العاصمة

العرض المخبول والهروب الكبير

0
إيمان العادلى
في ليلة ممطرة شديدة البرودة، الليل لم يَعد ساكنًا بسبب العواصف العاتية وأصواتها المُزعِجه،
وبوسط البحر الهائج والأمواج العاتية، كان سجن “ألكتراز” فوق جزيرة يُحيطها البحر من كل جانب
يُعَد حصنًا منيعًا، لا يذكر العامة عنه شيئًا فهو كالجحيم الذي لا تنطق أسمه هو فقط موجود
ولكن من الأفضل أن يظل مجهولاً للعامة ..
قصة سجن “ألكتراز” أو كما يقولون”الهروب
الأعظم” .. نعم
السجن العظيم يقع على جزيرة معزولة في منتصف خليج مدينة سان فرانسيسكو الامريكية
وتم إنشاؤه لإيداع المساجين شديدي الخطورة أو هؤلاء الذين يملكون تاريخ حافل بحالات الإعتداء
بالسجون الأخرى فقد كان يُعتَقد بأنه العقاب الأقسى لكل المذنبين .. هو سجن “ألكتراز” ولكن
وعلى الرغم من إستحالة الهروب منه فقد سُجلت أكثر من “٣٦” حالة هروب فاشلة كان من ضمنهم
مُحاولة تهريب المجرم الشهير وزعيم المافيا “آل كابوني” الذي كان نزيلاً بالطبع بتلك المؤسسة
المُظلمة حتى كان ذلك الرجل “فرانك موريس” الذي جمع ثلاثة من أصدقائه بالسجن وعرض
عليهم عرضًا مخبولاً .. لقد عرض عليهم أن يهربوا
في البداية سخروا منه أستهزئوا بما يقول فالهروب من ذلك المكان القميء يُعد دربًا من
المستحيل فالسجن قبل كل شيء محاط بالمياه من كل مكان ولكن “موريس” أصر على إمكانية الهروب
من ذلك السجن وبدأ يسرد عليهم خطته العبقرية التي لم تصبهم هم فقط بالدهشة بل أصابت العالم
عند سماع تفاصيلها .
كان موريس قد لاحظ هشاشة الجدران وتصدعها بفعل الرطوبة بالسجن وكانت خطته تبدأ من
الحفر في جدران زنزانته صعودًا إلى أعلى حيث يوجد فتحات التهوئة في كل زنزانة وبفتحات
التهوئة يكون كل شيء أسهل بعد ذلك
طفق الأربعة يحفرون في العام ١٩٦١م وفي البداية جمع كلُ منهم الأخشاب والأدوات التي تساعدهم
في عملية الحفر بكل بساطة دون أن يشعر أحد ولكن أيضًا فقد جمعوا مجموعة من الأخشاب
لصنع ( مركب )
كانت المركب التي يُخطط موريس لبناؤها تعتمد
على أنهم سوف يجمعون سترات المطر من المساجين عن طريق المُقايضة أو البيع وهذا
بالفعل ما حدث ويقوموا بعد ذلك وقت الهروب بتجميع الأخشاب مع السترات بالغراء حتى يحملهم
ذلك “القارب” البسيط قليلاً وتكون فرص وفاتهم بالمياه الواسعة بالمحيط قد تم تقليلها .
ظل موريس ورجاله يحفرون بكل أريحية ولمدة طويلة زادت عن العام حينما صنع موريس آلة
تُشبه ( المثقاب الكهربائي ولكنه بدائي جدًا) واللي هو الشنيور بس بدائي جدًا يعني لما سرق موريس
موتور بدائي كان يستخدم في أحد ماكينات الكنس الكهربائي وصنع منه ذلك “الشنيور” فبدأت
عملية الحفر تصبح يسيرة ويتم الحفر ليلاً فكانت الأمور مُثيرة ومُخيفة للغاية بالنسبة لهم فمع مرور
الحراس الليلين على الزنزانات بشكل مُستمر كان لابد من إيجاد حلاً .
كان حلاً عبقرياً وحريئًا في نفس الوقت فقد قاموا بصنع دمى تغطي مكانهم بفراشهم بالزنازين
مستخدمين الشمع وورق التواليت ووضعوا لتلك الدمى شعر جمعوه من غرفة الحلاقة بالسجن ما
سمح لهم بالحفر بكل أريحيه كما سمح لهم بعد ذلك بمزيد من الوقت لحين اكتشاف اختفائهم من
زنازينهم بعد الهروب الكبير .
في ليلة مُظلمة وبعد عامين من الحفر جمع موريس
أفراد طاقمه وأخبرهم بأن ميعاد الهروب سيكون الليلة وأنه بعد الهروب سينزحون لجزيرة قريبة
اسمها “أنجيل” ومنها لمدينة قريبة “مارين” وبعدها سيقومون هناك بسرقة سيارة وبعضًا من النقود
سويًا ثم يفترقون للأبد ويجب على الجميع أن يكون مُستعدًا عند الساعة التاسعة والنصف مساء اليوم ..
قاموا بإختراق الفتحات اللي كانوا حفروها في جدار الزنزانة الخاصة بكل منهم وتسلقوا مواسير
مروحة تهوية المطبخ ومنها للسطح وقاموا بإستخدام أحد أسلاك الكهرباء للنزول للساحة
ومنها الى نقطة مُظلمة بجوار المولدات العمومية وهي اكتر منطقة عمياء بعيدًا عن ابراج المراقبة
وكشافات السجن وبالفعل خلال عشرة دقائق كانوا في المياه الا من أحدهم الذي كان قد فشل في
الخروج وظل عالقًا بمحبسه بعدما فشل في فتح فتحة التهوئة في الوقت المُحدد ..
وانتهى الأمر كان بالعام ١٩٦٣م بعد عامين من بداية الخطة اختفى ثلاثة من سجناء “ألكتراز”
نهائيًا وللأبد ولأول مرة في التاريخ ولآخر مرة حقًا فلم تنجح أية محاولة أخرى بالهروب وعلى مر الزمان .
تَكهُنات بالغرق ..
قامت المباحث وخفر السواحل بتمشيط المنقطة بحثًا عنهم بالمحيط ولكن بلا فائدة فلم يجدوا لهم
أثرًا نهائيًا وإنما وبعد عام كامل على تلك الواقعة كانت سفينة من النرويج تمر بتلك المنطقة وقال
طاقمها أنهم رأوا جثتين طافيتين ولكنهم لم يستطعوا الوقوف لإستطلاع الأمر واكتفوا فقط
بذكر ذلك ..
أنتهى الأمر وأذيع للعامة ان هؤلاء الثلاثة قد غرقوا بالمحيط ما أعطى سجن “ألكتراز” العلامة
الكاملة حتى ذلك اليوم الذي ظهر فيه أبن عم موريس بالتلفاز وأعلن عن أن فرانك موريس هاربًا
ليس غارقًا وأنه قد التقى به أكثر من مرة وأوضح للعامة عن صورة له مع “فرانك موريس” ولكن لم
يستطع الفريق الجنائي تحديد إذا ما كانت الصورة تعود لموريس أم لا حيث أن تلك الحادثة كانت
بالعام ٢٠٠٤م أي بعد عملية الهروب بأربعين عامًا
ولكن كانت المباحث على موعد من الخيال بالعام ٢٠٠٨م حينما وصلهم خطاب من “موريس” شخصيًا
يؤكد فيه أنه على قيد الحياة ولكنه يعاني من السرطان وأيامه معدودة للغاية وبعد تحليل ال (
DNA) الموجود على الخطاب تم التأكيد بالفعل من أنه فرانك موريس الحقيقي وأنه لا يزال حياً .
إذن.
الذي شاهد مسلسل ( prison break ) شاهد عملية الهروب بالظبط لأنها مجرد محاكاة لخطة
موريس التي كانت في وقته بالستينات شيء مُبهر ..
كتير من الأفلام اتكلمت عن موريس وسجن “ألكتراز” الشهير ومن ضمنهم فيلم لكلينت ايستوود ..
قناة ديسكفري بعد سنوات عملت بعض الحلقات عن هذه القصة وأوضحت أن الجثتين التي تمت
رؤيتها في المياه دميتين صنعهما موريس وأصحابه بعدما خرجوا من المياه وألقوا بهم في
المحيط فور هروبهم للخداع والأعتقاد بأنهم غرقوا

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading