العاصمة

بالفطرة يعرف الأنسان خالقه

0
إيمان العادلى
قال تعالى: “فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله”، ما تلك الفطرة في زمن تعددت
فيه السلوكيات الأخلاقية فالفطرة من الفَطْر والفَطْر هو الخلق {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ
والأَرْضِ} هي الخِلقة الأصلية التي خلق الله الناس عليها يعني فيه أشياء فِطرية وفيه أشياء مكتسبة
الأشياء الفطرية التي لا تحتاج إلى تلقين ولا إلى تعليم ولا إلى اكتساب يولد الإنسان عليها كل
إنسان دون أن يدخل المدرسة دون أن يلقنه أبواه دون أن تعلمه البيئة هذه هي الأشياء الفطرية
الإنسان مفطور على أنه يؤمن بإله بقوة فوق هذا الكون
يقول تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ
الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30
الإنسان يحب من أحسن إليه كما قالوا جُبِلت النفوس على حب من أحسن إليها الإنسان أسير
الإحسان الناس مفطورين على حب الصدق وكراهية الكذب حب الأمانة وكراهية الخيانة حب
الوفاء وكراهية الغدر هذه أمور فطرية هذا معنى الفطرة و الإسلام جاء بمراعاة الفطرة لم يجئ
بمصادمة الفطرة ولا بالتمرد على الفطرة لا جاء في عقائده وفي تشريعاته وفي أخلاقياته وفي
آدابه برعاية الفطرة لم يجئ بما يصادم الفطرة جائز أنه جاء بما يُهذِّب الفطرة بما يسمو بها و لم
يجئ بتحريم الطيبات لأن من الفطرة أن الإنسان يحب الطيبات يحب الأشياء الجميلة يحب كل شئ
يميل للخير والجمال واﻻحسان إن الله جميل يحب الجمال كما قال بعض الصحابة إني وُلِعت بالجمال
فقال له الرسول أن الله جميل
فإن تقلباتِ الحياة تجعل الإنسان يمرُّ بأزماتٍ
يَضعُفُ الإنسان أمامها فتبدأ حينها الفطرة الإلهية بدفعِه نحو القدرة الإلهية العُظمى كي يستمدَّ منها
سُبُل القوة والثبات والنجاة مما يدفَعُ بالإنسان نحوَ البحث عما يوصله نحو تلك القوة ليتَّجه
نحوها ويتقرب إليها خاضعًا ذليلًا فكرامته التي تَنبُعُ مِن فطرته تأنَف أن تخضَع أمام قدرةٍ تساويه
أو تُشابهه وفي حال فشل الإنسان في الحصولِ على المعونة فإن ذلك يجعله يتخبَّط في حياته هذا
إذا ما لجأ إلى الانتحار الذي يرى أنه الطريق الأنسب للخروج مِن وَحْشة العالم وظلمه وها هي
الإحصاءات تُخبِرنا أن عدد المُنتحِرين سنويًّا يقارب 800 ألف شخص
ولكن هذا لا يحدُثُ للإنسان إلا عندما تقلُّ قيمة الفطرة الإلهية عنده نتيجةَ أنحرافه في علاقته مع
الله تعالى أو أرتباطه بقدرات لا تَملِك لنفسها ضرًّا ولا نفعًا
أهم المعاني والأحكام المستخلصة من كل ما تقدم:
1. أن الفطرة هي الصفات الخَلقية الأولية التي منحها الله تعالى للإنسان وغرسها في طبيعته.
2. أن الصفة الفطرية الأساسية الجامعة هي الاستقامة والسلامة.
3. وأن من الفطرة واستقامتِها: التوجه التلقائي إلى الخالق وإلى توحيده (فطرة عَقَدية).
4. ومن الفطرة واستقامتها كذلك: حب الفضائل والمحاسن وكره الرذائل والقبائح (فطرة قلبية وجدانية) كل الناس من جميع الأجناس يولدون على هذه الفطرة أول ما يولدون فهي سنة من سنن الله التي لا تتبدل ولا تتخل
5. بعد الولادة والاندماج في الحياة الاجتماعية تصبح جميع الصفات الفطرية عرضة للتأثيرات السلبية التي قد تغير منها قليلا أو كثيرا دون أن تمحوها وتبدلها من أصلها
6. وبناء عليه فالفطرة من سنن الله التي لا تقبل الإلغاء والتبديل، لكنها تقبل التغيير وتخضع للتأثير
وأخيرآ نختتم المقال بحديث رسول الله
عليه الصلاة والسلام :
(( ما مِن مولودٍ إلا يُولَدُ على الفِطْرةِ ))
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك عن أبي هريرة ]

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading