
من مذكرات اللواء أركان حرب / إبراهيم فؤاد نصار ( عليه رحمة الله ) رئيس المخابرات الحربية والإستطلاع أثناء حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣م
متابعة ممدوح القماحى
لقد دارت عجلة الحرب ولن يستطيع أن يوقفها أحد
من مذكرات اللواء أركان حرب / إبراهيم فؤاد نصار ( عليه رحمة الله ) رئيس المخابرات الحربية والإستطلاع أثناء حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣م
:
كان من الضروي إخلاء عدد من المستشفيات وإعدادها لإستقبال الجرحى الذين سيتوافدون مع بداية المعركة ، ولما كان إجراء بمثل هذه الضخامة سيثير بالتأكيد شك عملاء وجواسيس إسرائيل ، كان على رجال المخابرات أن يجدوا حلاً لإخلاء عدد المستشفيات المطلوب بدون إثارة أدنى شك .
وتم إعداد خطة محكمة ، وبناء على رأي المخابرات قام الجيش بتسريح ضابط طبيب كان مُستدعى للخدمة العسكرية وأُعيد هذا الطبيب إلى الحياة المدنية ، وفور تسلمه وظيفتة السابقه بوزارة الصحة أُنتُدِب للعمل في مستشفى الدمرداش التابعة لجامعة عين شمس ، والتي وقع عليها الإختيار لكبر حجمها لكي تكون في أول قائمة المستشفيات المراد إِخلائُها .
حسب الخطة الموضوعة صرح الطبيب أنه إكتشف بعد وصوله إلى المستشفى أن ميكروب التيتانوس يلوث العنابر الرئيسية للمرضى ، ولأن هذا الطبيب كان منزعجًا وقلقًا من هذا الميكروب الذي يهدد حياة المرضى ، وبعد ضياع يومين من الرسائل المتبادلة بين المستشفى ووزارة الصحة مع بعض الروتين اللازم لحبك الخطة، ومناقشات الأطباء والمذكرات والصادر والوارد ..الخ.
أمرت وزارة الصحة بإخلاء المستشفى من المرضى تمامًا وتطهيره ، وتم تكليف الطبيب بالمرور على باقي المستشفيات لإستكشاف درجة تلوثها ، وقامت الصحف بنشر التحقيقات الصحفية عن المستشفيات الملوثة ونشر الصور وعمال التطهير يقومون برش المواد الخاصة بالتطهير في عنابر المستشفيات .
وما إن حل أول أيام شهر أكتوبر حتى كان العدد اللازم من المستشفيات قد تم إخلاءه نهائيًا .
كانت خطة الخداع الإستراتيجي لإسرائيل و العالم كله تقتضي إخفاء الأمر حتى على الجيش نفسه ، وأذكر أنني في نهاية شهر سبتمبر ١٩٧٣م ، و قبل الحرب بأيام قليلة عقدت إجتماعًا لقادة مكاتب المخابرات الحربية في مدن القناة ، و كان من واجبات هذه المكاتب تشكيل مجموعات المقاومة الشعبية في كل مدينة و قلت لهم إن إسرائيل ستقوم بضربة ضدنا ..
وفي إطار الخطة أيضًا إستدعيت الجنرال جودسكي كبير ضباط الإتصال السوفيت في مصر و قلت له إن لدينا معلومات بأن إسرائيل ستقوم بعمليات عسكرية ضدنا و أنها ستشن ضربة جوية غرب القناة ، وطلبت منه إفادتنا بمعلوماتهم عن ذلك .
ثم استدعيته بعد ثلاثة أيام و كررت نفس المطلب….
و في يوم ٤ أكتوبر فوجئت بأن السوفيت جمعوا عائلاتهم من سوريا و مصر و قاموا بترحيلها إلى بلادهم عبر السفن و الطائرات ، فقد إستشعروا من وجودهم في سوريا كخبراء حتى مستوى الكتيبة ، بأن هناك حرباً قادمة .
كان هذا الإجراء من السوفيت بمثابة جرس إنذار لإسرائيل ، حيث إجتمعت القيادات الإسرائيلية و تدارست الأمر من كل جوانبه ، ولكنهم ولحسن الحظ خرجوا منه بنتيجة أن هناك سببين لهذا الإجراء لا ثالث لهما
:
١- إما أن الخلافات المصرية السوفيتية التي بدأت عقب ترحيل الخبراء السوفييت في عام ١٩٧٢م قد زادت .
٢- أو أن الولايات المتحدة طلبت من السوفيت إخراج خبرائها من سوريا حتى لا يستطيع السوريون أن يحاربوا .
في إطار خطة الخداع أيضًا كان من الضروري ان نعرف هل علمت إسرائيل بنوايانا ، وتحديدًا بموعد الحرب أم لا ؟
كانت وسيلتنا في ذلك هي مراقبة مخازن الطوارئ الستة في سيناء التي يضعون بها دباباتهم و ذخائرهم ،
فإذا علمت إسرائيل بنوايانا فسوف تعلن التعبئة و تفتح المخازن ليذهب كل جندي إلى المخزن الذي توجد به دبابته ، ولذلك أرسلنا في يوم ٩ سبتمبر عناصر من وحدة استطلاع مؤخرة العدو إلى سيناء ، وهي إحدى وحدات المخابرات الحربية المدربة للحصول على معلومات عسكرية دقيقة عن العدو ، كما ارسلنا ٢٢ مجموعة تم إنزالها بحرًا و جوًا بالهليوكبتر لمراقبة محاور التقدم و تقاطعات الطرق و مخازن الطوارئ لكشف أي تحركات للعدو في سيناء و التأكد من نجاح خطة الخداع .
في تمام الساعة الخامسة من صباح يوم ٥ أكتوبر تلقيت بلاغًا من مجموعة الإستطلاع في منطقة المليز بأن طلائع القوات الإسرائيلية بدأت تصل بالطائرات ، وأبلغت هذه المعلومات إلى القائد العام للقوات المسلحة .
كنا نعرف أن الوقت قد فات بالنسبة لإسرائيل فإستكمال تعبئة وحداتها في سيناء يتطلب ٤٨ ساعة
و انتصر الجيش
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.