العاصمة

مربع نص: الاسرة وقاية من الانحراف لدكتور عادل عامر

0

متابعة على صبرى

مقدمة :- أنّ الأسرة هي اللبنة الأولى لصلاح المجتمع ‏‎وهي الحاضنة والأساس في حفظ النشء وتربيته التربية الصالحة والنهج السليم، وإذا كانت اللبِنة قوية و متماسكة قام المجتمع وصلح، وإذا ضعفت ضعف المجتمع وفسد.

إنّ دور الأسرة كبير جداً فهي البيئة الأولى التي يتلقى فيها الأبناء جميع السلوكيات والقيم والأخلاق والثوابت وعلى عاتقها يقع الدور الكبير في وقاية أبنائها من جميع أشكال الانحراف الفكري وتعزيز المناعة الفكرية لديهم منذ طفولتهم لينشأوا قادرين على مواجهة التحديات الفكرية وخاصة في ظل الانفتاح العالمي على كافة الثقافات والتوجيهات،

وذلك من خلال الترسيخ مبدأ الثوابت الأصلية النابعة من العقيدة الاسلامية والأخلاق وتفاعلها مع المتغيرات والمستجدات باعتدال وتوازن. وعلى الأسرة أن تكون واعية لما يقوم به أولادها من أعمال ومطلعة على اتجاهاتهم وأفكارهم من خلال المناقشة معهم المستمرة وسماع آرائهم لما يدور حولهم وبالتالي تصحيح آرائهم اعتماداً على ذلك أو توضيح ما يجدونه غير مناسب ولا يتوافق مع العقيدة والأخلاق،

وخاصةً مراقبة الأبناء عند دخولهم على مواقع الانترنت المختلفة للتأكد من صلاحيتها وطبيعة الفكر المنبثق من هذه المواقع إضافة إلى حرص الأسرة على معرفة رفاق الأبناء وكيفية تفكيرهم بالجلوس معهم والتحدث إليهم لتكون هناك صورة واضحة عن منطق الرفقاء وتوجهاتهم

لأن بعض الشباب إذا شعروا ببُعد الأسرة عنهم يلجؤون إلى الرفقاء وإلى العزلة الشعورية عن الأسرة مما يؤدي إلى تلقيّه لبعض الأفكار التطرفية التي تعزله عن مجتمعه و أسرته.

الامن الفكري

ولتحقيق الأمن الفكري في المجتمع يجب أن نبدأ بالأسرة أولاً، فإن أي خلل في المجتمع حتى يتم تصحيحه يجب أن يوجه الاتهام الأول في التقصير فيه إلى الأسرة قبل أن يوجّه إلى أي طرف آخر.

الأسرة الركيزة الأساس في تكوين نمط شخصية الفرد وأخلاقياته منذ نشأته الأولى، والأسرة تكون إيجابيّة حينما توجّه أبناءها ملتمسة أسلوباً هادئاً يحقّق التوازن في تفكيرهم وتصرّفاتهم، ومواكبة للحياة التي يعيش فيها مع المحافظة على المرتكزات الدينية، وحينما تكون خلاف ذلك تكون النتائج عكسية. ولا شك أن معظم المشكلات الاجتماعية وحلولها يمكن أن نربطها بعوامل مرتبطة بالمواقف الأسرية، ولا يخفى على أحد دور الأسرة الكبير في وقاية الأبناء من جميع أشكال الانحراف الفكري.

ادوار الاسرة الحمائية

ويمكن أن نختصر الأدوار التي يجب على الأسرة أن تقوم بها تجاه أبنائها إلى ثلاثة أدوار: الدور الأول: (الدور البنائي) وهو أن تقوم الأسرة بدورها في تربية الأبناء وتنشئتهم التنشئة الإسلامية الصحيحة وتقوم بمسؤوليتها التي فرضها الله عليها، وهذه المسؤولية قد عبَّر عنها القرآن بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم، وعبّر عنها رسولنا الحبيب – صلى الله عليه وسلم – بقوله: «كلّكم راعٍ وكلّكم مسئول عن رعيته…» (متفق عليه).

الدور الثاني: (الدور الوقائي) وهو دور لابد أن تقوم به الأسرة وهو حماية أفرادها وتحصينهم من الأفكار الضالة والتوجهات المنحرفة، فالأسرة هي المسؤول الأول عن سلامة أفكار أولادها والمحافظة على نقاء الفطرة الأولى التي فطر الله بها العباد، قال – صلى الله عليه وسلم -: «ما من مولود إلا ويولد على الفطرة…» (متفق عليه).

وبحكم أن مجتمعنا مجتمع مسلم محافظ لا يعرف كثير من أفراده الأفكار المنحرفة والتوجهات المبتدعة ‏فإن المسؤولية تكون على الأسرة مضاعفة في تحصين الأبناء وتوفير المناعة الفكرية لهم منذ طفولتهم لينشؤوا قادرين على مواجهة أي تحديات فكرية أو مخاطر عقدية، خاصة بعد الانفتاح الكبير في وسائل الاتصال والمعلومات ورحم الله أمير المؤمنين ‏عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حينما فطن لذلك وقال: «إنما تُنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية».

الدور الثالث: (الدور العلاجي) وهو الدور الذي نسأل الله تعالى ألا يقع فيه أحد، وهو دور تقوم فيه الأسرة بمعالجة ما تجده في الأبناء من مؤثرات فكرية أو شبهات عقلية، ويجب ألا تتهاون الأسرة في حل ما تجده من انحراف في أفكار الأبناء حتى لو أدى ذلك إلى إبلاغ السلطات الحكومية والجهات الرسمية الذي ساهم بشكل كبير في تصحيح أفكار عدد من أبناء الوطن وتوجيههم الوجهة السليمة وتأهيلهم لكي يعودوا لمجتمعهم ولأسرهم صالحين مصلحين.

التحصين الاجتماعي

أن من وسائل التحصين للأبناء على مستوى المجتمع أن يكون هناك دعم مادي ومعنوي لمراكز التنمية الاجتماعية بالأحياء السكنية لتوظيف طاقات الشباب بما يعزز أمنهم الفكري وأشغال الشباب والشابات وخاصة في الإجازة الصيفية ببرامج ثقافية ورياضية واجتماعية مدعومة وشرح مقررات وبرامج للخدمة التطوعية على مستوى الاحياء السكنية ودراسات أسرية متنوعة على أيدي متخصصين بالمجالات المختلفة والتركيز على تعزيز الانتماء الوطني ودعم المسيرة التنموية بالبلاد.

الانفجار التقني

أنّ المجتمع اليوم يشهد انفتاحاً معرفياً واسعاً وتوسعاً كبيراً في وسائل التواصل الاجتماعي التي فرضت نفسها في نشر وتعزيز الثقافات المتعدّدة وأصبحت تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في غرس القناعات لدى أفراد المجتمع، ورغم وجود ذلك بالإضافة إلى الانفجار التقني الذي وصل إلى أيدي الشيوخ والأطفال

إلا أننا نحمّل الأسرة الدور الأكبر والأول في تأصيل القيم وغرس المبادئ وحماية الأفكار وتقوية المناعة لدى الأبناء؛ ونؤمنُ بضرورة أن يكون ذلك في وقتٍ مبكرٍ جداً ابتداءً من اختيار الزوجين ونشأة الأسرة.

وإننا ندرك تماماً حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الأبوين خاصة لكننا ندرك أكثر أن التفريط في هذه الأمانة والتقاعس عن حمل تلك المسؤولية نتيجته وخيمة على المجتمع بأسره، ولهذا كان لابد من حمل هم التربية وطَرْق كل السبل واتباع جميع الوسائل المعينة على تبني الأسلوب الأمثل في تطبيق النهج الصحيح الذي يضمن صحة نفسية مثلى ومناعة فكرية جيدة لدى الأبناء. لان أهمية تجنب المتناقضات الفكرية والانفعالات العاطفية الزائدة التي قد تظهر عند بعض المتعصبين من الشخصيات البارزة في المجتمع،

ومحاولة إشراك الأبناء منذ الصغر في الاطلاع على القضايا الهامة التي يتعرض لها المجتمع والعالم وإبداء الرأي حولها وتوجيههم فيما يبدونه من رأي مع التأكيد على أهمية غرس الثقة في النفس واحترام الرأي الآخر وضبط الانفعالات.

وأخيراً نقول: إنه لا يمكن أن نغفل بأن ذلك كله هي أسباب والله سبحانه مسبب الأسباب، فالدعاء وسؤال الله الهداية والصلاح والحفظ هو رأس ذلك كلّه.

أن الأسرة في الشريعة الإسلامية مقدسة روحاً ومعنى، والشارع الحكيم قصدها في عقيدتها وعملها وسلوكها، إذ في استقامة الأسرة حياة للشعوب سعيدة، وفي انحرافها خراب ودمار، وجعل القوامة فيها للرجال وخصّص بذلك الأب وخاطبته الشريعة بما له وما عليه حتى يقود الأسرة إلى سفينة النجاة.

فأوجب الله على الأب النفقة والسكنى لأولاده وزوجه وحث النبي – صلى الله عليه وسلم – على اختيار الزوجة الصالحة وأمر الله ولي أمر الأسرة أن يتّق الله في نفسه وفيمن تحت يده وأن يقيهم من عذاب النار {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} وثبت أفئدتهم وطمّن نفوسهم بقوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}،

وقال: {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} وقال سبحانه: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} وقال: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ}.أن بر الوالدين بوالديهم سبب من أسباب بركات الأسرة. وأنّ النية الصالحة من الوالدين تبارك الأسرة وأفرادها. كتاب الله مبارك إذ فشا في الأسرة حفظاً وعملاً وتدبراً أكرم الله الأسرة من الانحراف والتفكك، والقرآن يكرم صاحبه في الدنيا فكيف بالآخرة، كما أن الاقتفاء ببيتوتات الأنبياء والرسل والصالحين والاستفادة من مآثرهم وكيف كانت السكينة تحفّهم والرحمة تغشاهم. ما رأيت مثل حسن الخلق، والسخاء، والكرم، والجود، والبذل، مع أفراد الأسرة والأقربين جميعاً. بذلك تملك القلوب، وترزق الوقاية من الانحراف والشطط، وتحيي النفوس زكية طيبة، وتستقيم الحياة، وتنجو السفينة، وترسو في مستقر النجاة.

ولتعزيز المناعة الفكرية ، ودور الأسرة في ذلك

أولاً: عن طريق الإعلام بكل أنواعه، فعلى وزارتي الإعلام والتعليم التعاون معاً في إيجاد آلية مناسبة لكل قضية وقعت أو متوقع وقوعها. وتكمن مسؤولية الأسرة في تشجيع الأبناء على المشاركة،

ويسبقه تشجيع الأسرة بما يحقق الهدف؛ كإنتاج أفلام قصيرة أو وثائقية مؤثرة عن مآلات الانحراف الفكري بالتعاون مع أهل الاختصاص وهم العلماء الشرعيون والإعلاميون بدلاً من تركه لمن يشوّه الدين الذي يدين به المجتمع السعودي، فنتسبّب في خلق التناقض تجاهه أو الغلو به.

ثانياً: بضبط حرية الرأي تجاه الدين، والفرد، والمجتمع، وأجهزة الدولة، وذلك بسن قانون يحفظ للجميع حقه، وتوعية الأسرة في حث الأبناء على التمسك بتلك الضوابط من خلال خُطب الجمعة والإعلام.

ثالثاً: تحديد أماكن تجمّع الشباب كالاستراحات، والمقاهي، وإعداد برامج متنوعة على مدار الـ24 ساعة ليتسنى للجميع التوافد في أي وقت؛ وهذا تقوم به وزارة الشؤون البلدية والقروية.

رابعاً: تفعيل دور ملاعب الأحياء بإعداد برامج رياضية وسلوكية، وهذا تقوم به الرئاسة العامة لرعاية الشباب مع لجان الأحياء.

أن هناك وسائل معينة للأسرة في تطبيق المنهج الصحيح من الانحراف الفكري:

أولاً: تدريبها على الحوار الأسري ومجاراة العصر وذلك بالتعاون مع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني من خلال عقد دورات أو الحضور للمنازل أو عبر الإعلام.

ثانياً: تبني الأسر التي تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية، فالأبوان المنفصلان سبب في تنشئة طفل فاقد للمسؤولية، والأسرة غير القادرة على تلبية الاحتياجات سبب في نمو طفل عاجز عن تحقيق طموحه، والأبوان المعتقلان سبب في سلوك طفل لا يتقبل الرأي الآخر ومتمرد على نظام الدولة، فتبني هؤلاء واحتواء مشاكلهم سيخفف من انحرافهم الفكري الذي يسبب حرمان الآخر من حقه في الحياة!

ثالثاً: استحداث برنامج متابعة الطالب في المدرسة ويكون بين المختص النفسي أو الاجتماعي وولي الأمر بأن يقدم ملخصاً كل شهر أو كل فصل دراسي عن كل طالب يقدمه بيد ولي أمر الطالب في المنزل سواء كان الملخص إيجابيا أو سلبيا،

رابعاً: على كل أسرة استغلال الإجازة الصيفية في تربية الطفل على تحمل المسؤولية كالعمل في مهن مناسبة لأعمارهم، أو التخطيط لرحلة ما، أو رعاية مريض، إلى غير ذلك، فعلى وزارة الإعلام تثقيف الأسر في ذلك.

خامساً: على كل أب أو ولي أمر حث الطفل على الاهتمام بالمرأة أي امرأة من محارمه -وبالأخص أخته – ورحمتها وإعانتها على قضاء حوائجها، لأنه سيجد ملاذاً عاطفياً وروحاً شاكرة له على خدمتها، وسيشعر بالمسؤولية أكثر.

سادساً: العودة إلى أدوار الأسرة الصحيحة بدل سيطرة السائق والخادمة على دور الأب والأم. ومما أعاق الأسرة من مواجهة الانحراف الفكري هو السماح للفرد باستخدام وسائل الإعلام بأنواعه ووسائل التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية دون ضوابط.

حتى لا تُستغل من قِبل عدو أو مغرر به أو من نقصت فيه أساسيات التربية الصحيحة، للأسف نرى استخدام الشباب لتلك الوسائل فوق مستوى الرفاهية والمباح إلى الإساءة لدينهم وأخلاقهم ووطنهم ومجتمعهم بأسلوب الفكاهة أو التحدي!

أو استخدامها فقط لكشف المستور، للأسف تبين لاحقاً أن الغاية من جذب المجتمعات لها هو لاستغلالها أمنياً واجتماعياً وسياسياً؛ فضوابط الاستخدام ستقلل من الضرر المتوقع وإن وقع يمكن حصره أو كشفه. هذه الضوابط تتنوع حسب الفئة العمرية وتكون من المدرسة مع الطالب إلى أن يكون موظفاً يخدم وطنه.

مفهوم الاسرة واهميتها

الأسرة هي العامل الأول والأساسي في تكوين الكيان المجتمعي والتربوي . حيث تسهم الأسرة في تكوين شخصية الطفل وتعليمه العادات والتقاليد والتربية والدين كل هذه الأمور تقوم بها الأسرة. لذلك هي من أهم مكونات المجتمع. فالطفل غالبا يقلد أبوية اللذان ربياه في السلوك والعادات. لهذا نقدم لكم تعريف الأسرة وما هي وظائفها؟

الأسرة: تعرف الأسرة علي أنها هي الخلية الأساسية في المجتمع وأهم جماعاته الأولية. وهي عبارة عن رابطة اجتماعية تتكون من الأب والأم والأبناء .

وظائف الأسرة: الوظيفة بيولوجية : هذه الوظيفة تقتصر على انجاب الأطفال وتحديد وتنظيم النسل. الوظيفة النفسية : تعد الوظيفة النفسية من أهم وظائف الأسرة اتجاه أبناءها فهي التي تبث في أفراد الأسرة الراحة النفسية والاحساس بالأمان والاستقرار الاجتماعي كما تساعدهم في حل مشاكلهم الخاصة والعامة.

تعمل الأسرة على جعل الأبناء ذوي شخصيات متزنة من خلال اعطاء الأبناء الاحترام والتقدير وتنمية الثقة بالنفس في داخلهم. كما تعزز من قيمتهم داخل الأسرة مما يجعلهم أشخاص ناجحين. تمنح الأسرة أبناءها الحب والاحتواء حتي يكونوا ناضجين عاطفيا ولا ينجرفوا الي التيارات العاطفية التي تسبب فساد حياتهم. الوظيفة الاجتماعية : يبقي علي عاتق الأسرة تعليم الابناء ثقافة التعامل مع الأخرين والسلوك والمبادئ .

فمثلا لابد من تعليم الأبناء كيفية احترام الأخرين واحترام حقوقهم الشخصية واحترام أراءهم. وكيفية الحديث معهم. وكيفية تحمل المسؤولية الاجتماعية اتجاه الأخرين.

كما تعمل الأسرة علي تعليم الأبناء كيفية التعامل بفاعلية داخل المجتمع ومساعدة الأسر الفقيرة والاشتراك في الجمعيات الخيرية والأنشطة الاجتماعية من خلال مشاركة الأبناء وتشجيعهم على مثل هذه الأعمال. أيضا من الواجبات الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة هي تعليم الأبناء العادات والتقاليد والعقائد وأسس السلوك في المجتمع الذي يعيشون فيه .

أيضا لابد من تعليم أبناءنا كيفية حل مشاكلهم وكيفية ادارة أمور الحياة واحتمال مصاعبها. الوظيفة التربوية : وظيفة الأسرة تربويا لا تقف عند حد توفير الطعام والملبس والعلاج وتوفير الاحتياجات المادية للأبناء بل تمتد الي تعليمهم الأخلاق والقيم والعادات الاجتماعية التي تغرس في الفرد الانتماء وحب الوطن وكيفية التضحية من أجله.

كما تعمل الأسرة تربويا في تعليم الأبناء كيفية الاعتماد على ذواتهم وتنمية مهاراتهم وعدم التوقف عند تعلم المناهج الدراسية بل مساعدتهم علي تعلم المهارات وأخذ دورات تدريبية في كل ما يبني مستقبلهم العلمي والشخصي مثل تعلم اللغات وتعلم برامج الحاسب الألي.

كذلك تساعد الأسرة الطفل علي ممارسة هواياته وعدم حرمه منها حتي يصبح ناجح في هوايته المفضلة سواء كانت موسيقي أو شعر أو رياضة أو غيرها من الهوايات.

أساسيات بناء الأسرة الفعالة والايجابية:

أ- حسن الاختيار: إن الأنسان – ذكراً كان أو أنثى – حين يفكر في تكوين أسرة وإنشاء بيت سيبحث في شريكه أو شريكته عن الدين والخلق أولاً وقبل كل شيء، ذلك أن الزواج ليس مجرد قضاء وطر أو إشباع شهوة، بل إنه فطرة إنسانية و ضرورة اجتماعية لها منزلة سامية، ومن هنا يحرص الشخص السوي على التدقيق التام في مسألة انتقاء الزوج أو الزوجة امتثالاً للتوجيهات النبوية في هذا الشأن كمسلم أو كإنسان ايجابي ومتفائل وفعال في مجتمعه،

أن الناس متفاوتون في نظرتهم إلى المواصفات المطلوب توافرها في الزوجة، فمنهم من تكون نظرته إلى المال فقط، ومنهم مَنْ يتجه صوب الحسب المجرد، ومنهم مَنْ يشترط توافر الجمال الشكلي، وفئة رابعة هي الرابحة، لأنها تبحث عن الأصل الجامع لكل خير وهو الدين، والذي إذا وجده الإنسان فقد وجد كل شيء،

و في ذلك يقول الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ : ( تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها، وجمالها، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك) ( متفق عليه) .

ب- أداء الحقوق الزوجية: تكفلت توجيهات ديننا الحنيف بوضع الأسس السليمة لتحقيق السعادة والاستقرار للأسرة المسلمة، فقد أمر الأزواج بحسن معاملة زوجاتهم وفي هذا يقول المولى عز وجل: ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) ( النساء: 19) ، ويقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (فاتقوا الله في النساء، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإن لهن عليكم ولكم عليهن حقاً).( رواه أحمد وبن ماجه). بل جعل الإسلام حسن معاملة الزوج لأهله من أمارات مروءته وخيريته، وفي ذلك يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) (رواه ابن ماجه).

وكذلك أمر الإسلام الزوجات بحسن عشرة أزواجهنّ، وجعل أداء المرأة حق ربها متوقفاً على أداء حق زوجها ، يقول معلم البشرية صلوات الله عليه وسلامه: (لو كنت آمراً أ حدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدّي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه) .( رواه ابن ماجه).

ولاشك أن كلاً من الزوجين إذا التزم بهذه التوجيهات الحكيمة يتحقق للأسرة المسلمة الاستقرار والأمن والطمأنينة فتصبح مهيأة لتربية الأجيال المؤمنة الصالحة.

ج- تربية الأولاد: يؤكد الإسلام على حسن تربية الأولاد و تنشئتهم نشأةً إسلامية صحيحة، فقد قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس و الحجارة ..)

( التحريم: 6).والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جعل كلاً من الرجل والمرأة مسئولا عن أمانة بيته حيث يقول:(والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها). (أخرجه البخاري).

وتبدأ مسؤولية كلاً من الرجل والمرأة تجاه أولادهما منذ اللحظة الأولى التي يتجه فيها تفكريهما إلى إنشاء بيت وتكوين أسرة، إذ أن عليهما أن يحسنا انتقاء واختيار من سيكون أباً أو أماً لأطفالهما.

ثم بعد أن يأتي المولود إلى هذه الدنيا، يأمر المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تكون كلمة التوحيد أول ما يقرع سمع الوليد، كما أنّ من سنته التأذين في أذن المولود اليمنى والإقامة في اليسرى ، أضف إلى ذلك مظاهر البشر والسرور المتمثلة في العقيقة، واختيار اسم جميل له. فالأولاد غرس الآباء، وثمرات أفئدتهم، فإن كان الوالد حريصا على رعاية غرسه وتعاهده، وحمايته من الآفات التي قد تفسده أو تهلكه، فإنه يكون غرسا صالحا، مثمرا نافعا بإذن الله، وإن أهمله وتركه، ولم يعطه حقه من الرعاية والعناية،

فإن مصيره في الغالب هو الهلاك والبوار، فيشقى بنفسه ، ويشقى والديه ومجتمعه من حوله. فعلينا ـ معشر المسلمين ـ التمسك والالتزام بهذه المبادئ والأسس المتينة في بناء الأسرة حتى تنهض أمتنا الإسلامية من جديد و تستعيد مكانتها ودورها الريادي على المستوى العالمي . د- الحب: يتحدث العالم النفسي (أدلر ) عن رابطة الحب ـ كما ورد في كتاب الدكتورة سميحة كرم عن العلاقات الأسرية،

فيقول: إنها خليط من القوة والحنان، ((لأن كلاً من الرجل والمرأة يريد أن يحيط كل منهما الآخر بعنايته، وأن يسبغ عليه عطفه وحنانه من جهته، كما أن كلاً منهما يريد أن يركن إلى الآخر ويتلقى منه العطف والرعاية كأنما هو مجرد طفل، وحاجته إلى رعاية الآخرين كأنما هو أب مسؤول )). ويرى علماء النفس بصفة عامة أن على الزوج ألا ينتظر أن يأتي الحب منذ بداية الحياة الزوجية حباً ناضجاً مكتملاً، لأن الجانب الحسي في الحياة الزوجية ـ وخاصة بالنسبة للمرأة ـ هو في حاجة إلى تهيئة طويلة وتربية دقيقة.

ه- الاحترام: من المهم أن يحترم كل شريك شخصية الطرف الآخر، ويتقبل عيوبها قبل مزاياها، والتقبل يعني القبول والتفهم بأن صفات قرينه قد يكون جزء منها وليد الظروف والبيئة، لذا يجب ألا نحاول أن نعيب على الطرف الآخر تلك العيوب ونتذمر منها، ونحاول أن نغيرها بالقوة.

فبعض هذه العيوب قد يذوب تلقائياً عندما يشعر الطرف الذي يحملها أن شريكه يقبلها فقط من أجله، رغم أنها قد تكون صفات غير مرغوب فيها، وبعضها الآخر قد يظل على ما هو عليه، إذن فما جدوى الانتقاد الدائم والنزاع المستمر بشأنها؟ إن ذلك لن يخلق إلا مزيداً من المصاعب والمتاعب.

ونعني أيضاً بالاحترام تقدير القرين لآراء الطرف الآخر حتى ولو كانت لا تساير رغباته الشخصية، وهنا يظهر مبدأ التقارب الفكري، لأنه لا بد من التقابل في المنتصف . . إن ذلك يعني ويؤكد احترام كل منهما لآراء الآخر.

والاحترام يشمل احترام كيان الشخص في وجوده أو غيابه، لأنه لا يصح أبداً أن نذم أو نشكو الشريك لآخرين في حالة عدم وجوده. . إن ذلك يهدم صرح الشريك في داخل الفرد قبل أن يهدم في عيون الآخرين.

و- الانتماء: إن الشعور بالانتماء إلى الكيان الأسري من المفاهيم الأساس في العلاقة الزوجية، فالزواج ليس مجرد علاقة رسمية فقط تمت بموجب عقد الزواج، أو مجرد علاقة جسدية أباحها العقد ذاته، أو هو مجرد معيشة فردين معاً ألزمها الزواج،

إن الزواج أسمى من ذلك بكثير، إنه يعني أن هناك شخصين قد ارتضيا أن يكملا مسيرة حياتهما معاً، يتقاسمان مرها قبل حلوها، وكل منهما يشعر بآلام الآخر كأنها آلامه، ويرقص قلبه فرحاً بأفراح شريكه، وكل نجاح أو تحقيق هدف يسجل لصالح الكيان الأسري

وليس لصالح فرد معين. إن الفتاة تترك أسرتها الكبيرة وتذهب لتكوّن أسرتها الصغيرة، ويصبح انتماؤها الأكبر لأسرتها الصغيرة.

ح- التعاون: إن التعاون من السمات الأساس التي يجب أن يتحلى بها الزوجان، فكل منهما لا بد أن يكون السند للطرف الآخر .

. وقد يكون من المفيد أن نشير لبعض الصور السلبية التي قد نشاهدها أحياناً في بعض الأسر، حيث يقف أحد الطرفين في طريق نجاح الطرف الآخر، ويتفنن في وضع العراقيل أمامه، وكأن نجاح الشريك يحط من قدره هو.

وفي الطرف المقابل نرى صوراً جميلة للتعاون بين الزوجين، فكل منهما يعاون الآخر ليدفعه قدماً للأمام، وليس هناك مانع من أن يتنازل أحد الطرفين قليلاً عن أهدافه إذا كانت ستعوق تحقيق أهداف الطرف الآخر، لأن كل تقدم يصيب أي شريك هو في النهاية لصالح الأسرة التي تضمهما معاً، لذا فإن القول: بأن ((وراء كل رجل عظيم امرأة )) هو قول على قدر كبير من الصواب والصدق.

ط- الصداقة: لعل الصداقة هي الكلمة التي تشمل كل الصفات السابقة المتعلقة بالمفاهيم الأساس في العلاقة الزوجية، فالصداقة تعني المحبة الحقيقية، وتعني الاحترام المتبادل القائم على التفاهم، والانتماء الذي يعني الالتزام الأدبي والمعنوي تجاه الطرف الآخر.

إن من أجمل التعبيرات التي تسمعها من أحد الزوجين أنه بالإضافة إلى علاقتهما الزوجية فإنهما قد يصبحا صديقين . .

فالزوج قد لا يستطيع أن يبوح بكل مكنونات قلبه لزوجته ولكنه قد يقولها إذا شعر أن زوجته صديقته، بمعنى أن بإمكانها أن تفهم وتقدر دوافع سلوكه، ولن تسيء فهم كلماته .

يعتبر الزواج أو الأسرة جماعة تتميز إلى حد كبير بما تتميز به الجماعات الأولية والاجتماعية من خصائص. وعلى الرغم من ذلك فهناك بعض الخصائص التي تتميز بها مثل هذه الجماعات توفر قدراً أكبر من الاعتماد المتبادل الذي يؤدي إلى زيادة التفاعل بصورة أكبر مما يحدث في كثير من الجماعات الأخرى.

ويؤدي تشابك الأدوار التي تتضمنها جماعة الأسرة إلى أن تصبح كثير من التصرفات والأفعال التي تصدر عن الأعضاء ذات آثار عميقة في الأعضاء الآخرين.

فهناك علاقات ودية متوازنة بين كثير من أعضاء الأسرة كالعلاقات بين الأبوين، وبينهما وبين الأطفال . . مثل هذه العوامل تتفاعل مع غيرها وتميل إلى زيادة كثافتها.

الادوار الثلاثة للأسرة

يعد البناء الاجتماعي أحد الأسس الذي تصب فيه قيم الأمة وسلوكياتها، وهو الذي يعطيها الصورة النهائية لمظهرها العام ولشكلها الحضاري، ولذا نجد أن الأحكام التي تطلق على أي أمة من الأمم أو مجتمع من المجتمعات بكونها أمة أو مجتمعاً متحضراً أو متخلفاً تنطلق من رصد دقيق، أو حتى سريع للنمط الاجتماعي الذي تعيشه هذه الأمة،

ولشكل العلاقات الاجتماعية التي تربط أفراد هذه المجتمعات بعضها ببعض، وللسلوك الاجتماعي العام فيها، وإذا سلمنا بمقولة علماء الاجتماع الشهيرة التي تقول: “إن الإنسان مدني بطبعه” ،فإننا بذلك نعتقد أن الفطرة الإنسانية هي بطبيعتها ميالة للاجتماع والتقارب مع أبناء جنسها،

فإن الإنسان لا يستطيع العيش بمعزل عن أبناء جنسه، وهذا ما ألمح إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ .

والأسرة أهم المؤسسات الاجتماعية في المجتمعات كافة التقليدية منها والمعاصرة، وتعد أقدم التشكيلات الاجتماعية – قبل الدولة والمجتمع – بوصفها استجابة لحاجات ضرورية – غريزية – أساسية، وتنشأ بصورة طبيعية اختيارية ليست بصورة إجبارية، فهي بذلك الحجر الأساس واللبنة الأولى التي يستند عليها البناء الاجتماعي. فقد اقتضت حكمة الله تعالى ألا يستقيم للإنسان شأن، ولا تتهيأ له الحياة الآمنة السعيدة، والنهوض بأعباء خلافته سبحانه في الأرض وأداء الأمانة، إلا بالعيش في الإطار الاجتماعي الذي نواته وركيزته نظام الأسرة، وتعرض النظام الاجتماعي في الأسرة للخلل أو التشويه تتأثر بذلك كل النظم الاجتماعية داخل المجتمع ، ويصبح من الصعب إعادة بناء المجتمع وفق هويته لفقده للحاضنة السليمة القادرة على القيام بواجبها اتجاه الثقافة والهوية.

وعلى الرغم من تماسك وضع الأسرة – نسبياً – في المجتمعات العربية والإسلامية إلا أن السنوات الأخيرة أدخلت كثيراً من المتغيرات التي أربكت نظام الأسرة سواء على مستوى العلاقات أو على مستوى الوظائف والأدوار مما فرض نوعاً جديداً من التحديات التي ربما أنها لم تأخذ حقها من التأمل والدراسة.

-1- لقد اتفقت الأمم والشعوب منذ قديم الزمان على اختلاف أديانها وحضاراتها على أهمية الأسرة ككيان اجتماعي رغم اختلافهم في القوانين والأحكام التي تحكم هذا الكيان، لكنهم مجمعون على أن بقاء المجتمع مرهون ببقاء الأسرة وحيويتها وعطائها وهذا يبرز أهمية الأسرة.

وقد نظمت النصوص الشرعية مجتمع الأسرة – وهو اللبنة الأولى في بناء المجتمع – من حيث العلاقة بين الزوجين، وعلاقة الآباء بأولادهم، وربطت ما بين الأقارب، وفصلت الحقوق والواجبات لكل إنسان داخل بناء الأسرة، وتعرضت للواجبات الأدبية والحقوق المادية فنظمت التوارث،

ونظمت العلاقة بين الفقير والغني في الأسرة فأوجبت على الغني النفقة على الفقير. إن من أهم أدوار الأسرة توفير البيئة النفسية والعاطفية المستقرة للأبناء، حيث تسود لغة المودة والرحمة، وهما اللفظان اللذان عبر بهما القرآن عن وصف العلاقة الزوجية في قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

يقول سيد قطب: “والتعبير القرآني اللطيف يصور هذه العلاقة تصويراً موجباً، وكأنما يلتقط الصورة من أعماق القلب وأغوار النفس ,, لتسكنوا إليها ,, … ،، وجعل بينكم مودة ورحمة،،.. ،،إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون،، فيدركون رحمة الخالق في خلق كل من الجنسين على نحو يجعله موافقاً للآخر.

ملبياً لحاجته الفطرية، نفسية وعقلية وجسدية بحيث يجد عنده الراحة والطمأنينة والاستقرار، ويجدان في اجتماعهما السكن والاكتفاء والمودة والرحمة؛ لأن تركيبهما النفسي والعصبي والعضوي ملحوظ فيه تلبية رغائب كل منهما في الآخر وائتلافهما وامتزاجهما في النهاية لإنشاء حياة جدية تتمثل في جيل جديد”

وتبرز أهمية الأسرة من خلال عدة نقاط يمكن أن نوجزها فيما يلي:

تعتبر الأسرة أهم مؤسسة اجتماعية أوكلت لها مهمة تربية النشء وتنمية قواه المختلفة من خلال وظائفها المتعددة ، ومن خلال ما يعرف بعملية “التنشئة الاجتماعية” ، والتي تشكل اهم عملية تقوم بها التربية اتجاه النشء ، وتأتي الأسرة في مقدمة المؤسسات الاجتماعية المناط بها هذا الدور، والذي يزداد أهمية مع التغيرات العصر وتحدياته ، ممثلاً في التطور التكنولوجي من الوسائل السمعية البصرية ،وأهمها الأنترنت وما تمثله من خطر يهدد النشء الصغار ،بل حتى الكبار، “فإذا كانت الأسرة تعمل على الاستمرار المادي للمجتمع بإمداده بأعضاء جدد عن طريق التناسل، وبهذا تحفظ كيانه العضوي ، فإنها تتولى ايضاً الاستمرار المعنوي لهذا المجتمع وذلك بتأصيل قيمه ومعايير سلوكه واتجاهاته وعوائده وطرائقه عند أطفال المجتمع، وبهذا تحفظ كيانه

تمثل الأسرة وحدة أساسية من وحدات المجتمع ، وفيها تنعكس اوضاع المجتمع قوة وضعفاً فمنها تبدأ صحة المجتمع وعافيته ،ومنها ينهار ويتلاشى .

تعتبر الأسرة المكان الطبيعي الذي تلبى فيه الحاجات الفطرية والغرائز الضرورية للإنسان سواء منها الغريزة الطبيعية أو الميل للنسل والتكاثر ، وكذلك تحقيق السكن النفسي والعاطفي. -2- يمكن لنا أن نقرأ في تطور الأسرة الكثير من النظريات التي رأت في هذه المؤسسة الهامة حالة من الانتقال والتحول من الصور البدائية الى الحالة الراهنة ،

وان كنا في التربية الإسلامية لا نسلم بهذه الأفكار التي تتناقض مع مضمون الوحي الذي نص على تكون الأسرة الأولى في حياة البشرية في الجنة من خلال خلق آدم عليه السلام وزوجه حواء، قـــال تعــــالى:

وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ مع افتراض ان البشرية عبر مراحلها المختلفة قد ترتكس الى صور من هذه الأشكال البدائية للأسرة مما أحدث تحولاً كبيراً في شكلها ووظائفها ومسئولياتها.

وما يهمنا في هذا المقال هو التحولات التي طرأت على الأسرة نتيجة تغيرات الحياة المعاصرة ، سواءً التغيرات الاقتصادية أو التغيرات السياسية – تشكل الدولة الحديثة – وما صاحب هذه التغيرات من تغير في نواحي كثيرة للأسرة ومن اهمها:

مكونات الأسرة: كانت الأسرة أكثر اتساعاً مما هي عليه الآن فكانت تضم عدة اجيال قد تصل الى ثلاثة أو اربع اجيال تحت سقف واحد فيما يعرف بالأسرة الممتدة بينما هي الآن تقتصر على الزوج والزوجة والأبناء فقط او ما يسمى بالأسرة النووية.

السلطة في الأسرة: كانت الأسرة قديماً تخضع لأكبر افرادها الذي كان غالباً الجد أو الأب، ومن خلال سلطته على افراد الأسرة كان يتحقق النظام والاحترام ، وتتشكل المسئوليات والدوار داخل الأسرة ، أما في المجتمع المعاصر فالسلطة اصبحت تخضع لعوامل اخرى من اهمها العامل الاقتصادي والثقافي- التعليمي- ، ولذلك قد تكون بيد الأب أو احياناً بيد الأم ، وربما تصل الى احد الأبناء.

وظائف الأسرة: تحولت الأسرة من واقع الوظائف الكثيرة والمتعددة التي كانت تقوم بها (اجتماعية، واقتصادية، ودينية ، وتربوية ، وسياسية) الى عدد محدود من الوظائف والمهام التي تقوم بها في العصر الحديث ربما لا تتجاوز الرعاية الجسدية والاقتصادية.

شكل الأسرة: كانت الأسرة محافظة على شكل تقليدي عبر عصور طويلة يتمثل في أبوين( ذكر وأنثى) ومجموعة من الأبناء سواء بشكلها الممتد أو النووي، لكن التحولات في الحياة المعاصرة – وما صاحبها من انحرافات عن الفطرة السليمة- حولت شكل الأسرة الى اشكال جديدة أحادية الأبوية كأم ومجموعة من الأطفال ، أو أب ومجموعة من الأطفال أو ما يعرف بظاهرة الأمهات العازبات.

-3 تبرز التحديات التي تواجه الأسرة في الواقع المعاصر من خلال تأثيرات الحياة المعاصرة بمكوناتها المختلفة ، وخصوصاً التكنولوجية- ونحن نعيش أوْج عصر التكنولوجيا – والتي يقف على قمتها عالم الانترنت بمؤثراته العميقة و المتمكنة من كل حياتنا في جميع جوانبها، لتحدث أعمق الأثر في المستويات المختلفة داخل الأسرة المسلمة ، والتي يمكن أن نبرزها فيما يلي:

التحديات الاجتماعية على مستوى العلاقات:

تتكون الأسرة في بنائها الهيكلي من علاقات قائمة على ترتيب محدد ناتج عن الثقافة الاجتماعية أو الدينية لكل مجتمع ، مما يجعل هذه العلاقات تسير في مسارات محددة ،ومحكومة بقيم وعادات تجعل منها ثابتة نسبياً على الأقل خلال مدى زمني معين، وهذا الهيكل الأسري يتكون من بناء هرمي نازل يبدأ من رأس الأسرة (الأب مثلا) صاحب السلطة ويمر بأفراد الأسرة الموازين له في الهرم كالزوجة وصولاً الى الأبناء.

النظام الحاكم للأسرة

والعلاقات داخل الأسرة تتمثل في وجود نظام حاكم لهذه الاسرة وان كان غير مكتوب او محرر في شكل مواد قانونية – كما هو الحال في المؤسسات التجارية – الا ان هذا النظام يظهر من خلال العلاقات والتراتبية الناتجة عنها،

ولذلك نجد سلطة الأب في المجتمعات التقليدية تشكل أمراً لا يقبل النقاش بين افراد الأسرة والكل يخضع لهذه السلطة بشكل تلقائي ، ومن خلالها يتم تنظيم العلاقات الأسرية سواءً على مستوى التوجيهات والأوامر أو على مستوى تحديد الأدوار والمسئوليات داخل الأسرة.

واذا نطرنا الى العلاقات داخل الأسرة المعاصرة نجد أنها آخذة في التراجع فقد دخلت تعديلات ملحوظة على سلطة الأب على الزوجة وعلى الأولاد ، فخففت بشكل ملحوظ ، بل اتجهت بعض القوانين الوضعية في كثير من البلاد إلى الكلام عن ” سلطة الوالدين ” لا عن سلطة “الأب” فقط كما تعتبر الزوج ” ممثلا ” لسلطة الوالدين في التعامل مع المجتمع خارج الأسرة!!.

لذلك نجد أن الابناء في الأسرة المعاصرة لم يعد يخضعون لسلطة الأب أو سلطة الوالدين من خلال قوة العلاقات الأسرية ، وإنما هم يخضعون لتلك السلطة بسبب كونهم قصرا ، أي بسبب عجزهم المؤقت عن الاستقلال والاعتماد على أنفسهم ،وتحولت العلاقات من شكلها القانوني – الحقوقي – الى علاقات قائمة على الذاتية والشخصية ومدى قرب الفرد من الآخر ،بما تشكله هذه العلاقات الذاتية من نسبية وتغير بسبب قيمها على التقرير الذاتي والذوق والحكم الشخصي، مما يجعلها متذبذبة ، وضعيفة ، وجزئية

وأياً كانت الأسباب التي تقف وراء هذا التغير في شكل العلاقات وهل هي نتاج سيطرة الطابع الفردي على الحياة الاجتماعية ونمو الشخصية الفردية ، أما كانت نتاج تغير القيم الحاكمة للأسرة في الحياة المعاصرة والتي تمددت فيها قيم الأنانية ، والقسوة ، واللامبالاة ،فإنه من المؤكد أن هذه العلاقات اصبحت مهددة داخل الأسرة بالتوتر ، والتأزم ، بل والانهيار في احيان كثيرة.

لقد جاء عصر الانترنت ليكمل طريق التحديث للحياة المعاصرة وليشكل أكبر تحدي للأسرة في علاقاتها نتيجة تكريسه لروح الفردية داخل كيان الأسرة وليصبح لكل فرد من أفراد الأسرة عالمه الافتراضي الذي ليس له أي صلة بعالمه الواقعي الذي يعيشه فهو مع اسرته قالباً لكنه يسبح في فضاء الانترنت قلباً واحساساً وتفاعلاً،

وهذا الأمر زاد تفشياً داخل الأسرة بعد ثورة أجهزة الهاتف النقال الذكية التي كورة العالم بين يدي الإنسان وجعلت من وصول الملايين من البشر للإنترنت امرأ اسهل من تنفس الهواء ، ومنها بدأت السيطرة الحقيقية على قلب الإنسان ، وحياته تبعاً لذلك.

لقد تجلت أهم مظاهر التحديات الاجتماعية الانترنت على مستوى العلاقات في مجموعة من المظاهر داخل الأسرة وهي:

ضعف التواصل داخل الأسرة على جميع المستويات بسبب التهام الانترنت لفائض الوقت الذي كان يشكل فضاء طبيعي للتواصل بين افراد الاسرة، وحتى مع احتفاظ بعض الاسر بفكرة التواجد الجماعي في مكان واحد – سواء للأكل او الأحاديث – الا ان الجميع يبحر في عالمه الخاص عبر مركبته الفضائية( الجهاز النقال)،وبالتالي تتقلص العلاقات نتيجة لذلك لتصبح علاقات مؤقته لضرورة وبحدها الأدنى.

أحدث الانترنت نوعاً من التباين بين الأجيال ؛ نتيجة لاختلاف الثقافة التي تكونت عند الاجيال الأصغر بسبب تعرضهم لهذا التنوع الكبير ، والمختلف عن انماط الثقافة السائدة ، وما نتج عنه من شخصيات مختلفة في الفكر ، والشعور بل وحتى المظهر – وهذا احد تجليات العولمة التي اسهمت تكنولوجيا المعلومات فيها – وهذا سبب فقد الاتصال داخل الاسرة لتأثيراته ، مما يجعل العلاقات بين الافراد – خصوصا الكبار والصغار – علاقات غير مثمرة أو غير مفيدة لأنها تفتقد للأرضية المشتركة التي تقف عليها.

فقد الصغار دخل الاسرة فرصة التواصل الدائم مع عالم الكبار بسبب انشغال الكبار بالإنترنت لساعات طويلة ، مما يضعف من حظوظهم في التعلم من خلال التواصل وتكوين العلاقات ، وهي البوابة التي يدخل من خلالها الصغار الى المجتمع والحياة ويتحولون من كائنات بيولوجية الى كائنات اجتماعية.

كثرة المشاكل داخل الاسرة بسبب تقلص وقت التواصل وضعف العلاقات بسبب قضاء ساعات طويلة على الانترنت ، وما ينتج عن هذا من تفكك العلاقات – خصوصاً بين الزوجين – بل وانهيارها احياناً. تحول العلاقات داخل الاسرة الى علاقات سريعة وعابرة – وكأنها تشبه شكل العصر الذي نعيشه – وفقدت العمق والحميمية التي تشكل اهم معالم العلاقات الأسرية الطبيعية ، وذلك بسبب رغبة افراد الاسرة في انهاء ما هو ضروري والعودة سريعاً الى عالمهم الافتراضي الي يشعرون فيه بذواتهم.

لم تعُد الأسرة في عصر المعلومات و وسائل الاتصال المتعددة هي تلك الأسرة البسيطة التي يتجمع أفرادها حول مائدة الطعام، أو حول التلفزيون المحلي لمشاهدة برامجهم المفضلة. لقد تغيرت هذه الصورة إلى صورة مختلفة تماماً يحيطها العديد من الأجهزة من شاشات التلفزيون في كل ركن من أركان المنزل إلى أجهزة ذكية تملأ أرجاء الغرف وأكف الأبناء.

ورغم أن هذا العصر هو عصر هيمنة الصورة – منذ ظهور التلفزيون والسينما – إلا أن العقد الأول من القرن الجديد شهد نقلات نوعية في طبيعة الاتصالات والأجهزة والتقنية المستخدمة فيها، ولهذا سيطرت على عقول الشباب وقلوبهم، تقول أحدى الباحثات: إن الشباب يفضلون استعمال شاشة الانترنت؛ لأنها تحميهم من نظرة الآخر، وتحررهم من كل الموانع لاكتشاف العالم، وتصبح مؤتمنة على الأسرار، وهي أيضاً تمكنهم من تطوير العلاقات مع الآخرين دون التعرض للأخطار القريبة

وتؤكد أن جيل الهاتف النقال 12-24 سنة يجد في هذا الجهاز وسيلة للتعبير عن حاجاتهم للصداقات والألفة والحرية والاستقلالية، فنجدهم حاضرين جسدياً في مكان ما ، ولكنهم وفي نفس الوقت يعيشون في فضاء يجهل الحدود والزمان. ويمكّن الإنترنت الشباب من بناء علاقات كثيرة تجهل الحدود انطلاقاً من البيت، ولكنها علاقات مع أشخاص خارج النطاق العائلي، وهذا السلوك يطور حالة من الانفصال السلسة وغير الواعية عن الأسرة.

وهذا الانفصال هو أخطر ما يواجه العلاقات داخل الأسرة، فقد أصبح مألوفاً داخل الأسرة مشاهدة الجميع يجلسون في مكان واحد لكن كل منهم – آباء وأبناء – مشغول في عالمه الخاص من خلال نافذته عليه ،ألا وهو جهاز الهاتف الذكي الذي يمسك به بين يديه، ويجعله منفصلاً تماما عن واقعه الحقيقي،

وكأنه يسبح في واقع افتراضي أدخله إليه هذا الجهاز الصغير. وإذا لم تتمكن الأسرة من خلال قيامها بدور جديد في زيادة التواصل، ومد الجسور مع الأبناء فإنها ستفقد أثرها إن لم تفقد مكانتها كبانٍ، ومنشئ للقيم، وحاضن تربوي هام وأساسي لبناء شخصية الطفل داخل المجتمع. والاعتقاد بأن هذه الأجهزة هي للترفيه والترويح فقط هو اعتقاد خاطئ؛

لأنها في الحقيقة ليست كذلك – وإن كان هذا أحد أدوارها – لكنها ومع حجم مشاهدات عالية لها تصبح هي المتحكم الأساسي والجوهري في معظم المدخلات الثقافية والاجتماعية والعاطفية للأبناء ، وبالتالي هي الباني الحقيقي لشخصياتهم، والمؤثر الرئيسي فيها.

إن الدور الجديد للأسرة – في ظل هذا المعطيات – هو بناء علاقات حيوية وجذابة داخل الأسرة بين الآباء والأمهات والأبناء تمكن من فتح الحوار، وتلمس الاحتياجات، وزيادة فترة الاتصال المباشر من خلال هذه العلاقات بينهم. مما يساعد في تقليص عدد ساعات اتصال الأبناء مع عالمهم الافتراضي، ودمجهم في العديد من الأنشط الجسدية للمساهمة في تقليص هذه الساعات.

-4- التحديات الاجتماعية على مستوى الأدوار:

تعتمد الأسرة للقيام بواجبها الاجتماعي – عملية التنشئة الاجتماعية – على معرفة كل فرد فيها لدوره المناط به داخل هذا الكيان ، وهذه الأدوار هي انعكاس لطبيعة تكوين الأسرة والمحيط الثقافي الذي نشأت فيه ، ولذلك قد تتغير الأدوار داخل الأسرة من مجتمع لآخر لكنها تتفق على وجوب قيام كل فرد بدوره والا اختلت التوازنات الطبيعية للأسرة وتحولت الى منطقة للصراعات والتحيزات بدلاً ن أن تكون مكاناُ للطمأنينة والأمان

اترك رد

آخر الأخبار