العاصمة

دفتر يوميات جدى

0

إيمان العادلى
الشهر اللي فات كنت بساعد امي في نقل بعض الأشياء لما لقيت دفتر اليوميات بتاع جدي ليام، امي مقرأتهوش أبدًا ومهتمتش لما اخدتها
بعد ماقرأت سبع صفحات عرفت ازاي التقى بجدتي، وحياتهم كانت عامله ازاي وشكل امي وهي طفلة، كنت عارفه معظم الأحداث الرئيسية اللي وصفها، وظائف مختلفة والانتقال لأماكن مختلفة وموت خالي جيمس..
كنت مستمرة في المطالعة لحد ماوصلت لجزء في الدفتر مختلف كان بيحكي فيه عن فترة عمله في منارة من 1920 لـ 1922..
انا مكنتش اعرف ان جدي كان بيشتغل في المنارة!
والده كان جندي واتوفى في الحرب العالمية الأولى، الميراث ساعده في الانتقال للنرويج، وهناك لقى وظيفة العمل في المنارة
قبل كده كان مُدخر مبلغ صغير جدًا وكان بيقضي معظم وقته في ابتكار أفكار شخصية والاستمتاع بالطقس الجميل..

12 يناير 1920..

كنت في المنارة من حوالي اسبوعين، اتعرفت على اندرو زميلي في العمل وأصبحنا أصدقاء بسرعة
كان عندنا وقت لألعاب الورق الليلية، كنا بنتحلى بروح الدعابة وبنحب الأدب وكنا بنستعير كتب كتيير..

كنت في مناوبة ليلية، كانت الثالثة صباحًا تقريبًا لما سمعت صراخ امرأة في الخارج، ركضت بسرعة وفتشت الشاطئ لمدة نصف ساعة لكن ملقتش حاجة
“صوت حزين مكسور صادر عن ألم مُعلق في أُذني رغم بحثي لفترة طويلة بدون فايدة، صرخاتها كانت عالية جدًا ورغم محاولتي في مساعدتها لكن محولتش تقرب مني أبدًا”
في النهاية أندرو استيقظ، كان شكله غير مُبالي وطلب مني اتجاهل الصوت تمامًا!
فكرت انها ممكن تكون دعابة لتخويف الحارس الجديد مش أكتر.

22 يونيو 1920..

كنت بملا المصباح بالكيروسين وبتكلم مع أندرو قبل مااروح انام..
كنت على وشك الاتجاه للأسفل لما سمعت بوق انذار، الصوت كان مستمر
دا معناه ان فيه سفينة قريبة وقعت في مشكلة، بدون تردد اتجهت ناحية السلالم، لكن اندرو طلب مني العودة، كان صوت الانذار مستمر لكن رفض!
كان الوقت متأخر، كنت غاضب جدًا يمكن تكون حياة الناس في خطر لو مرحناش،
دخلنا القارب وأثناء التجديف اندروا كان بيردد طول الوقت المفروض منكونش في المياه، لكن مذكرش السبب!
لما وصلنا للسفينة أخيرًا فهمت ليه اندرو كان بيقول كده، مكانش فيه أي حد على منصة السفينة!
الموضوع بدا وكأن السفينة انحرفت عن مسارها وانجرفت بعيد عن الشاطئ، ممكن يكون تفسير منطقي لإن أقرب ميناء بعد منعطف ضيق..
قررت اصعد على ظهر السفينة عشان اتأكد من عدم وجود أي شخص (رغم نداءات أندرو اليائسة للعودة ببساطة وترك السفية)، فتشت السفينة وبحثت عن أي شخص من أفراد الطاقم لكن بدون أي فايدة!
لما رجعنا للشاطئ نظرنا لورا في اتجاه السفينة لكن ملقناش أي حاجه، اختفت تمامًا ومكنش ليها أي أثر!.. قررنا عدم الإبلاغ عن الحادث.

19 يوليو 1920

“كنت لوحدي، بمشي على سطح الماء وكانت الأمواج هادية، فجأة الجو اتغير وبقا عاصف، المياه كانت بتسحبني لجوا، وكأن الأمواج ليها ايدي بتسحبني بقوة”.. كنت بغرق لما صحيت، بصيت حواليا.. مكنتش عارف انا فين، كل اللي كنت عارفه أن الجو بارد جدًا، بعد ثانية.. أدركت أني واقف في البحر، المياه المتجمدة مغطية لعد ركبتي.. مكنتش فاهم ايه اللي بيحصل أو انا جيت هنا ازاي؟!
كنت بكلم نفسي.. قررت اسأل أندرو عن الفترة اللي قضاها في العمل قبل مااجي، وهل كان بيحصله أي شيء مماثل..!

3 يناير 1921

كنت في مناوبة ليلية لما سمعت نداء استغاثه من الخارج، نزلت بسرعة وذهبت للشاطئ، كان جالس على الصخور.. رجل ظاهر على ملامحه التعب الشديد والقلق، قال ان سفينته محطمة في جهة الشرق..
طلب مني اخد القارب وهو هيرشدني لمكان السفينة عشان ننقذ باقي الطاقم، كنت موافق، اتصلت بأندروا عشان يناوب، وبدون أي كلمة انطلقنا في اتجاه الشرق ناحية السفينة..
بقالنا حوالي ساعة ماشين في البحر ولسه مش شايف أي حطام للسفينة!
كنت مستغرب جدًا “ازاي الراجل ده قدر يسبح المسافة دي كلها في مياه البحر المتجمدة؟!”
بدأت اشعر بلقلق من أننا ضِعنا، التفت اسئله إذا كان متأكد اننا ماشين في الاتجاه الصحيح لكن ملقتهوش! اختفى تمامًا!!
بدأت اشعر بألم شديد في بطني، وكأني تلقيت ضربة قوية في وسط بطني..
بدأت اسمع صوت ضحكات شريرة من كل مكان، وفجأة القارب اندفع بقوة ناحية المحيط الشتوي البارد، بعد لحظة من الصدمة قدرت ارجع بالقارب للشاطئ ..
لما رجعت كنت بسمع صوت أمواج البحر..
“الأمواج الناعمة اللي كنت بستمتع وانا بسمعها في صمت، دلوقتي بقت بتفكرني بصوت الضحك القاسي”!

16 أكتوبر 1921

كان كابوس مرعب، لما استيقظت اتفاجئت بوجودي في البحر، المرادي المياه كانت بتغطي لحد صدري!
لما رجعت سألت أندرو عن سبب كوني في المياه قال اني كنت بعاني من الحُمّى ومحتاج جسمي يبرد شويه فخرجت!
بدأت اشعر بلقلق على نفسي، وكنت بسمع صراخ المرأة مرة تانية!

2 فبراير 1922

كنت بنضف البناء من الخارج لما لاحظت وجود رجل على السطح، كان ظله واضح من فتحة النافذة، دا أكيد أندرو..
بدأت احس ان فيه شيء سيء بيحصل، الرجل كان واقف طول الوقت مش بيتحرك خالص، حاولت اتأكد من ملامحه أو اشوف شكله لكن ملقتش حد.. مجرد رجل مظلم!!
كان الظل بيكبر، في النهاية أدركت انها مجرد ظلمة ابتلعت جزء من الضوء في شكل رجل..
فضلت اراقبه لحد مغيب الشمس، بعد المغيب بدقائق الظل تلاشى واختفى تمامًا!

بعد التجربة دي قرر جدي أخيرًا ترك العمل في المنارة، دا كان جزء قليل جدًا من التجارب العديدة اللي حصلتله في النرويج، أما بالنسبة لبقية حياته فهو رفض الحديث عنها تمامًا، بعد ما ذكر تجربته الأخيرة ووثق رحلته لكانساس وبداية جديدة من حياته متكلمش عن المنارة مرة تانية، مش بس في دفتر يومياته، لكن كان بيرفض يحكي لأي شخص، وكانت آخر حاجه كتبها في الموضوع ده في 24 أبريل 1922: “إن ذُكِر المكان اللعين ده مرة تانية هتكون نهايتي، وأي شخص ممكن يسمع عنه بالتأكيد”

في 1936 غرق خالي جيمس في بحيرة، وجدوه في صباح يوم 16 اكتوبر في ملابس نومه!

لما كُنت مراهقة سألت جدتي إذا كان وفاة خالي السبب في انفصالها عن جدي ليام؟
قالت: لا، قالت إن السبب إنه لما كان بيسحب جثه ابنهم من الماء وقبل مايتأكدوا من حقيقة وفاته كان بيضحك بهستيريا ومكانش قادر يتوقف عن الضحك طول الوقت!

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading