العاصمة

الحدود الستة

0
إيمان العادلى

ماذا تعرفون عن الحدود الستة..؟
هل منكم من يعرف الحقيقة؟
هكذا هي الحياة لا يملك فيها فرد وحيد كل الحقيقة كل يرى جزءآ بوعيه ومن زاويته ولا تكتمل الصورة إلا برؤى الجميع فما الذي يمنع أحدنا أن يدرك الحقيقة كاملة؟
هل هناك ما يحول بينه وبينها؟
هل هناك ما يخدعه و يزيفها له؟
الإجابة نعم
إنها الحدود الستة و هي محطات ست يمر بها الواقع قبل أن يستقر في عقل الإنسان
محطات ست تقع بين الواقع الفعلي وإدراكك له فتضيف إليه وتحذف منه لتقلل في النهاية من جودة هذا الإدراك وهي تقوم بتحويل الصورة الحقيقية للأحداث الفعلية إلى صورة مغايرة قليلا أوكثيرآ عن الواقع قبل أن يستقبلها عقلك وتستقر داخله
هذه الحدود هي:
(الثقافة)
وهي مجموعة أفكار ومفاهيم لدى المجتمع الذي تنتمي له وتعيش فيه وتؤثر في نظرتك للأشياء كبعض العادات والتقاليد التى تحكم المجتمع الذى تعيش فيه والتى تكون سبب لتصرفك لنفس الموقف بطريقة مغايرة لشخص أخر لنفس الموقف ولكن نشأ فى مجتمع أخر غيرك بمفاهيم أخرى
فمن منكما على صواب؟
(التجارب الشخصية)
إن كل تجربة لك في الحياة لاسيما تلك التي وقعت لك في مراحلك الأولى تنطبع في ذاكرتك لتؤثر على نظرتك وتقييمك لكل ما يليها من تجارب مماثلة أو شبيهة بل وتؤثر على أمور كثيرة فى حياتك بل أنها تتشارك مع غيرها من تجارب حياتك لتعطي لك الخصوصية والتفرد في إدراك الحياة وشؤنها
فما تراه أنت عيبآ يراه غيرك ميزة ويراه ثالث غير مهم وهكذا فلكل منكم خزانة تجاربه الخاصة التى أنطبعت فى ذاكرتك و التى تؤثر على نمط أستجاباتك وأحكامك على الأحداث
( النوايا والحالة المزاجية)
فالطيبون لا يرون إلا الخير والخبيثون لا يرون إلا الشر والمتفائلون لا يرون إلا الإيجاب والمتشائمون لايرون إلا السلب وحقيقة في كل تلك الأحوال هنالك تجاوز عن الإدراك الأمثل للحياة فللحياة دوما وجهان ضاحك وحزين ولكن هيهات أن يدرك المرء منفردا كل التفاصيل وهكذا فإن حالتك المزاجية ونواياك تتحكم فى نظرتك ورؤيتك للحياة
(الجو العام والحكم من خلاله)
وأعني بالأجواء العامة الملابسات التى تحيط بالحدث وتوجيه عقلك نحو أستقبال الأمر بكيفية معينة كأن نرى شيئآ مظهره يوحى بشئ غير باطنه ونتسرع بالحكم عليه وهذا الخطأ حقيقة يسأل عنه العقل العاطفي لدى الإنسان والذي يسقط دائما في فخ التسرع والاستعجال.
(الحدود العصبية)
من المعروف أن إدراكنا للعالم يكون من خلال أعضاء الحس الخمسة بيد أن هذه الأعضاء ليست مطلقة القدرة فالعين مثلا لا ترى سوى العالم الكائن بين الطول الموجي للون الأحمر والطول الموجي للون البنفسجى وخارج هذه الحدود لا تدركه عين الإنسان والأذن تسمع فقط الصوت البالغة قوته بين 20 إلى 20000 وحدة صوت وخارج هذه الحدود لا تدركه أذن الإنسان وهكذا اللمس والشم والتذوق لكل منهم حدود لا يتجاوزها يعني ذلك أن هناك عوالم تعيش معنا على هذا الكوكب تؤثر قطعا في واقعنا ولكننا نعجز عن إدراكها
هكذا تعرف أن حواسك في أحسن أحوالها لا تملك سوى أن تنقل لك واقعا منقوصا وعالم نعيشه ولا نستطيع أدراكه بحواسنا الخمسة
(أنماط الأدراك)
لكل منا حاسة سائدة تسيطر على إدراكه للحياة إنها أنماط الأحساس للواقع فمنا من يدرك العالم بعينيه لأنه من النمط البصري ومنا من يدركه بأذنيه لأنه من النمط السمعي ومنا من يدركه بلمسه وشمه وتذوقه لأنه من النمط الحسي هذا يجعلك عند إدراكك للواقع تركز على تفاصيل دون غيرها مما يفقد إدراكك صفة الكمال لأنك تنظر للعالم من خلال حاسة واحدة مسيطرة عليك
إذن هناك حدود ستة تتداخل بينك وبين الحقيقة لتصنع لك أطارك الفكري الخاص بك في إدراك الحياة ومن الطريف أننا عندما تتأمل هذا القصور الذي يعتري الرؤية الفردية ستجد أنه ضرورة مجتمعية تكرس لمفهومين يبدوان متناقضين الأول هو حق الفرد في الإختلاف فكلما تعددت الرؤى واختلفت كلما سنحت الفرصة لتكوين رؤية عامة هي الأقرب للصواب المفهوم الثاني هو الأهمية البالغة لتشاور الأفراد فيما بينهم.
و هذا يعني أنك لا تعرف الحقيقة بل تعرف فقط رؤيتك عنها فلا يملك فرد وحيد أو طائفة وحيدة كل الحقيقة فلا يغرنك معرفتك فتنغلق على ما عرفته لكن أبحث وأسأل ودقق وشارك وراقب واطلع قبل أن تتشبث برأيك وبمعتقدك وليست الدعوة أن تتبع الآخرين كيفما كانوا وإنما أن تستفيد من رؤاهم وأنت تكون وجهة النظر الخاصة بك
إن إقصاء رؤى الآخرين ومعاداتها ليس من مصلحة أحد في شئ فهكذا تسقط الدكتاتوريات إن الحقيقة بعيدة مع الفرد قريبة مع المجموعة إنها سنة الكون التى سنها الخالق العليم فلو أمتلك كل منا الحقيقة كاملة بمفرده لتفرق الناس وأنعزلوا وشعر كل فرد بكفايته
وقد خلق الله الناس من ذكر وأنثى وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا وجعل الأمر شورى بينهم هنا تعرف قيمة المشاركة
وهذه هى الحدود الستة التى تمكنا من أدراك الحياة

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

آخر الأخبار