طويلاً، فقد استمر ثلاث سنوات فقط، ثم رحل زوجها تاركًا لها ثروة هائلة.

وهكذا أصبحت بهيجة المهدي، التي لم تتجاوز العشرين عامًا، مليونيرة وسط المجتمع الفني.

بعد هزيمة العرب في حرب 1948 وإعلان قيام دولة الكيا.ن قامت بهيجة بمساعدة وتهجير اليه.ود من مصر إلى الكيا.ن.

ثم باعت ممتلكاتها وحولت أموالها السائلة إلى ذهب، وغادرت مصر برفقة والدتها متجهة إلى عاصمة الكيا.ن ، منهية بذلك مسيرتها الفنية القصيرة التي لم تتجاوز خمس سنوات. هناك، أصبحت واحدة من أهم سيدات الأعمال في الدولة الصهي.و.نية، وأنفقت من أموالها التي ورثتها من زوجها الأول المليونير العجوز في مساعدة الكيا.ن، ولم تبخل عليها بشيء. لاحقًا تزوجت بهيجة من رجل يهو.د.ي آخر وأنجبت منه ابنتها الوحيدة.

وفي منتصف السبعينيات، أصيبت بمرض الذهان العقلي، وطاردتها الهلاوس والضلالات، حتى أصبحت ترى قطًا أسود يتكلم إليها ويطاردها أينما ذهبت.

وكل من حولها يشفق على حالها، فهي تخبرهم بأمر هذا القط، فينظرون حولهم فلا يجدون شيئًا، حتى بات الجميع لا يصدقها.

واستمرت في رواية معاناتها مع هذا الكائن الوهمي، واتهموها بالخرف.

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ تفاقمت حالتها بشكل غير متوقع، حتى جاء اليوم الذي فقدت فيه هنريت عقلها كليًا خلال نوبة جنون.

وفي صباح اليوم التالي، نشرت صحف الكيا.ن خبرًا صادمًا، مصحوبًا بصورها في مكان بارز، بعد أن أقدمت على قت.ل ابنتها وزوجها ووالدتها باستخدام سلا.ح نا.ري.

وعند التحقيق معها بعد القبض عليها من قبل شرطة الكيا.ن، أكدت أنها كانت تحاول قت.ل القط الأسود الذي يطاردها منذ فترة.

أمرت المحكمة بعرضها على الأطباء النفسيين، الذين أكدوا مرضها العقلي، فتم نقلها فورًا إلى مستشفى الأمراض العقلية، حيث جرى حجزها في عنبر “أ” الخاص بالمرضى الخطيرين، خوفًا من أن تؤذي نفسها أو من حولها. وبقيت الفنانة المعتزلة هنريت كوهين حبيسة الجدران في غرفة العنبر شديد الحراسة بالمستشفى لعدة سنوات، إلى أن نشرت صحف الكيا.ن مرة أخرى خبر مو.تها بطريقة بشعة، في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، في صفحات الحو.ادث.

وأشارت الصحف إلى أن الأطباء والممرضين عثروا عليها مخنو.قة في غرفتها، وعيناها منزو.عتان من مقل.تيهما، في حا.دثة غريبة مثيرة للشكوك.

ولم تسفر التحقيقات عن أي سبب أو طريقة واضحة للمو.ت، وظل هذا الأمر غامضًا حتى اليوم.

وصودرت ممتلكاتها وحساباتها البنكية في الكيا.ن لعدم وجود أقارب لها.

 

 


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار