الطلقة في المقلمة
كتب/أحمد ربيع الدخاخني
حين تصبح البراءة عُملة لا تصلح للتداول..
هنا تنقلب جميع الموازين، وتختلف الحياة، ويفقد المرء براءته منذ صباه
ويصبح عليه مواجهة الحياة كل يوم..
فبعد ان تُحضر له امه الفطور ويشرب الحليب الخاص به، ويستعد لأستقبال يومه الدراسي، وبدلا من رؤيته لأسوار المدرسة والمعلمين يري جنود العدو وهم يتحكمون في وطنه، ويرى الآباء يستشهدون أمام أعين أطفالهم..
فهنا فقط لا يصبح طفلاً وتموت براءته، ولا يجد أي فرصه لكي يمارس لعبته المفضلة (العسكر والحرامية) ويحمل عصاه ليتخيل نفسه جنديا يُطلق النار
لأنه أصبح يرى النيران من حوله بصورة حقيقية
وعليه أن يمارس هذه اللعبة بشكل حقيقي، فإنه يرى من أمامه الوطن في أقصى حالات اليأس، والمدارس لا توجد إلا في مخيلته فقط
ولا توجد في مقلمته الخاصه أقلاما، أو برايات فقد أصبحت ممتلئه بالرصاص، والدم والقتل..
فالآن لم يعد هدفه السعي الي أن يصبح طبيبا، أو مهندسا ولا يستطيع أن يفكر في مكانة اجتماعية، فلم يعد يوجد أي مجال للتفكير في غير وطن يملكه
فهذا أقصى طموح لديه الآن.
أن يصبح لديه وطن ينشأ فيه، فهل تعلم معنى حياة لا يوجد بها سوى حلما واحد؟!
ينام ويستيقظ لا يرى أمامه غير دماء تحيط بمخيلته من جميع الإتجاهات
ويرى إنه لابد من تضحيات لأجل إستعادة وطنه.. ويعلم أن ثمن الحياة هو الحياة..
فينام هذا الطفل، ويحلم بعبوات ناسفه
ويستيقظ على صوت انفجار شديد في عقله، ولا يعلم أين مصدره!