لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ وجاء عن عراك بن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على
باب المسجد فقال: (اللهم إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك،
وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين).
وللجمعة سنة بعدية ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها، وهي أربع ركعات أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا) رواه مسلم، وجاء في حديث ابن عُمَرَ رضي الله عنهما:
(أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كان لَا
يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حتى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) رواه الشيخان.
فمن صلى في المسجد أربعا أصاب السنة القولية التي أمره بها النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أفضل،
ومن صلى ركعتين في المنزل أصاب السنة الفعلية التي فعلها
النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يَصِل السُنة بالفريضة، بل يفصل بينها بذكر أو كلام أو حركة؛ لحديث معاوية رضي الله عنه قال:
(إذا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فلا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حتى تَكَلَّمَ أو تَخْرُجَ فإن رَسُولَ الله
صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا بِذَلِكَ: أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حتى نَتَكَلَّمَ أو نَخْرُجَ) رواه مسلم.
أيها الإخوة: كل هذه الآداب والأحكام التي شرعها الشارع الحكيم سبحانه للجمعة دليل على
أهميتها ومكانتها في دين الله تعالى، وواجب على المسلم أن يعظم ما
عظمته الشريعة، وأن يصرف له من الهمة والعناية ما يليق به، ولا سيما أن هذه الأحكام والآداب
قد رُتب عليها أجور عظيمة يستحقها من أتى بها مخلصا لله تعالى فيها
، متبعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن شاهد واقع المسلمين في هذا الزمن وجد أنهم قد فرطوا في أجور عظيمة بسبب ضعف الإيمان واليقين،
والكسل عن الطاعات، والإقبال على الشهوات، والسهر
على الحرام وفضول الكلام؛ فجوامع المسلمين يوم الجمعة تكاد تخلو من المصلين إلى قرب دخول الخطيب،
وكثير من المصلين لا يدرك فضل تقريب دجاجة ولا بيضة،
وقليل جدا من يدرك فضل تقريب بدنة أو بقرة، وقد جاء في حديث سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال:
(احْضُرُوا الذِّكْرَ وَادْنُوا من الْإِمَامِ فإن
الرَّجُلَ لَا يَزَالُ يَتَبَاعَدُ حتى يُؤَخَّرَ في الْجَنَّةِ وَإِنْ دَخَلَهَا) رواه أبو داود وصححه الحاكم.
قال الطيبي رحمه الله تعالى: (أي لا يزال الرجل يتباعد عن استماع الخطبة وعن الصف الأول الذي هو مقام المقربين
حتى يؤخر إلى آخر صف المتسفلين، وفيه توهين أمر
المتأخرين وتسفيه رأيهم حيث وضعوا أنفسهم من أعالي الأمور إلى سفسافها).
والمتأخر عن الجمعة ينبغي الإنكار عليه؛ ليرتدع عن تأخره، وذات مرة تأخر عثمان بن عفان عن الجمعة حتى
صعد عمر رضي الله عنه المنبر، فأنكر عمر عليه أمام الناس؛ كما
روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ بَيْنَا هو يَخْطُبُ الناس يوم الْجُمُعَةِ دخل رَجُلٌ من
أَصْحَابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ
هذه؟ فقال: إني شُغِلْتُ الْيَوْمَ فلم أَنْقَلِبْ إلى أَهْلِي حتى سمعت النِّدَاءَ فلم أَزِدْ على أَنْ تَوَضَّأْتُ، قال عُمَرُ:
وَالْوُضُوءَ أَيْضًا وقد عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كان
يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ؟!) رواه الشيخان.فاللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى
آل سيدنا محمد وعلى اصحاب سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى زرية سيدنا محمد وسلم تسليما كبيرا …
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.