العاصمة

من بدائع خلق الله نظام وترتيب وتنسيق وإتقان الكون

0
كتب .. اسلام محمد
فإن الدين الإسلامي دين ينظم حياة البشر في مختلف مبادئها بما يصلح شان الفرد والمجتمع ذلك أن النظام محور
أساسي لحياة الناس جميع بل للكون كله الذي يسير بنظام دقيق والمتآمل في هذا الكون الواسع بكل ما فيه من بدائع
خلقها الله بنظام وترتيب وتنسيق واتقان يبهر العقل فكل شيء خلقة الله بحكمة لا عبثا
فقَد خَلَقَ اللهُ – تَعَالى – هَذَا الكَونَ وَأَبدَعَهُ، وَبَنَاهُ عَلَى نِظَامٍ دَقِيقٍ وَأَحكَمَهُ، حَتى لا يَتَقَدَّمَ فِيهِ مَخلُوقٌ عَلَى آخَرَ،
وَلا يَتَأَخَّرَ مَأمُورٌ عَمَّا أُمِرَ بِهِ والا لاختل نظام الكوني كلة فكل ذر من الذرات لها مكانها وموقفها المحدود وحركتها الخاصة بها
بقول الله تعالى صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ وقوله تعالى وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ –
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالعُرجُونِ الْقَدِيمِ لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القَمَرَ وَلاَ الْلَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
لقد اعتقد العلماء في القرن الماضي أن الشمس هي مركز الكون وأنها ثابتة في حجمها وكتلتها ومكانها، وأن كل
شيء يتحرك حولها ولكن تأتي هذه الآية لتبين بهذا النص المعجز منذ 14 قرناً من الزمان، أن ما يجري لكل شيء
في الكون يجري على الشمس والشمس وهي تجري -أيضاً- فإنه يجري معها أعضاء مجموعتها المرتبطة بها من
الكواكب، وكذلك فالشمس تدور حول نفسها وتديرنا حولهـا، فهي تجري وكواكبها يجرون من حولهـا إلى أن تـستـقر
حركتها فيستقرون معها، وهذا ما أكده العلم الحديث في مشاهداته الفعلية، وأرضنا التي نعيش عليها ليست إلا كوكباً
من كواكب المجموعة الشمسية التي تجري في ركب الشمس وتنقاد معها وفقـاً نظام محكم وتقدير الخالق العزيز العليم،
ثم نأتي إلى الآية التالية التي تصف إعجاز الخالق في حركة القمر، هذا الكوكب الصغير الذي يدور حول الأرض كتابع
مطيع يعكس لها في ظلمة الليل جزءاً من ضوء الشمس الساقطة عليه، وله حركته المعقّدة في الأماكن التي ينزل
إليها بحيث تكون له دورة ثابتة، فتتوافق حركته حول الأرض مع حركة الأرض حول نفسه وحول الشمس، بحيث تستغرق
كل دورة شهراً كاملاً، يبدأ فيه القمر بدراً ثم يتلاشى شيئاً فشيئاً في توقيتات أو مواقيت محددة، وتتغير أشكال القمر
بحسب مواضع نزول أشعة الشمس الساقطة عليه ومـا تحـجبه الأرض عنه من هذه الأشعة، إنهـا حركة مركّبة لا
تستطيع أن تسيّرها الصدفة، كيف تسير بهذه الطاعة والدقة المتناهية فتكون لها هذه الأشكال المتدرجة صعوداً
أو اتساعـاً وهبوطـاً أو ضيقـاً، و تأتي آيات القرآن معلنة بأن أن هذا التنظيم هو من صنع الله، فيعلمـنـا الله أنه هو
الذي قدر ونظم للقمر هذه المنازل حتى يصير له هذا الانتظام في كل التوقيتات والأشكال على مدى الشهر الكامل،
وفي كل شهر وعلى مدى الدهر كله بقوله سـبحانه {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}.ثم تأتي الآية الرابعة لتؤكد أن حركة كل
شيء في هذا الكون تتم فعلاً بانضباط ونظام كامل ومقدر بقول الحق: {لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القَمَرَ وَلاَ الْلَّيْلُ
سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}
هَكَذَا خَلَقَ اللهُ الكَونَ، وَهَكَذَا حَفِظَهُ عَلَى مَرِّ العُصُورِ وَتَوالي الدُّهُورِ، دَقِيقًا في أَجوَدِ صَنعَةٍ، مُتقَنًا في أَحسَنِ هَيئَةٍ،
لا يَتَغَيَّرُ وَلا يَتَبَدَّلُ، وَلا يَمِيلُ شَعرَةً عَن سَبِيلِهِ الَّتي قُدِّرَ لَهُ السَّيرُ فِيهَا،
الا ترى عزيز القاري ان كل هذه الأحكام أنما هي تربية لناس عامة وللمسلمين خاصة ليكونوا في حياتهم منظمين
مرتبين وعلى الصواب سائرين وعن الخطاء متجانفيينانا الأمر كذلك وقد جاء الإسلام بما يصلح حياة الناس وينظمها وبرتبها
ما اجمل ان نرجع إلى النظام ما أحوجنا اليه ان يبداء كل انسان بنفسة ان يبداء
بوجوبِ الصِّدقِ في الأَقوَالِ وَالأَعمَالِ، وَلُزُومِ
في المَوَاعِيدِ وَتَقدِيرِ الوَقتِ، إِلى تَعظِيمِ الأَمَانَةِ وَمَدحِ النَّزَاهَةِ، وَالأَمرِ بِالوَفَاءِ بِالعُقُودِ وَالتِزَامِ المَوَاثِيقِ وَالإِتقَانِ وَالإِحسَانِ، إِلى تَحَرِّي الحَلالِ وَالبُعدِ عَنِ الحَرَامِ وَاجتِنَابِ الشُّبُهَاتِ، وَمُجَانَبَةِ الغِشِّ وَالخَدِيعَةِ وَالتَّطفِيفِ وَأَكلِ الأَموَالِ بِالبَاطِلِ، وَنَحوِ ذَلِكَ مِنَ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَالحُدُودِ الشَّرعِيَّةِ وَالتَّعزِيرَاتِ، الَّتي هِيَ مَجمُوعَةٌ مُتَرَابِطَةٌ مِنَ الأَنظِمَةِ الرَّبَّانِيَّةِ المُحكَمَةِ، البَعِيدَةِ الغَايَاتِ المُشرِقَةِ النِّهَايَاتِ، أَنزَلَهَا لِلعِبَادِ رَبُّ العِبَادِ، الَّذِي يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading