
التحالف اليهودي الغربي وخيانة اتفاقية كامب ديفيد: جذور دينية وأبعاد سياسية
بقلم: ناصر السلاموني
شهدت العقود الأخيرة تحولات كبرى في خريطة الصراع العربي الإسرائيلي، لعل أبرزها ما تمخض عن اتفاقية كامب ديفيد التي وُقعت بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية عام 1978. لكن هذه الاتفاقية، التي نصت على حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، سرعان ما تحولت إلى أداة في يد إسرائيل لتكريس الاحتلال، في ظل تحالف سياسي عقائدي بين إسرائيل والغرب، وتحديدًا أوروبا وأمريكا، ضد الشعب الفلسطيني.فلنتجول في ذاكرة التاريخ ونلاحظ بعض الملاحظات قديما وحديثا
أولًا: كامب ديفيد… وعود لم تُنفذ
نصّت الاتفاقية على ضرورة منح الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة حكمًا ذاتيًا، تمهيدًا للوصول إلى حل نهائي خلال خمس سنوات. غير أن إسرائيل تجاهلت هذه البنود، وشرعت في تعزيز الاستيطان، وتهويد القدس، وشن الحروب على غزة، مما حوّل الاتفاقية من وثيقة سلام إلى مجرد غطاء للهيمنة والعدوان.
ثانيًا: التحالف اليهودي الأوروبي الأمريكي… الأبعاد الدينية والسياسية
ما تشهده الساحة الدولية اليوم من دعم غير محدود لإسرائيل ليس تحالفًا سياسيًا عابرًا، بل هو تحالف ديني عقائدي ممتد الجذور. فمنذ أن أسس “مارتن لوثر” المذهب البروتستانتي في أوروبا، تعاظم شأن اليهود في الفكر الغربي، بل وارتُبط خلاص الغرب المسيحي بدعم اليهود والتمهيد لعودتهم إلى “أرض الميعاد”، بحسب معتقداتهم.
وقد تجسدت هذه العقيدة في سياسات رؤساء أمريكا، وعلى رأسهم “ترامب”، الذي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بها عاصمة لإسرائيل، في خرق صارخ للقانون الدولي. وتحت غطاء هذه العقيدة، تحركت آلة الحرب الغربية لتدمير غزة، وسط صمت رسمي عربي مريب.
ثالثًا: الاستعلاء اليهودي… من مخالفة الأنبياء إلى خرق المواثيق الدولية
سلوك إسرائيل اليوم ما هو إلا امتداد لتاريخ طويل من الغدر ومخالفة العهود، منذ قتلهم الأنبياء وتحايلهم على أوامر الله، كما جاء في القرآن الكريم. فقد قال تعالى:
“أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقًا كذبتم وفريقًا تقتلون” (البقرة: 87).
وما زالوا على ذات النهج: يقتلون الأبرياء، يفرضون الحصار، ويستبيحون المحرمات، متكئين على دعم قوى كبرى يرون أنها وضعتهم فوق القانون.
رابعًا: ما يحدث في غزة والضفة… نتيجة مباشرة لتحالف المصالح والعقائد حيث يشهد العالم دمارًا كاملًا للمدن والبنية التحتية، وقتلًا جماعيًا للمدنيين. وفي الضفة الغربية، تصعيد ممنهج يشمل القتل والتهجير وبناء المستوطنات. وكل هذا يجري في ظل دعم مطلق من الغرب، مما يكشف أن ما يحدث ليس فقط نتيجة لفشل كامب ديفيد، بل هو نتاج لتحالف استكباري يهدف لإنهاء القضية الفلسطينية بالكامل.
خامسًا: النهاية المحتومة… وعد الله لا يُخلف
رغم ما نراه من طغيان وغطرسة، فإن وعد الله بالنصر والتمكين لا يتخلف. قال تعالى:
“يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم” (محمد: 7).
كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم:
“لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود…” (رواه مسلم).
وسيكون تجمعهم في القدس نهاية لعلوهم الثاني كما في قوله تعالى:”وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفًا” (الإسراء: 104).
وأخيرا نقول إن اتفاقية كامب ديفيد، التي كان يُفترض أن تكون بوابة للسلام، تحولت بفعل الخروقات الإسرائيلية والدعم الغربي إلى غطاء لتمكين الاحتلال. وما يجري اليوم في فلسطين ليس إلا استمرارًا لتحالف تاريخي ضد الحق، ولكنه تحالف محكوم عليه بالزوال، لأن أمة الحق لا تموت، ووعد الله آتٍ لا محالة.
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.