العاصمة

بعشرة جنيه طاقة اجتماعية

0
د.أحمد السندوبي
درسنا الكثير عن أنواع الطاقة؛ الطاقة الحرارية والكهربائية والكيميائية وطاقة الوضع وطاقة الحركة إلى آخره.
ثم جاء عصر التنمية البشرية والحديث عن الطاقة الإيجابية والسلبية.لكنني لم أسمع أو أقرأ من قبل عن الطاقة الاجتماعية –
ربما عن جهل مني أو ربما هذا المصطلح غير موجود من الأساس- ولكني لم أجد مصطلحًا يعبر عما أقصده أفضل من هذا.

الفكرة أني شعرت أن قدرة الإنسان على التواصل مع الآخرين وتحمل أسئلتهم وحديثهم عن مشاكلهم الشخصية وطلباتهم وآرائهم
في مختلف مجالات الحياة ومزاحهم يحتاج إلى نوع من الطاقة.

طبعًا الأمر يختلف بالنسبة لعلاقات العمل والمصالح والاتصالات التي تبدو أنها تواصل اجتماعي بريء ولكنها تنتهي دائما بطلب خدمة،
هنا الأمر لا يحتاج إلى طاقة اجتماعية بل يعتمد في الأساس على المنفعة أو الاستفادة.

من المعروف أن الإنسان لا يستطيع الحياة بمفرده وأنه غريزيًا لابد أن يتواصل مع الآخرين ويصنع له دائرة مجتمعية يعيش فيها، ولكن اتساع
هذه الدائرة يتباين كثيرًا من شخص لآخر. فهناك من يعيش داخل دائرة ضيقة من العلاقات ولا يشعر بالراحة خارجها وهناك من يعيش داخل
دائرة شبه مفتوحة وسط علاقات واسعة متشعبة. هذا ما أقصده بالطاقة الاجتماعية، إنها قدرتك على أخذ خطوة خارج دائرتك اليومية للتواصل
مع أناس خارجها سواء لم تتطور علاقتك بهم لدجة دخولهم إلى دائرتك الخاصة أو ربما كانوا داخلها من قبل و خرجوا منها لسبب أو لآخر
كصديق قديم أو زميل دراسة لم تقابله منذ مدة طويلة.

هذه الطاقة الاجتماعية تزيد وتنقص مما يؤثر على مدى النشاط الاجتماعي.

أحيانًا أشعر أنني فقدت هذه الطاقة، لا أريد أن أتحدث مع أحد أو أن أخرج من البيت للقاء صديق.

لا أتحمل لقاء أكثر من شخص واحد في اليوم -بخلاف الاحتكاك الاجباري أثناء العمل- لا أتحمل أكثر من مكالمة هاتفية أو اثنتين في اليوم أكثر
من ذلك أشعر كأنني جالس في سنترال عام.

أحيانًا تدفعني الظروف دفعًا لأن أتواصل مع أحدهم ولكن شيئًا ما يظل عائقًا أمام اتخاذي خطوة إيجابية.

كلنا نعرف ألاعيب قانون الجذب الشهيرة أستيقظ من النوم لأتذكر صديقًا قديمًا بدون سبب، ويظل في بالي طوال اليوم،
لأفاجأ به يتصل بي في المساء أو يقابلني مصادفةً، ( هل تصدق أنك كنت في بالي من الصباح)،
وماذا بعد؟ ماذا فعلت بعدما كان على بالي طوال اليوم؟ قررتُ أن
أتصل به ولكني ظللت أؤجل ذلك مرة بعد مرة.

هذا ما أسميه نقص الطاقة الاجتماعية،

أتذكر شخصًا لم أكلمه منذ مدة طويلة، لا توجد أي مشاعر سلبية تجاهه، أنا فعلًا أريد أن أكلمه وأشعر
بتقصير نحوه وسأكون سعيدًا لو قابلته أو سمعت صوته ولكني لا أملك الطاقة الكافية لأخذ خطوة للأمام وضغط زر الاتصال.

أعتقد أنني أحتاج لمن يتبرع لي ببعض الطاقة الاجتماعية أو يدلني على من يبيع الطاقات فأذهب و أقول له:
بعشرة جنيه طاقة اجتماعية (واتوصَّى).

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

آخر الأخبار