العاصمة

هند والمجهول

0

 قصه قصيره محمد مصطفى أحمد مصر

كانت ليلة من ليالي فبراير شديدة السواد. ورياح باردة تحمل بقايا أوراق الخريف المتساقطه وتقذف بها من النافذة فتتناثر بالحجره وتستقر على الارض.
زوجي يجلس على كرسي وأنا على زاوية السرير.
وجهه شاحب شيئاً ما يتناول كوبا من الشاي مد يده ليعطيني إياه.
لم يأخذ منه الإ رشفة واحدة.
نظرت إليه وضحكت: لا تطلب مره أخري شايا.
تجاهلني كأنه لم يسمعني وألقي بنفسه فوق السرير وتدثر بالغطاء فلم يظهر منه شيء.
عدت أخاطبه : يبدو إنك خائف من السفر.
أخرج رأسه من تحت الفراش وتبسم ابتسامته المعهودة.
هل تعلمين أنني أخاف.
قد سافرت مرات ومرات وهذه ليست المرة الأولى.
أشعر بالبرد وبدوار برأسي من أول اليوم.
لا تنسي أن تحضري الحقيبة وتضعي فيها كل شيء واكتبي أسمي عليها حتي لا تتوه في المطار.
حاضر.
أتركيني كي أنام ساعتين فموعد الطائرة في العاشرة صباحا والطريق يأخذ ثلاث ساعات . لذا يجب أن أمشي بعد صلاة الفجر.
لا تفكر في أي حاجه كل شيء سوف يكون تمام بأمر الله.
توصل بألف سلامة يا أبو محمد.
ووليت ظهري له فنادي. هند كل عام وانت بخير.
فنظرت بدهشه وقلت غريبة أنت كل عام لا تقولها لي إلا بعد صلاة العيد فنظر لي وقال : خفت أن أسافر وأنسي أقولها لك.
في هذه اللحظات صرخ طفلي الرضيع واستمر في الصراخ كسارية القطار ليقطع حديثنا.
فأومئ برأسه ثم قال: قومي شوفي سعيد يناديك.
ذهبت إليه فهو طفل عنيد لا يتنازل عن وقت رضاعته.
سرعان ما نام فوضعته بجوار أبيه وخرجت لادخل حجرة محمد أبني الاكبر ذو الخمسة أعوام وبداخلي قلق وأشعر بضيق في صدري.
ما إن فتحت الباب حتى استيقظ من نومه جالساً: أمي أين ملابسي الجديدة وفلوس العيد.
احتضنته. كبرت حبيبي بكره إن شاء الله .
أمي هو كان بابا لازم يسافر يوم العيد.
…. آه علشان يرجعلك ومعاه لعب كتير……
نام وجذبت عليه الغطاء وقبلته.
تركته ورحت أرتب الحقيبة لقد كتبت كل ما أضعه فيها في ورقة حتى لا أنسي شئ.
شعوري بالقلق يزداد.ما الذي حدث ولم أنا متوترة وأخاف.
قد يكون بسبب أن الاجازة هذه المرة كانت طويلة فإعتدت على وجوده معي….ربما.
أتمتت كل شيء واستعذت بالله من الشيطان الرجيم عسي أن يطمئن قلبي.
دخلت مخدعي وجلست بجواره متأملة في تقاسيم وجهه التي لم يغيرها الزمن.
ودون أن أدري سالت الدموع من عيني ورحت أقبل يده وجبينه وهو ينام نوما عميقاً كأنه لم ينم منذ أسبوع .
لقد مر الوقت بسرعه وها هو مذياع المسجد يرفع الاذان.
قلت في نفسي لن اوقظه حتى ينادي سائق السيارة التي سوف تقلنا الي المطار.
قمت فتوضأت وصليت الفجر ودعوت الله أن يصرف عنا السوء وأنت تصحبه السلامه ويرده إلينا سالما .
مع تكبيرات العيد أخذ السائق ينادي ابو محمد أسرع لقد تأخرنا.
جريت نحوه. أبو محمد استيقظ كررتها لم يجب.
نزعت الغطاء من فوقه ووضعت يدي عليه. جسمه بارد كالثلج.
انتابني هلع ورحت أصرخ استيقظ استيقظ واضرب عليه بي
سمع صوتي عم ياسين السائق فوجدته بجواري ودنا منه وأخذ يتحسس وجهه وجسمه وراح يضرب كفا بكف ويقول لا حول ولا قوه الا بالله.
لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم.
لك الله يا بنتي.
رحل ولم تزل الحقيبة تحمل مر الذكريات. وتكبيرات العيد ناقوس يدق في صدري يعزف سمفونية الالم.
كم تحمل لي الايام من وجع أراني اعتدت عليه.
قد تكون سلوتي الوحيدة في هذا العالم اولادي فلولا ضحكاتهم لكانت غربتي قاسية .
#محمد _مصطفى

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading