العاصمة

شمشون و دليلة

0

إيمان العادلى

الحلقة الأخيرة

وبعد ذلك أحب شمشون امرأة من وادي (سورَق) وتلك المرأة إسمها دليلة
فصعد الفلسطينيون إلي دليلة وقالوا لها: خادعي شمشون إلي أن تعرفي سر قوته فنقتله ويدفع لك كل واحد منّا (1100) من الفضة …ووافقت الجاسوسة
ولأن شمشون كان يحب دليلة من كل قلبه …لم يكن يُخفي عنها أي شئ …أما هي فخانته وأسلمته للفلسطينيين
لكن شمشون في البداية خدع دليلة عندما سألته: أخبّرني ما سر قوتك العظيمة هذه وبماءا يتم تقييدك فتُغلب؟؟؟
فقال لها شمشون: إذا قيدوني ب(7) أوتار طرية لم تجف بعد!!
فقامت دليلة بتقييد شمشون ب(7) اوتار طرية لم تجف بعد …ثم أعلمت الفلسطينيين وانتظروه عند غرفته …فقالت له: هجم عليك الفلسطينيون يا شمشون … فقطع شمشون الأوتار السبعة كما يقطع خيط الكتان إن لامس النار ..ولم يعرف الفلسطينيون سر قوته
فقالت دليلة لشمشون وهي غاضبة: خدعتني وكذبت عليّ فأخبرني الآن بماذا يتم تقييدك ولا تستطيع فك القيد؟؟؟ فقال لها: إن قيدوني بحبال جديدة لم تُستعمل من قبل …عندها أضعف وأصير كواحد من الناس
فأخذت دليلة حبال جديدة وقيّدته بها وقالت له: هجم هليك الفلسطينيون يا شمشون …(وكان الكمين عندها مختبئ في الغرفة) .
لكن شمشون قطع الحبال عن ذراعيه وكأنه يقطع الخيط
فاغتاظت الجاسوسة دليلة وقالت لشمشون: إلي متي تخدعني وتكذب عليّ…فأخبِرني بماذا يتم تقييدك ولا تستطيع فك القيد؟؟ فقال لها شمشون: إذا نسجتِ الخصل السبع التي في رأسي بالنول وشددتِها بالوتد فإني أضعف وأصير كواحد من الناس
وبينما كان شمشون نائم أخذت دليلة الخصل السبع في رأسه ونسجتها بالنول وشدتها إلي الوتد وقالت: هجم عليك الفلسطينيون يا شمشون!! فأفاق شمشون من نومه وخلع وتد النسيج وما فيه
فقالت دليلة لشمشون: كيف تقول إنك تُحبني وأنت لا تثق بي وها أنت للمرة الثالثة تخدعني ولا تخبرني ما سر قوتك العظيمة هذه؟؟

وظلّت دليلة تضايق شمشون بكلامها وتُلح عليه ..إلي أن ضاقت نفسه بها حتي الموت وأخيراً قال لها : لم يُقص شعري يوماً لأني نذير الله من بطن أمي …فإن قُص شعري فارقتني قوتي وضعفت وصرت كواحد من الناس
وفي تلك المرة شعرت الجاسوسة دليلة أن شمشون أخبرها بكل ما في قلبه فأرسلت ودعت زعماء الفلسطينيين إليها ..ودعت رجلاً فحلق الخصل السبعة في رأس شمشون وبدأت بتعذيبه بعد أن فارقته قوته وقالت له: لقد هجم عليك الفلسطينيون يا شمشون
فأفاق شمشون من نومه وظن أنه كما كان سابقاً سينتفض في وجههم ويُنقذ نفسه …لكنه لم يكن يعلم أن قوته قد فارقته …فقبض عليه الفلسطينيون وقلعوا عينيه واقتادوه إلي غزة وقيّدوه بسلسلتين من نحاس وجعلوه يطحن في السجن …وهناك بدأ شعره ينمو من جديد
وشعر زعماء الفلسطينيين أنهم انتصروا أخيراً علي عدوهم فذبحوا ذبيحة عظيمة وقدّموها لإلههم وكانوا يعبدون صنماً يُقال له (داجون) ثم قالوا: هاتوا شمشون لنضحك عليه
فجاءوا بشمشون من السجن وضحكوا عليه وأقاموه بين الأعمدة ..فقال شمشون للصبي الذي يأخذ بيده : دعني ألامس الأعمدة التي يقوم عليها هذا البيت حتي أتكئ عليها
وكان البيت مملوء بالرجال والنساء ..وكان هناك جميع زعماء الفلسطينيين …وعلي السطح حوالي(3000) من الرجال والنساء تجمعوا ليتفرجوا علي شمشون ويضحكوا عليه
فدعا شمشون الرب وقال: يا سيدي اذكُرني وشدّدني هذه المرة ايضاً يا إلهي لأنتقم لعينيّ من الفلسطينيين دفعة واحدة ….
ثم قبض علي العمودين اللذين في الوسط القائم عليهم البيت وأخذ أحدهما بيمينه والآخر بشماله واتكأ عليهما وقال : عليّ وعلي الفلسطينيين ليسقط البيت
ودفع شمشون العمودين بشدة فسقط البيت علي الزعماء وعلي جميع الناس الذين في البيت …فكان الموتي الذين قتلهم في موته أكثر من الذين قتلهم في حياته
ونزل إخوة شمشون وجميع أهل بيته فحملوه وصعدوا به ودفنوه بين (صَرَعَة وأشتأول) في قبر مّنوح أبيه …بعد أن تولي القضاء في بني إسرائيل لمدة (20) سنة
هذه هي القصة كما يقرأها اليهود في كتابهم المُقدس(التوراة) ومن الواضح بها النزعة الأسطورية التي أخذها كتاب العهد المقدس من اليونانيين …فهي تذكرنا بالبطل اليوناني أخيل بطل ملحمة الإلياذة الذي عجز أعداؤه عن الانتصار عليه حتي توصلوا لنقطة ضعفه فقتلوه في المعركة

وكانت نقطة ضعف أخيل في كاحله …أما نقطة ضعف شمشون في شعر رأسه …لكن النهاية كانت واحدة …
وفي الحقيقة تلاحظ من قصة شمشون أنه لم يقم بدور النذير الذي قيل إن الرب أرسله من أجله …بل إن شمشون كان بالمقياس الديني فاجر
فقد ذكرت القصة كيف دخل شمشون علي المرأة السوء وزني بها ….وهذا ليس من شيم أنبياء الله ونذرائه ولا من أهداف رسالته وهي نشر الدين وإعلاء كلمة الله في الأرض.
وأياً كانت مصداقية تلك الحكاية الأسطورية أو كذبها …إلا أن دليلة دخلت التاريخ البشري كواحدة من أقدم العميلات السريّات الللاتي تم استخدامهن في صراع عسكري طال بين الفلسطينيين وبني إسرائيل
وكان (المال) هو الوسيلة المُستخدمة في تجنيد دليلة والسيطرة عليها ومن الواضح أنها كانت ذات جمال صنع من الإلحاح سلاح لا يُمكن مقاومته…إلي أن ضعف شمشون وباح بالسر الذي به هلاكه ….
.
.

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading