العاصمة

كعبة القرمطة

0

 

 

إيمان العادلى

 

هي الكعبة التي بنائها (أبو طاهر سليمان بن ابو سعيد حسن الجنابي) في ” هجر ـ الاحساء ” عاصمة (دولة القرامطة = إقليم البحرين) عام (318 هـ) والتي نقل اليها حجر الكعبة المشرفة (الحجر الاسود الشريف) والذي بقي فيها لمدة (22) عاما، وتقع اطلال هذه الكعبة تحديدا في قرية “الجش” والتي تقع حاليا في جنوب غرب محافظة القطيف احدى محافظات امارة المنطقة الشرقية ” شرق ” المملكة العربية السعودية.

 

كان (أبو طاهر الجنابي) قد دخل مكة المكرمة عام (317هـ) وذلك في (يوم التروية – 8 ذي الحجة) على رأس جيش يفوق ال(900) فرد استباح به المسجد الحرام ، وفعل معه افعالا منكرة ، ومنها جمعه لنساء وحاجات مكة في حجر إسماعيل ، وأمر لجنوده باغتصابهن علنا ، ومن ثم ذبحهن ، ورمي جثثهن في بئر زمزم.

 

كما قام جيش (أبو طاهر الجنابي) بقتل ضيوف الرحمن في الحرم الشريف، فقتل الحجيج في صحن الكعبة المشرفة، وصار (أبو طاهر الجنابي) يسير على فرسه بين الجثث وهو يتلو ويضحك (لإيلاف قريش) حتى وصل (وآمنهم من خوف) فيقهقه ويقول (ما آمنهم من خوفنا)، ثم قام (أبو طاهر الجنابي) بردم بئر زمزم بالقتلى، وذلك بعدما رمى فيه المئات من جثث الحجيج حتى امتلأت البئر بالجثث، ثم جمع فوقها بقية الجثث حتى صارت الجثث جبلا ضخما، وقد ذهب ضحية هذه المجزرة الرهيبة ما يتجاوز الـ (30 ألف حاج).

 

ثم قام (أبو طاهر الجنابي) بنهب دور اهل مكة، وقام كذلك بأخذ كسوة البيت الحرام ومزقها إربا إربا وهو يصيح (أين الطير الأبابيل – أين الحجارة من سجيل) ، و بعد (6) أيام من تلك المجزرة الرهيبة أصعد رجلا ليقلع ميزاب الكعبة فسقط الرجل فمات ، فيئس (أبو طاهر الجنابي) من ميزاب الكعبة.

 

ثم جاء (أبو طاهر الجنابي) بنفسه إلى الحجر الأسود فضربه بمطرقة مدببة الأطراف فقلعه فانكسر شقين ثم حمله معه إلى عاصمته هجر، وكان ذلك بعد صلاة العصر ل(14) ليلة خلت من ذي الحجة من عام (317هـ)، وفيها ايضا خلع (أبو طاهر الجنابي) باب الكعبة المشرفة وصعد على عتبة الكعبة وهو يلعب بسيفه و يصيح في من بقى من الناس ويقول (لمن الملك اليوم) ؟ !!!، فلا يجبه أحد فيقول « أنا بالله وبالله أنا … يخلق الخلق … وأفنيهم أنا ».

 

واراد (أبو طاهر الجنابي) كذلك أخذ مقام ابراهيم فلم يظفر به لأن سدنة المسجد الحرام غيبوه في بعض شعاب مكة فتألم بفقده، فعاد مكتفيا بالحجر الأسود وقد هلك في نقل الحجر الاسود (40) جملا للقرامطة، حيث كان كل جمل يسير بالحجر الاسود قليلا ثم يموت.

وقد بنى (ابو طاهر الجنابي) كعبته على عين ماء ، وكان بناءها على شكل دائري من الطين والحجارة القوية ، وقد سمى هذا المكان بالكعبة ايضا ، وسمى عين الماء بعين الكعبة ، وقد احتفظت هذه العين بهذا الاسم للان ، وقد بنى حولها موضع سماه “المشعر الحرام” وموضعا سماه “عرفات” وآخر سماه “مِنى” وأجبر الناس على الحج إلى كعبته وأمر جيوشه أن تعترض الحجاج فمن حج إلى كعبته تركه ومن رفض سلبه وقتله ، وأمر جميع رعايا دولته أن يتوجهوا بصلاتهم إلى كعبته بدلا من الكعبة المشرفة في مكة ومن كان يرفض ذبحه ، وبعد (22)عاما يئس القرامطة من تحول الحج لكعبتهم ، فردوا الحجر الأسود إلى محله في مكة عام (339هـ).

 

وما يزال بناء كعبة القرامطة موجودا للان، وإن كانت عوامل الطبيعة والسنين قد أثرت فيه كثيرا فسقطت منها أجزاء تمثل (50 %) من بناءها، ويطلق اهل المنطقة عليها حاليا اسم (الجعبة) أو (التشعبة) بلهجتهم المحلية، وذلك بنطق الكاف ” CH “، وبعضهم يسميها (الكعيبة) وذلك تحقيرا لها.

 

المصدر

كتاب البداية والنهاية لابن كثير

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading