كم عدد فناجين القهوة أو السجائر التي يجب أن يشعلها لتحرك فيك الرغبة للكتابة
والبعض ربما تكون له اختيارات آخرى كالسير لوحده في الطرقات والنظر لوجوه المارة
لتستوقفه فراشة أعلنت قدوم الربيع وهي تتنقل بين الأزهار التي تفتحت على الأغصان عندما
شعرت بدفء الشمس
ولكن إذا كنت من الذين يسجنون أنفسهم بين
الكتب وعشقت هذا العالم الذي يسافر بك لكل العلوم وقد ادخرت الكثير من الكتب لإن العنوان
آثار فضولك أو لفت نظرك الغلاف وبعضها امتلكته لتتقن الكتابة وتتعلم القواعد التي تحتاجها
لتتدارك الأخطاء للغتك التي يجب أن تلم بكل قواعدها
ولكن أن تأتيك الأفكار وأنت في انشغالك وعملك ولا تجد ورقة تدون عليها ولا يمكنك ترك العمل
لتسجل بعض الملاحظات التي تساعدك على إعادة ما أوحى إليه فكرك
فهذا يشبه الحب الذي يقرر زيارتك وأنت غير مستعد له أو أصبح الوقت متأخرا لاستقباله لتقدم
له الزهور وبات زائرا يذكرنا بالسنين التي انتظرناه طويلا قبل خطوط التجاعيد التي غيرت ملامحنا
وخصلات الشيب التي أعلنت أن رحلة الشتاء بدأت لليل طويل نبحث فيه موقد يدفئ جسدنا
وكوب عصير يحمينا من أعراض الزكام فأجسادنا فقدت مقاومتها بسبب إهمالنا وانشغالنا لامتلاك
أغلى الثياب والقطع المنزلية واسعاد الآخرين
عن أي شيء نتحدث ونكتب وأي تغير نحاول فعله
ونحن عاجزون عن كتابة جملة تصف حالنا وواقعنا أو مغامرتنا وذكرياتنا والشعور بالحنين يدثرنا كلما
قلبنا الصور أو سمعنا أغنية أو زجاجة عطر احتفظنا بها لأنها كل مابقي لدينا من لمن غابوا أو
رحلوا
وحتى أحلامنا التي باتت سبب انزعاجنا كلما استيقظنا لأنها تشعرنا بأن مصيبة أو فراق ينتظرنا
الفراق الذي أخذ عهدا معنا ليمسك بيد كل نحب ويحجز له تذكرة الرحيل ويبقى هو بجوارنا
كأنه عاشق مجنون أصابه الولع والتيه بنا
ولكن لماذا هذا المجنون يبقينا مع الذين يبعثرون عمرنا ويصيبوننا بالإختناق ليعيشوا حياتنا ويجعلون منا أوراقا في أدراجهم ننتظر الإذن بتوقيع منهم أننا مازلنا في سجلات الحياة
أحياء
يبدو من الأفضل التوقف عن فكرة البحث عن عنوان لاوراقنا البيضاء التي تدون خربشاتنا المجنونة
وعدم فتح الأبواب للبحث عن السعادة على سطور الخيال
مادام القطار الوقتي لا ينظر لنا في لحظات الإنتظار لغائب لن يعود أو يتوقف لنستقبل الحب بكامل أناقتنا