
القطاع الصحي في كفر الشيخ… منشآت عملاقة وخدمات منهارة
كتب / رضا السعيد
رغم الطفرة الإنشائية التي شهدتها محافظة كفر الشيخ في السنوات الأخيرة، من بناء مستشفيات جديدة وتطوير أخرى قائمة، فإن القطاع الصحي لا يزال يئنّ تحت وطأة مشكلات متراكمة، تُحيل تلك الصروح الطبية إلى مبانٍ بلا روح، وأجهزة بلا مَن يُشغّلها، وأقسام طوارئ تعاني من غياب العنصر الأهم: الطبيب.
أزمة الكوادر الطبية… الغائب الحاضر
في مشهدٍ متكرر داخل المستشفيات الحكومية بمراكز كفر الشيخ المختلفة، يُفاجأ المريض بعد طول انتظار في أقسام الاستقبال والطوارئ، بوجود أطباء حديثي التخرج (أطباء امتياز) يتحملون وحدهم مسؤولية التعامل مع حالات حرجة ومعقدة، في غيابٍ شبه تام للأطباء الأخصائيين والاستشاريين. وهو ما يعكس خللاً صارخاً في توزيع الكوادر الطبية، ويضع أرواح المرضى في مهب الاجتهاد والتجربة.
التأمين الصحي… نظام مشلول داخل صرح ضخم
ورغم وجود صرح طبي كبير ممثل في منظومة التأمين الصحي الشامل، فإن الواقع لا يزال مريراً. فالمباني الحديثة والتجهيزات المتطورة لا تُغني عن وجود الأطباء المتخصصين، ولا تعوّض غياب الرعاية الطبية الحقيقية. حيث يواجه المواطن في كفر الشيخ صعوبات بالغة في تلقي الخدمة الطبية المناسبة، سواء من حيث المواعيد الطويلة، أو نقص التخصصات، أو غياب منظومة إحالة واضحة تنظم حركة المرضى داخل النظام.
ازدحام واختناق… وأعباء تتضاعف
غياب الكفاءات الطبية يتسبب في تكبّس المرضى داخل الأقسام، خاصة في أوقات الذروة، ومع انتشار الأمراض الموسمية أو الطوارئ، مما يؤدي إلى سوء الخدمة وتدهور الحالة الصحية للمرضى، بل وأحياناً فقدان الثقة الكاملة في المستشفيات الحكومية.
نداء للمسؤولين… أين الخطة؟
إن ما يحدث في القطاع الصحي بكفر الشيخ لا يمكن اختزاله في نقص موارد، بل هو انعكاس مباشر لغياب التخطيط وسوء توزيع الكوادر، وفشل منظومة المتابعة والتقييم. من غير المقبول أن تُبنى المستشفيات بملايين الجنيهات، بينما تُترك خاوية من العنصر البشري المؤهل.
ويتعين على وزارتي الصحة والتعليم العالي، وهيئة التأمين الصحي، مراجعة الوضع الحالي بشكل عاجل، والعمل على:
إعادة توزيع الأطباء وتوفير حوافز مجزية للعمل في المحافظات الطرفية.
تفعيل الرقابة والتقييم داخل المستشفيات.
إنشاء نظام طوارئ حقيقي بأطقم طبية مؤهلة.
إتاحة فرص التدريب المستمر للأطباء الشباب تحت إشراف استشاريين كبار.
تفعيل المشاركة المجتمعية لمراقبة جودة الخدمة الطبية.
إن المواطن في كفر الشيخ لا يطلب معجزة، بل يطلب حقاً أساسياً كفله الدستور: الرعاية الصحية الآمنة والمستدامة. وما لم تتحرك الدولة بسرعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فإن أزمة الصحة لن تتوقف عند فقدان الخدمة، بل ستمتد إلى فقدان الثقة في المنظومة ككل، وهو ما لا يمكن السكوت عنه
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.