العاصمة

مكالمة قاتلة

0

إيمان العادلى
من سنتين والدي اتوفى ، الدكاترة قالوا إنها سكتة دماغية ، كان في الشغل

لمّا مات وجدوه في مكتبه أمام الكومبيوتر ضهره مرمي للوراء علي الكُرسي شفايفه زرقاء و في نظرة رعب علي وجهه
محدش بلغنا أي تفاصيل أخرى غير هذه
لمّا حد بيتوفي الزمن بيقف عند أسرته تمامًا لكنه بينشط عند الناس الأخرى و بالتالي أسرة الميت هى التي تحتاج الهدوء بيتفاجئوا بكمية إتصالات و رسايل و إيميلات غير طبيعية ، أنا محتاجة وقت و مساحة و بالتالي مكُنتش برد علي حد ، والدتي دخلت في نوبة إكتئاب قاسية و قضت أيامها قاعدة علي سريرها بتبص للحائط بدون ما تنطق و لا كلمة
الدكاترة وصفوا لها مضادات إكتئاب و مهدئات عشان تقدر تنام ، موت بابا دمرها نفسيًا ، كانوا بيحبوا بعض أوي
.
بعد أسبوع رحت شغل بابا عشان اجمع حاجته من مكتبه ، أخدت الكومبيوتر بتاعه و الموبايل وشوية حاجات تخصه ، نزلت قعدت في عربيتي و حطيت الصندوق جنبي و ابتديت افكر في بابا بحزن
تليفونه كان عليه مجموعة رسايل صوتية ، معظمها من ماما بتترجاه يرد عليها و الباقي من اصحابه ، و الكومبيوتر بتاعه فيه شوية إيميلات من ناس بتعزي ، الخلفية بتاعة تليفونه كانت صورتنا و إحنا بنضحك كُلنا السنة اللي فاتت
فجأة تليفونه رن ، رقم مجهول ، ترددت للحظة أرد و لا لأ ، في النهاية قررت أرد يمكن تكون حاجة مُهمة
رديت بصوت مليان حُزن و أنا بمنع نفسي من البكاء بالعافية : ” ألو ؟ ”
محدش رد عليّا بس سامعة صوت شوشرة إليكترونية قوية ، لمّا محدش رد عليّا قررت أقفل ، قبل ما أقفل الخط علي طول سمعت صوت مُخيف بيقول : ” ألو ”
الفضول كان ماليني و أنا برد : ” هاي ”
الصوت رد عليّا بهدوء : ” كُل حاجة هتبقي تمام .. أنا هنا ”
سألته بفضول : ” مين معايا ؟ .. معلش أنا مش عارفة أميّز الصوت و الرقم مش ظاهر عندي ”
الصوت قال ببطء مُخيف : ” إنتي عارفاني كويس .. كُل الناس يعرفوني و سمعوا عني ”
قلتله : ” أنا آسفة .. بس لأ ”
رد عليّا بطريقته المُخيفة : ” مش مهم .. المُهم إن كُل حاجة هتبقي تمام ”
بدأت أحس بالغضب و أنا بسأله : ” مين معايا ؟ ”
بنفس الطريقة رد : ” أنا بس عاوز أقولك إني عارف كُل حاجة عن والدك و عاوز أقولك روحه بأمان .. متقلقيش ”
بعصبية صرخت فيه : ” إنت مين ؟ ”
بدأت السخرية تبان علي صوته و هو بيقول : ” مش مهم تعرفي أنا مين ! ”
صرخت بجنون و الغضب بيملاني : ” لا مهم أعرف ”
سكت ثواني قبل ما يقول بصوت كله شر : ” أنا الشيطان .. إبليس .. لوسيفر و البعض بيقول عليّا أمير الجحيم ”
.
حسيت بالصدمة ، مش عارفة المفروض أقول إيه لشخص سخيف زي دا فاكر إنها حاجة ظريفة إنه يعمل مقلب في بنت راجل ميت من أسبوع ، بدأت أعيط من كتر الغضب ، سمعت صوته بيقول بسُخرية مرة تانية : ” ساكتة ليه ؟ ”
صرخت فيه بغضب و أنا بعيّّط : ” إنت ليه بتعمل كدا ؟ .. ها ؟ .. فاكر إنك شخص ظريف ؟؟ .. لو إتصلت بيّا تاني هبلغ الشُرطة ”
ضحك بسخرية و هو بيقول : ” أنا قلتلك الحقيقة و عارف إنها بتوجع .. بس ضروري نتكلم ”
سألته : ” نتكلم في إيه ؟ .. عاوز مني إيه ؟؟ ”
السُخرية ظهرت في صوته مرة تانية و هو بيقول : ” عاوز أقولك علي كُل حاجة ”
” يعني إيه ؟ ”
” أنا و والدك نعرف بعض من زمان .. من لمّا كان طفل صغير .. هو كان محتاج مني مُساعدة و أنا قدمتهاله .. من ساعتها و إحنا أصحاب و خليني أقولك .. والدك صديق جيد ”
” إنت قلت إنك الشيطان .. إيه اللي يخلي بابا يصاحب الشيطان ؟ ”
” مفيش غير سبب واحد يخلي الشيطان صديق للبشر ”
” الشيطان شيطان و البشر بشر .. إنت عاوز توصل لإيه ؟ ”
” أنا فعلا شيطان و شرير .. مقلتش إني ملاك .. والدك كمان مكانش ملاك ! ”
.
نبرة صوته و هو بينطق الجملة دي خلت قلبي هيقف من الخوف ، جسمي كله كان بيترعش و أنا حاسة بالخوف بيتملكني ، سألته بصوت مهزوز : ” يعني .. يعني إيه ؟ ”
قال بسُخرية : ” زي ما قلتلك .. والدك كان محتاج مني خدمة و أنا عملتهاله .. و بعدين إحتاج شوية خدمات تانية .. فلوس .. مركز .. شغل .. ترقيات .. علاقات و كل حاجة إتمناها عملتهاله و طلبت منه مقابل واحد بس ”
” كان إيه المقابل ؟ ”
” إن بنته تكون ملكي ”
قلبي كان بيترعش من الخوف ، جسمي بيتنفض و انا بقوله : ” مش فاهمة حاجة ”
” والدك طلب حاجات و أنا ساعدته فيها و أنا كمان كنت عاوز حاجات هو عملهالي و صدقيني لما أقولك عمل حاجات متتمنيش إنك تعرفيها ”
صرخت فيه : ” إنت مريض .. إنت مش ممكن تكون شخص طبيعي .. مش ممكن ”
ببطء و بنبرة مخيفة قال : ” هتخسري كل حاجة خلال سنتين .. ساعتها هتصل بيكي تاني علي التليفون دا و أقولك انا عاوز منك إيه ”
” مش هرد عليك تاني ”
” والدتك هتموت بمرض خطير …. جوزك هيخونك مع السكرتيرة بتاعته .. هتحملي و جنينك هيموت جوا الرحم ”
الخط فصل !
رميت التليفون جنبي و جسمي كله بيترعش من الخوف .. مش قادرة أصدق اللي حصل دا !
.
بس عمري ما نسيت المكالمة دي
خصوصا لما شخصوا حالة ماما بالسرطان و ماتت !
و لما إكتشفت خيانة جوزي مع السكرتيرة و إتطلقت منه !!
و لما جنيني مات جوا الرحم و اضطريت أعمل عملية !!!
بكرة هيكون عدا سنتين و هيتصل بيّا و مش عارفة أتصرف ازاي
أرد و لا لأ
ساعدوني … أرجوكم ساعدوني

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading