
قراءة نقدية في قصيدة “تحصّر” للشاعر لزهر دخان
بقلم :chat_gpt
متابعة /لزهردخان
🔵 قراءة نقدية في قصيدة “تَحَصّْر” للشاعر لزهر دخان
من ديوان “لا غابت لي شمس”
1. العتبة النصية: عنوان من ضمير
تختار القصيدة عنوانًا من فعل أمر: “تحصّر”، الذي يُخاطب فيه الشاعر خصمه، أو قل ذلك “الآخر المعادي” الذي يستحق أن يُصاب بالحسرة. الفعل هنا لا يحمل طلبًا أو نصيحة، بل نَفَسًا غاضبًا مفعمًا بالسخرية والردع.
التحصّر في سياق القصيدة ليس مجرد ألم داخلي، بل عقاب شعري يمارسه الشاعر على العدو. وكأن القصيدة تطلب من العدو أن يتأدّب بـ”الحسرة” عوضًا عن الاستمرار في الأذى والافتراء.
2. الإيقاع الداخلي والصياغة المفتوحة
ليس للقصيدة قافية موحدة أو بحر كلاسيكي تقليدي، بل تنتمي إلى قصيدة النثر ذات النفس الإيقاعي الحر، الذي يتقاطع مع الموسيقى الداخلية المنبعثة من التكرار، التقفية العرضية، والإيقاع الساخر في بعض المواضع.
تكرار عبارة “فتحصر” في كل مقطع تقريبًا يخلق موجة صوتية تُعزز من وقع المعنى. أما التراكيب مثل:
(فلم تتهور فلم تكفر)
(فتحصّر لأنك سوف تُأسلم تستسلم فلا تثأر)
فهي تحمل زخمًا لغويًا وإيقاعًا ساخرًا هجائيًا ذا طابع خطابي ثائر.
3. الخطاب المضاد: من الشاعر إلى من يُعادينا
القصيدة ليست حيادية ولا مترددة. إنها موجهة بوضوح إلى خصم سياسي/اجتماعي/ثقافي تتجلى فيه سمات:
الجهل،الفجور،الانهزامية،تزوير الوقائع،التخلي عن الكرامة.
وفي مقابل هذا العدو، يتموضع الشاعر كمثقف مقاوم، لم “يسب الحكومة” عبثًا، لكنه يشهّر، يُشهِد، ويُحمّل خصمه مسؤولية “الحصرة الكبرى” التي يعيشها الوطن والناس الطيبون.
4. الرمز الشخصي والبعد العائلي: فاطمة والأصابع العشرة
واحدة من أقوى لحظات القصيدة وأكثرها إنسانية ومهارة رمزية، ما ورد في:
> وَعِدّدْ أَصَباعَكَ تَجِدهًم عَشَرَة
وَلَدَّتهُم فَاطِمة
وَفَاطِمة عِندَ الإْنجَابِ أَقْدَرْ
هذا المقطع يكشف عن العمق الشخصي والارتباط الجذري بين الشاعر وهويته العائلية. فاطمة — وهي والدة الشاعر — تتحول هنا إلى أيقونة ولّادة للكرامة والمقاومة. وعشرة الأصابع لا تُمثّل عدد الأبناء فحسب، بل ترمز أيضًا إلى التكامل، الجهد، والعطاء.
5. المرجع الجغرافي والسياسي: اليمن وسياق الحرب
يحضر اليمن، صنعاء، الخنجر، الحزام، والنقمة المبطّنة. ولا يخفى على القارئ أن في هذه الإشارات استحضار ذكيّ لجرح عربي مفتوح، وربط بين العدوان الخارجي والتخاذل الداخلي.
المشهد السياسي العربي، برمّته، حاضر في القصيدة، لكن ليس على شكل تقرير صحفي، بل منصهرٌ في التجربة الشخصية والنَفَس الشعري.
6. التمرد الشعري والبيان الذاتي
ينهي الشاعر قصيدته بتوقيع ذاتي لافت:
> مثقوبٌ أنتَ، وأنا أرتق
أنت بشرٌ عادي، وأنا شاعر
هنا نلمح إلى بيان الشاعر: أنه يرى نفسه في مهمة إصلاح معنوي، خياطة لما تمزق، ارتقاق لما تهتك. الشاعر ليس مجرد ناقد أو غاضب، بل هو الفارق الأخلاقي والثقافي — هو من يحوّل الألم إلى قصيدة، والقصيدة إلى مواجهة.
✦ خلاصة وتأويل ختامي
قصيدة “تحصّر” ليست نصًا للشفقة ولا للتفجع، بل هي مرآة ساخرة وناقدة ودامعة في آنٍ واحد.
تنجح القصيدة في صناعة صرخة وطنية عبر ضمير فردي، دون أن تقع في المباشرة التقريرية، بل تظل تستند إلى بنية رمزية ولغوية عميقة.
يتداخل فيها الشخصي (فاطمة – العائلة) مع القومي (اليمن – الحرب) ليخرج نص متين يضرب العصب العربي المهتز، ويدعو إلى حسرة واعية بدل الهروب أو الخنوع.
• تَحَصّْرْ ..**
تَحَصّْرْ ..وإذَا كُنْتَ لاَ تَعْرِفُ كَيفَ
تَحَمّْسْ للفِكرَةِ وَتَحَصَرْ
((وَاللاتِي إنَّ مُشكلاتِي قدّْ إسْتَعْصَتْ عَن العُزَّة ))
وَالوَهمُ لا مَظهرَ لهُ إلاَّ حَقيقة
وليسَ غير الجَهْل الذي يُبهر
فتحصرْإذا جَهَلُوا وَلمَّ تجهلْ
وتَركتَ العَزَائِمُ جَانِبًا
فَلم تَتَهَورفلمّْ تَكْفُرْ
خَمّنْ فَالخَيرُ لَا يُحشرُ فِي مَغَارَة
مِنْ كُل مَغَارة أَخْرجْ حَشَرَة
وَعِدّدْ أَصَباعَكَ تَجِدهًم عَشَرَة
وَلَدَّتهُم فَاطِمة
وَفَاطِمة عِندَ الإْنجَابِ أَقْدَرْ الفهرس****
****
سَادَ أَدبُ القَبائل
فَصَنعتْ للشَتَائم أغْمَاد
وَالحَربُ دَونَمَا حِيلةٍ فِي كَم حِمَى
فَتَحَصَرْ.. لأنكَ سَوفَ تُأَسْلَمُ تَسْتَسْلِمُ فَلَا تَثْأَر
فَي اليَمَن لَا يَزَال لَكَ حَزَام
فِي أيَّمَا إحْترام
مُزَينٌ بِخْنجرٍ
وِالحَرب هُنَاك أبهة بِمَا تُفَكر
فَأصنع لكَ رَحيلاً إلى صَنَعَاء
وَهَنَاك إفْجَرْ وَتَفَجْر
تَحَمل فَالحَيَاءُ يُحمرُ الخَدين
كَخنجرٍ بِحَدين
وأقضُم عُجُوزتين
زَوجُك والدُّرة
عِش كلتا الحَياتين حُلوة ومُرة
وتَحصر إذا لَم تَخْمَر
تَعبتُ والتغريدُ يُضْني
كتبتُ على تِوتر وعلى كَفَني
وَقَبل النَوم مَضمضتُ فَمِي
كَأنّي لم أسب الحُكُومي
فَتحَصر لأَنِي لَا أسيسُ نَفْسي فِي سَبيلِ أَن أُشَخر
****
مثقوبٌ أنتَ ، وأنَا أرتُق
أنتَ بشرٌ عَادِي وأنَا شَاعِرٌ
فَتَحَصْر وَإحذَر أن يُقَفَّى لسَانك وَتَشْعُر
25مايو 2023م
؟
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.