العاصمة

رسالة للأشقاء.. لماذا نتفق على ما نختلف فيه، ونختلف فيما نتفق عليه

0

بقلم الكاتب الصحافي عبدالله العبادي المختص في الشؤون العربية والإفريقية

 

سؤال محير للأسف، وهذه هي رسالتي الثالثة في ظرف ثلاث سنوات، للأشقاء في الجزائر الشقيقة، لعلنا نتجاوز ضيق الأفق الذي يخيم على العلاقات بين الشعبين. ولعل الآونة الأخيرة حملت الكثير من القيل والقال، كرستها بعض الوجوه الإعلامية الفاقدة للشرعية وبعض من تورطوا في نقاشات عقيمة على مواقع التواصل الاجتماعي.
الكل يعلم أن الشعب الجزائري الحر لا علاقة له بقضية أقاليمنا الجنوبية، ومسرحية تقرير المصير ما هي إلا أكذوبة يتقنها جيدا أي نظام عسكري شمولي، والدليل أن هذا النظام لم يساند يوما فكرة للانفصال، لا في جزيرة القرم، ولا هونغ كونغ ولا تايوان ولا الأحواز ولا كاتالونيا ولا الباسك ولا هم يحزنون، خوفا من غضبة الأسياد. لكنه أنشأ مرتزقة لتقسيم البلد الجار بمسميات عديدة، يعرف العسكر جيدا الغاية منها هم وأذيالهم من إعلام متملق ونخبة سياسية فاسدة.
فرنسا تأوي كل دعاة الانفصال والتقسيم والمعارضين الجزائريين، لكن نظام العسكر لا يقوى على قطع علاقاته معها، زعيم الماك يعلن استقلال القبائل من قلب الولايات المتحدة، والنظام الجزائري لم يستدعي السفير الأمريكي أو يقطع علاقاته معها.
نحن لا ندعي الكمال هنا بالمغرب، لكن على الأقل نحلل بموضوعية، ولن تجد قناة رسمية مغربية تشتم في الجزائر كما تفعل الشروق والنهار وغيرها من قنوات الصرف الصحي الموالية لفكر الحقد والضغينة، التي خيمت على قلوبهم وعلى عقولهم. ولا نتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، بل بالعكس نمد يد الصلح لنفتح صفحة جديدة، وكما قلنا دوما نحن أبناء اليوم، ولسنا لا نحن ولا انتم مسؤولون عن أي أخطاء وقعت في الماضي.
كان من المفروض أن يكون للنخبة المثقفة وأحرار الإعلام دور في ما يجري، لكن للأسف انساق الإعلام المأجور وراء أوهام الجنرالات الذين فعلوا كل شيء بأموال الشعب الجزائري إلا تنمية البلد وتوفير العيش الكريم لمواطنيه رغم الإمكانيات والثروات الطبيعية، وهي طريقة ناجحة لحد الآن لإلهاء الشعب عن فرص البناء التي ضاعت في بلد زاخر بالثروات الطبيعية.
لو أخذتم إخواني الجزائريين، فرصة للتفكير في الواقع الاقتصادي، فلا تقارنوا أنفسكم لا بتونس ولا بالمغرب، بل بدول نفطية كالإمارات والسعودية وقطر وسترون الفرق، وتساءلوا بعدها أين أموال البلاد والعباد؟ آنذاك ستفهمون لما يفضل العسكر مسرحية العدو الوهمي، وفتح نزاعات مفتعلة هنا وهناك.
ما هي المكاسب التي حققها قطاع الطرق منذ أكثر من نصف قرن من وجودهم فوق التراب الجزائري سوى استنزاف خيرات البلد التي من المفروض أن تخصص للتنمية، والبلد أولى، وماذا ربح الجنرالات من ذلك سوى تبذير الأموال. والسؤال الجوهري والأعمق، ماذا استفاد الشعب الجزائري الشقيق من كل هذا؟
كان مفترضا أن تكون الأخوة وروابط الدم التي تجمع الشعبين حاجزا أمام تفاقم الأزمة، مؤسف أن نرى فقط بعين واحدة، مؤسف أن لا نقف لنسأل الذات والواقع والتاريخ والجغرافيا عن ما يحصل، لا يمكن أن نستمر في تعاملنا مع ما يحدث بسياسة الهروب من الحقيقة، التحالفات والتكتلات والأخطار الخارجية لا ترحم ونحن لا زلنا نصارع الزمن ونتصارع فيما بيننا من أجل أوهام العسكر.
نتأسف على ضياع فرص النجاح التي كان من الممكن استثمارها، لكن نحمل الكثير من الآمال والثقة في المستقبل وفي الشعب الشقيق الذي أصبح يرى الواقع جليا أمامه، ثقتنا كبيرة في النخبة المثقفة والإعلام الحر الصادق في طي صفحة الماضي وإنهاء ما بدأه النظام العسكري منذ انقلب بومدين على الشرعية المدنية في ما سمي البيان رقم واحد الذي أصدره بومدين بتاريخ 15 يوليوز 1961 على الحكومة المؤقتة برئاسة يوسف بن خدة ومنذ ذلك الحين توارث العسكر حكم قصر المرادية وتداولوا السلط فيما بينهم.
لقد تغير العالم أيها الأشقاء، تغيرت المفاهيم والقناعات إلا عقول الجنرالات وحقدهم للجيران وأورثوه لأجيالهم، وقد حان الوقت ليقول الشعب كلمته، وتفتح الحدود ونطوي الخلافات للأبد، ونستشرق غدا أفضل لنا ولأجيالنا القادمة في بلد مغاربي كبير غني بالتنوع الثقافي واللغوي والحضاري ويزخر بكل الإمكانيات الطبيعية والبشرية لتحقيق نهضة حقيقية.


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار
في اليوم الثالث من عيد الفصح اليهودي.. الاحتلال يحول القدس لثكنة عسكرية دراسة: وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية «أنتم عارفين أنا مين».. تفاصيل ضبط بطلة فيديو صفع عامل وتهديد آخرين في أكتوبر رئيس محلية النواب: 609 ملايين جنيه حصيلة تنظيم انتظار المركبات بالقاهرة كانت تذهب للبلطجية نداء من أجل سلم إعلامي يليق بصورة المغرب في أفق تنظيم كأس إفريقيا وكأس العالم 2030 لقاء وطني بمدينة ... الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة تستعرض أبرز منجزاتها وخططها المستقبلية في لقا... بروڤن سولوشن توقع مذكرة تفاهم مع جامعة تبوك إعلام السويس يحتضن مؤتمر تثفيفى حوارى حول أهمية دور الشباب فى المجتمع وبناء الدولة القويه جامعة الوادى الجديد تناقش "استراتيجيات التغلب على الابتزاز الإلكتروني"فى ورشة عمل بكلية الآداب محمد زكريا يجلد رمضان: هي دي الرسالة اللي رايح توصلها لأمريكا؟ جبت لمصر وأهلها العار!