العاصمة

فرعون قارون ترمب

0

كتبت/ريم ناصر
ثلاثة وجوه لعملة واحدة!!!
فالمانح هو الله والمانع هو الله , من له ملك السماوات والارض وهو على كل شيء قدير.
والقصص القرآني تلى علينا واخبرنا الحقبة الزمنية لكلاً من فرعون , قارون , وكيف سارا الدرب نفسه من البداية وحتى النهاية بكل التفاصيل , واثرهما في النفس البشرية بما اقترفته ايديهم من البغي والجور والاستعلاء الذي وصل لحد الشرك بالله في حق من عاصروهم وحق الإنسانية من شعوب وقبائل واجناس , فتخيل كل منهما انه إله يجب ان يعبد , وحريً بالناس أن يقدسوه لأنه ولي النعم بل ويرجون منه العفو والمغفرة والمرحمة لما يملكه من مال وجاه وسلطان ومقاليد الامور في الدنيا , ونسيا ذو الجلال والاكرام مالك السماوات والارض والدنيا والآخرة ( فالبغي يصرع اهله × والظلم مرتعه وخيم )
فمنذ بداية الكون والنفس البشرية الضعيفة الأمارة بالسوء التي تتناسى الخالق وتنسى فضله على المخلوق , وبما حباه من نعم عن سائر البشر (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)
شطحات العقل البشري عندما تغشاه الثروة بقدرة مالك الملكوت رب العباد والجود جميعاً يتخيل في لحظة ضعف أنه صاحب الفضل والحيلة في صنع ذلك .
لن نستطيع كبح جماح من اغواه الشيطان ووسوس له انه بما يملك وهو لا يمتلك ولو كان عرضياً قادراً على ان يفعل كل شيء صعب ومستحيل وأنه على كل شيء قدير.
فمرض العقل من اخطر أنواع الامراض شيوعاً في الكرة الارضية , فبفقدان العقل وهو رمانة الميزان ومركز الثقل في الجسم يتوقف العمر وتنتهي الحياة اكلينيكياً ويصير الإنسان فاقداً للاتزان هائماً على وجهه في البرية يرتكب الشنائع والفظائع غير مدرك لكل الاشياء من حوله ( فإذا ضاع منك المال , فقد ضاع شيء ذا قيمة , واذا ضاع منك الشرف فقد ضاع شيءً لا يقدر بقيمة , واذا ضاع منك العقل فقد ضاع كل شيء)
الجبروت والطغيان ومنطق حب الذات قوله لقومه ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾
هو الذي جعل (فرعون) يصدر فرماناً لحكومة القصر بقتل كل طفل يولد في المدينة خوفاً من أن يأتي من بينهم من ينتزع منه الملك ويزيحه من فوق العرش .
قال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)
وبقدرة القادر المقتدر العظيم أن ينجي سيدنا موسى عليه السلام , بل الاعجب و الاغرب من ذلك أن ينشأ الطفل موسى ويترعرع بحضانته وفي قصره امام عينيه وتكون نهايته على يديه بإهلاكه في اليم (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ)
ليكون عبرة وعظة لكل جبار عنيد .
وفي نفس السياق سار على الدرب ( قارون) الذي حباه الله بكنوز تقدر بحوالي نصف ثروات الارض (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)
فبغى وتكبر على اهله وقَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي , حاشا لله وكلا , و استمرء العلياء والفخار الذي وصل لحد الالحاد والتأليه .
وهنا تتدخل القدرات الإلهية في (نقطة نظام) فعندما تبلغ فتنة المال والثراء الفاحش ذروتها وتتهافت وتتهاوى امامها العقول والنفوس يتدخل القوي الجبار بعظمته سبحانه وتعالى ليضع الامور في نصابها ويضع حداً لهذه الفتنه في الارض ويحطم الغرور والكبرياء قال تعالى ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ )
ترمب
الذي اتخذ سبيله في الكون بغياً وجوراً ليمتطي نفس جواد سابقيه ( فرعون وقارون ) بأفعاله الفجة المشينة ومنها على سبيل المثال وليس الحصر:-
* قطع المعونات المخصصة بصورة نهائية عن ( اونروا) وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين بالأراضي المحتلة وكذلك رواتب العاملين بها لتصفية القضية الفلسطينية واخماد انتفاضة حق العودة للاجئين .
*فرض رسوم جمركية باهظة على بضائع ( صينية ) بقيمة 200مليار دولار , مما يعتبر مخالفاً للأعراف والمواثيق الدولية في القانون التجاري والجمركي .
*فرض رسوم جمركية مغال فيها على البضائع الواردة من دول (الاتحاد الأوروبي) ضارباً بالاتفاقيات الدولية بين واشنطن وهذه الدول عرض الحائط .
*فرض عقوبات اقتصادية على (ايران) بسبب المضي قدماً في تطوير برنامجها النووي وخاصة الصواريخ البالستية بعيدة المدى .
* فرض عقوبات على ( نيودلهي ) الهند لأبرامها عقود اتفاق شراء سلاح من روسيا .
* وقف اتمام مشاورات التصالح مع (كوريا الشمالية) إلا بعد نزع سلاحها النووي كاملاَ.
*التدخل في الشأن (الليبي) لتقويض استقرارها وسلب منتجاتها النفطية .
*شن الغارات العسكرية بصفة دورية على (سوريا ) بحجة القضاء على تنظيم داعش , والهدف الاسمى هو اسقاط نظام بشار الاسد و القضاء عليه وتدمير سوريا لتكون اسيرة للمساعدات الاقتصادية وصندوق النقد الدولي سواء كان يحكمها بشار او غيره , فما هي إلا زريعة لتمكين اسرائيل وبسط نفوذها هناك بعد احتلالها للجولان منذ عقود .
* فرض عقوبات اقتصادية على( تركيا) بسبب عدم الافراج عن القس الجاسوس ( برنسون )
* اصدار فرمان برفع كندا من اتفاقية التجارة الدولية لأمريكا الشمالية لعدم اهمية وجودها .
خروقات لاتعد ولا تحصى يصعب على المقال احتوائها لكثرتها , لقد اضحى يعيث في الكون فساداً وافساداً ليل نهار لا يأبى لأحد من الحلفاء والأصدقاء .
وسوسة الشيطان اقتلعت ضروس العقل عنده فأصبح بدون عقل فاقداً للأهلية ويتصرف بمنطق الاستكبار والخيلاء وجنون العظمة ( والعظمة لله وحده ) حتى أن نصف الشعب الأمريكي مؤخراً أبدى موافقته على عزله من منصبه , والنصف الآخر لا يوافق على سياسته الخارجية والتي جلبت عليهم حالة عظيمة من السخط والغضب من كل دول العالم بلا استثناء لما يتخذه من قرارات لست في مصلحة امريكا ومصلحتهم وباتوا مهددين في كل مكان .
لا منظمات , ولا أمم , ولا هيئات , ولا مجالس , ولا كيانات , ولا دول , ولا اشخاص تقف امامه وتردعه , فقد استفحل طغيانه وأصبح العالم بلا حيلة تجاه افعاله , والامر متروك لصاحب الأمر (رب العزة) المبدئ المحيي المميت العزيز الجبار.
جفت الأقلام وطويت الصحف 

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading