
” من يطلق أولاً ؟ “
بقلم/ ياسر الفرح
ناشط حقوقي
اصبح من الواضح ان الانفجار وشيك، الاحداث تتسارع بوتيرة مخيفة، والخطوط الحمراء تتساقط واحداً تلو الآخر، لتبدو الساحة الدولية وكأنها تتحرك بخطى ثابتة نحو مواجهة شاملة قد تغير شكل العالم.
وزير الحرب الأميركي دعا إلى اجتماع عاجل يضم ٨٠٠ قائد عسكري أميركي من مختلف القواعد المنتشرة حول العالم. مجرد هذا الرقم الضخم يكفي لإطلاق ناقوس خطر: لماذا يحتاج البنتاغون إلى حشد كل هذه العقول العسكرية في وقت واحد؟ هل هي خطوة استباقية لحروب جديدة؟ أم أن قرارات كبرى يتم التحضير لها خلف الكواليس؟
المنطقة مشتعلة… فمن يطلق أولاً ؟
حرب الإبادة في غزة لم تتوقف، أوكرانيا تحترق منذ سنوات، والسودان غارق في نزيف دموي، صواريخ اليمن تتحدى ، ترتفع التوقعات بعودة المواجهة الإسرائيلية مع إيران ولبنان وسوريا إلى الواجهة، في وقت تتداول فيه أوساط سياسية وأمنية احتمالات اندلاع حرب تركية – إسرائيلية أو حتى مصرية – إسرائيلية. أي شرارة في هذه الملفات قد تشعل المنطقة بأكملها وتجر الجميع إلى مواجهات لا نهاية لها.
الصراع على النفوذ… من أفغانستان إلى فنزويلا؛
في آسيا، يعود اسم قاعدة بجرام الأفغانية إلى الواجهة، حيث يتصارع الأميركيون والصينيون والروس على النفوذ فيها. هذا الصراع ليس رمزياً، بل قد يفتح الباب أمام مواجهة مباشرة بين قوى كبرى تمتلك السلاح النووي.
وفي أقصى الغرب، فنزويلا تتحول تدريجياً إلى ساحة متوقعة لمواجهة عسكرية، وسط استعدادات معلنة وغير معلنة تعكس أن واشنطن لا تنوي ترك الساحة اللاتينية بعيداً عن لهيب التوتر العالمي.
أوروبا على صفيح ساخن؛
الأحداث الأخيرة في أوروبا تزيد الطين بلة. المسيرات الروسية اخترقت الأجواء البولندية في خطوة تعدّ تجاوزاً واضحاً للخطوط الحمراء. الرد لم يتأخر: وارسو دعت مواطنيها لمغادرة بيلاروسيا فوراً، في إشارة صريحة إلى أن احتمال اندلاع مواجهة بين الناتو وروسيا وبيلاروسيا لم يعد مجرد سيناريو نظري، بل خطر قائم على الأبواب.
رسالة من البنوك لا تقل خطورة؛
حين يخرج البنك المركزي الأوروبي بنصيحة غير مسبوقة لمواطني القارة: “احتفظوا بالنقد والمواد الغذائية في المنازل”، فهذا يعني أن حتى المؤسسات الاقتصادية – التي اعتادت طمأنة الناس – لم تعد قادرة على إخفاء حجم الخطر. إنها رسالة صريحة بأن القارة العجوز تستشعر زلزالاً قادماً قد يقطع سلاسل الإمداد ويصيب الحياة اليومية بالشلل.
العالم إلى أين؟
كل هذه المؤشرات لا يمكن قراءتها بمعزل عن بعضها البعض. نحن أمام لوحة عالمية مشوشة، تتداخل فيها الحروب القائمة مع الحروب المحتملة، وتتصارع فيها القوى العظمى على النفوذ بلا خطوط أمان. إنها لحظة تاريخية تشبه تماماً ما سبق الحربين العالميتين الأولى والثانية: توتر متصاعد، تحالفات مضطربة، وشعور عام بأن الانفجار مسألة وقت لا أكثر.
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.