كتب: المستشار/ هشام فاروق رئيس محكمة استئناف الإسكندرية.
الله تعالى لا يستجيب الدعاء من قلب غافل عنه وعن الآخرة ، لاه عن القيامة والحساب ، مشغول بالدنيا والشهوات! فعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”اعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه”(حديث حسن ؛ أخرجه الترمذي)
وأقرب ما يتقرب به العبد من ربه تبارك وتعالى خلو قلبه مما سواه سبحانه! إن الله يحب أن يكون قلب عبده معه. أي أن يكون الله تعالى (ورسوله صلى الله عليه وسلم) أحب إليه من كل شئ ومن ولده ووالده والناس أجمعين! فالله لايقبل شريكا في قلب عبده! فمن جعل قلبه لربه كان مستجاب الدعوة ، وإن أقسم على الله لأبره!
وغفلة القلب وانشغاله بالشهوات والدنيا أهم باب من أبواب عدم استجابة الدعاء! ويجمع هذه الآفة المهلكة كلمة واحدة هى هوى النفس! فمَن كان عبدا للمال:للدينار والدرهم ، ومَن كان عبدا لشهوة النساء ، ومَن كان عبدا للدنيا:مناصبها وجاهها ونعيمها ، ومَن كان عبدا لهوى نفسه كيف يُستجاب لهؤلاء جميعا؟!
انظروا في كتاب ربكم الأعلى:هذا نبي الله زكريا عليه السلام وقد بلغ من العمر عتيا ، ووهن عظمه ، وتجاوز سن الإنجاب بسنين طويلة ، وامرأته عاقر يدعو ربه بدعاء عجيب:أن يهبه (رغم كل هذه الأحوال التى يستحيل فيها الإنجاب من وجهة نظر الناس) ولدا ليرث منه ميراث النبوة! إن زكريا لا يبحث عن شهوة الولد ؛ وإنما يبحث عن ميراث النبوة لكي لا يخرج من بيت يعقوب! فماذا حكى القرآن عن ذلك؟
لينبه الناس إلى حقيقة في غاية الأهمية:أن استجابة الدعاء – ولو كانت مستحيلة من منظور البشر- مرهونة بأن يكون الإنسان بجميع جوارحه مع ربه!
إن الله لم يقل أن البشرى بإجابة الدعاء جاءت والعبد يتفرج على مباراة الكرة ، ولا وهو يلعب النرد والورق على المقهى ، ولا وهو جالس مع زوجته وأولاده وأصحابه ؛ بل قال:”وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ” ليعلم الناس أن وسيلة إجابة الدعاء هى انشغالهم بربهم وليس بالدنيا ولا الناس ولا الشهوات!
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.