العاصمة

شهر رجب وأيام النفحات

0
بقلم : نادية طاهر
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ):” إن لله في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها فلعل أحدكم تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً”.
وإن رحمة الله بالعباد ومحبته لهم فتحت فرصاً ومناسبات في أيام الدهر والزمان لكي تكون سبيل الوصول فيها إلى الدخول
في الرحمة الآلهية وثوابها عند الله جزيل وجزيل جداً فليس هناك أكرم من الله في فضله وإنعامه على بني البشر..
التعريف بهذه النفحات:
جاء في اللغة: ونفحت رائحة الطيب: انتشرت واندفعت.
وفي التحقيق: أنّ الأصل الواحد في المادّة: هو الليّن اللطيف من الهبوب سواء كان في مادي كالريح والطيب،
أو في معنوي كالنفحات الروحانيّة الواردة على القلب.
وفي المصطلح: هي النسمات والهبات التي خصها الله عز وجل من عالم غيبه، وهي تعْرِض على قلب البشر
ووجدانه وتجدد فيه الروح الإيمانية، فيحس الإنسان بشكل مفاجئ بهذه الحالة من الإقبال على الله عز وجل،
بطريقة قد تكون غير معهودة من قبل.
من هنا فإن لله عزوجل نفحات، وهناك أماكن وأوقات وأزمنة وأيام وأشهر جعلها الله سبحانه وتعالى من الأزمنة التي
تضاعف فيها تلك النفحات، وعلى سبيل المثال لا حصر: من هذه الأيام والأشهر: أشهر النور: شهر رجب، شهر شعبان
، وشهر رمضان.
التعرض لنفحات الله هو التعرض لعطاءات الله، وعطاءات الله غير خيرات الله، فخيرات الله نأخذها بالحواس ويستفيد
بها الجسم كالطعام والشراب، لكن عطاءات الله تنزل على القلب الذي صلح وانصلح وأصبح جاهزاً لنزول العطاءات
من الله جل في علاه.
وتعتبر النفحات هى محطات تقوية يشحن فيها قلب المؤمن بالإيمان ويعود منسوب التقوى للارتفاع مواجها
غمرات الغفلات والشهوات.. ويقترب العبد أكثر فأكثر وتعلو درجته أكثر ويثقل ميزانه أكثر كلما تأملت في آيات
المثوبة وأحاديث الفضائل والمكرمات تتأكد لديك تلك الحقيقة.تتأكد وتتيقن أكثر فأكثر أن ربك شكور كريم ذو فضل
عظيم قال عنه نبيه: «افْعَلوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وتَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فإنَّ للهِ نَفَحاتٍ من رحمتِهِ يُصِيبُ بِها مَنْ يَشَاءُ من عبادِهِ»
مع كل نفحة من نفحات ربنا لابد من تذكر هذا المعني معنى شكر الله لعباده الطائعين وكثرة خيره وفيضه
ففي هذه الليالي تنزل عطاءات من الله، ومن هذه العطاءات أن يتنزل الله في قلب المؤمن بالسكينة:
(هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) (4الفتح).
أن يُنزل الله في قلبه الطمأنينة: (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (28الرعد)، أن يجعل الله عز وجل في قلبه نوراً يمشي به في الناس: (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ) (122الأنعام)، أن يجعل الله له ميزاناً في قلبه يكشف به الطيب من الخبيث، والحسن من السيء والحق من الباطل: (إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ) (29الأنفال)، أو أن يأخذه الله عز وجل ويرفع عنه حجاب الران ويجعله ينظر بعين قلبه في ملكوت الرحمن
وهذا يعني أن على المؤمن أن يجاهد نفسه لكي يستغل تلك النفحات وأن لا يتركها، ونفحة شهر رجب نفحة عامة للجميع.

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading