
مشاريع أمريكا الإقتصادية وليست قرارات ترامب وحده
كتب لزهردخان
عندما تبدأ التحليل بإلتزام تقريري موضوعي في قضية شخصها البطولي هو الرئيس الأمريكي الأسبق والحالي دونالد ترامب .
يكون عليك أن تتذكر بإستمرار أثناء تحليلك بأن ترامب يقود أمريكا ،وبالتالي ستنتبه إلى أن الولايات المتحدة مؤمنة بشكل كامل ضد أخطاء الأشخاص بما فيهم الرؤساء .. وستستنتج أن القرار الأمريكي لن يكون بيد ترامب وحده ..
إذاً لماذا يقولون إن ترامب أفسد للود قضايا وجعل أمريكا ضعيفة في حلفها الغربي . وظلم الغرب بما سنه ونفذته إدارته من قوانين ..
لا نقصد هنا منع إدانة ترامب أو لومه على ما وقع عليه من قرارات غير رحيمة تضر بمصالح كل الدول بما فيها إسرائيل .. ولكن نقصد أن نمنع إدانة ترامب وغض النظر عن كونه رجل دولة يرعى مصالحها بما تقره وتقبله وتمرره وتنتفع به . وهذه الدولة هي الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي حتماً مصدر ما يفكر فيه ترامب وإنه ليوجد داخل أمريكا من الفاعلين والنافذين والمشرعين والمنفذين من هم أسبق من ترامب لهذا الكم الهائل من التطرف والإنحياز لصالح عظمة الوطن على حساب العالم برمته.
ليست الولايات المتحدة هي الدولة التي تتورط في رجل مثل ترامب ، ولا تقوى على الخلاص منه . وليست هي البلاد العاجزة عن إستبدال ترامب ولو بترامب أخر يكون على شاكلته فينفذ حلم أمريكي أصبح العالم اليوم على علم بتأويله .. وقد فهم الجميع أنه لا بد من الرسوم وإلا فأمريكا ليست سوقاً ..
لماذا إذاً لم تستبدل الولايات المتحدة ترامب برجل أخر يكمل عنه نفس المشوار ،فيحقق نفس النتائج ويقرر نفس القرارات . هنا علينا أن ننتبه إلى قوة ترامب كرجل إنتزع حظه من خصومه بقوة الولاء الذي يكنه له أنصاره .
وكذلك علينا أن ننتبه إلى أن أمريكا إنتبهت إلى نفوذ ترامب شعبياً وضعفه عالمياً . فكان قرارها هو أن تنتصر بترامب ولترامب . أما العالم الذي تقوده فتركته لربه ليحميه ؟؟
كذلك يجب أن لا ننسى أن أمريكا ليست ترامبيين فقط ولا جمهوريين فقط . لأنها ديمقراطية بشقها الأخر، ومنه يمكننا القول أنها تركت العالم الذي تقوده ليقاد بشقها الأخر ،الفرع الدمقراطي من الشعب الأمريكي بسياسييه وقواده .. وهكذا يسهل على أمريكا إستعادة أمريكا وعظمتها إذا حكم الجمهوريين، وإستعادة قيادة العالم إذا حكم الدمقراطيون .
ثم إننا لا نظن أن الولايات المتحدة ستواصل عدم مراعات حلفائها طوال فترة رئاسة ترامب الحالية . لذا يبقى الأقرب إلى الأصح هو أن نتوقع عودة أمريكا لرعاية مصالح حلفائها وبقوة.
الولايات المتحدة قد تستغل أي حادثة عالمية مستقبلية تستدعي التحالف بينها وبين أوروبا وتدعم الموافق الأوربية بقوة وتنال بالتالي رضى أوروبا وتكون قد أتبعت السيئة بالحسنة فمحتها.
وإن الولايات المتحدة قد لا تنتظر وقوع ما يساعدها على نصرت حلفائها لأن الوقت ضيق . وبالتالي قد تثطر إلى إختلاق أزمات ومشاكل بين أوروبا والصين ،أو روسيا أو إيران أو الجزائر، ثم تتدخل في شكل تحالف غربي قوي ..
كذلك ترامب من المتوقع أن يسعى لوضع يده في أيادي أبناء شعبه من غير أنصاره فربما يستطيع تهدأتهم وكسبهم إلى صفه إذا تمكنوا من فهم كلامه الهجومي على أساس أنه لغو أخوي .. كان أخره ما قاله في هجومه العنيف على الأمريكيين المذعورين من رسومه الجمركية.
اللغو الأخوي يفهم وفق قاعدة ناصر أخاك ظالماً أو مظلوماً . وقد إستخدمه ترامب في أخر تغريداته عندما هاجم منتقدي الرسوم الجمركية واصفاً إياهم بـالجبناء والحمقى. . ويبقى على الأحمق أن يكف عن حمقه وعلى الغبي أن يكون ذكياً منتفعاً من تنبيهات ترامب له ومن لغوه الأخوي .
ترامب الذي لا يشفق على إخوته في الأمركة كتب لهم محذراً إياهم من الجبن فقال: “لدى الولايات المتحدة فرصة للقيام بشيء كان ينبغي القيام به منذ عقود.. لا تكونوا جبناء، لا تكونوا حمقى، لا تكونوا “هلعين”- حزب جديد بأصول من الجبناء والأغبياء- كونوا شجعانا وأقوياء وصبورين وستكون العظَمة هي النتيجة”.
ختاماً ينبغي التذكير بأن مشاريع أمريكا الإقتصادية المستقبلية ليست قرارات ترامب وحده إنما هي مشروع أمريكي وقد يكون مخطط بالشراكة مع دول أوروبا سراً ..
((في 2 أبريل الجاري، وقع الرئيس الأمريكي أمرا تنفيذيا بفرض رسوم “متبادلة” على الواردات من الدول الأخرى، واصفا ذلك بـ “الإعفاء”. سيكون الحد الأدنى الأساسي للرسوم 10%، و20% على السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي. ووعد الرئيس الأمريكي بتحقيق إيرادات للميزانية من الرسوم تتراوح بين 6 و7 تريليون دولار.))
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.