محافظ بني سويف يتابع جهود وأنشطة أجهزة وإدارات مديرية الزراعة لتعزيز الإنتاجية والاستدامة  محافظ بني سويف يناقش نتائج 35 زيارة للتفتيش المالي والإداري لمتابعة عمل الوحدات المحلية والمديريات   الجمعة.. "الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الإنسان" بملتقى الهناجر الثقافى  وزيرة البيئة: تطوير المناهج البيئية فى الجامعات وادارة مخلفات الرعاية الصحية والإلكترونية موضوعات ها... ثورة الموتى" ملحمة وطنية لفرقة أحمد بهاء الدين ضمن عروض الموسم المسرحي بأسيوط "تجليات إبداعية في بحور الأدب " أمسية شعرية بمنفلوط غدا مناقشة رسالة الدكتوراه المهنية في إدارة الأعمال للباحثة فاطمة عبد الحافظ. وزيرة البيئة: بدء المناقشات مع الصندوق لحصول مصر على مليار و٢٠٠ مليون للبيئة ضمن حزم الدعم الخاصة لص... القاهرة تشهد افتتاح المشروع المتكامل الأول " بمركز التنمية الشبابية " بالتجمع الأول بخطى عالمية .. أ... الملاذ الهادىء للسيدات في قلب دبي " تايم اسما"
العاصمة

الحجيج وأيام مَعدُودات

0

 

كتبت / ناهد عثمان

الليلة السابعة

سبعُ ليالٍ يأكُلْنَ سَبعًا شِدادًا من انكساراتِنا !

كلُّ ليلةٍ .. كأنَّها دَهرٌ من فَجرٍ مُمتد ..

تَتهيَّأُ مَكةُ .. تَشعر أن فيها لحظَةً خَفِيِّة ؛ يَنتظرُها القادِمون ..

لَحظة .. ستُخرِجُ أعمقَ المكنونات .. فَليتَ دَمعَ الخَليقةِ يَكفي لتلك الّلحظة !

تقرأُ الشُجونَ في عيونِ العَاشِقينَ ..
تَرتجِفُ ذَواتُهم في مُقلِ الدّموع .. تَطفو الأمَاني على الأهدابِ الغَارِقَة في نَوْحٍ مَهيب ..

ما ظَنَّكم بِأُناسٍ يَرتحلون إلى الآخرةِ كلّ يومٍ مَرحَلة !

في مكة ..
لا أحَد يُحدِّقُ في القَاع ..
الكلُّ يُحدِّقُ في اللامُتناهي من العَطاء .. فتلك لحظةٌ لا تَتسعُ لها الأرضُ !

تلكَ لحظةٌ .. لا يعلُم سِرَّها إلا الله ..
لحظةٌ .. تُعيدُ تعريفَ السَّعادَة .. وتَبدو مَعَها كلُّ الأفراحِ صغيرَة !

ويا لله كيف تَنسجُ الشَّعائِرُ الحجيجَ شَيئًا فشيئًا ..
يَخلعونَ أسْمالَهم في اتجَاهِ القِبلة ..
ويَبكون هناك خَلوَةَ الذُّنوب !

يَتدفَقُ الألمُ إلى زوايا عَميقَةٍ في النّفوس ..
تَتلامَسُ الأصواتُ من تَشابِه الوَجَع ..
وتَخْفِقُ القُلوبُ لبَعضِ الدُّموع .. فَهذهِ دُموعٌ ؛ تَعرفُ الأرواحُ أسبابَها !

يكادُ قلبٌ ؛ أنْ يُرَبِّتَ على قَلبٍ ويقولُ له :
لا تَجزع .. فَعندَ الله مُتَّسعٌ لنا جميعًا !

َيشتهي الحَجيجُ لو يُغادرُهم الزَّمانُ ، ويَظلونَ مُعلقينَ بأسْتارِ الكعْبة .. يَفتَحونَ جراحَهُم عند الله ؛ يُخيطُها لهم ويَلتَئِمون !

في مَكة ؛ تَصغُر الأحزانُ ..
فَقط ؛ { اخلع نَعليكَ } ..
واخلَع نَفسَك ..
واخلعْ عَجْزَك ؛ { إَّنك بالوادِ المُقدَّسِ طوَى } !

تَعلمك الشعيرة أنّه ؛ { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } .. بهذه اللُّغة الشَاهِقَة ؛ يُهيِّؤُك الحجُّ للمعاني الشّاهِقة ..
ويقولُ لكَ : تنبه فإن البُعدُ عن الله هَشاشَةُ الرُّوح !

تَزدادُ هشَاشَتُنا .. كلما أسْرفْنا في الغِياب عن الله !

مُصابُنا ..
أننا لا نَشُمُّ ذنوبَنا إلا بعدَ وقوعِ الفَاجِعة !

مُصابُنا ..
أننا كلمّا وضَعنَا نهايَةً لِسطرٍ مشَؤومٍ ؛ جَاءَ الشَّيطانُ واسْتأنفَ الذَّنبَ !
الشّيطانُ يريدُ لك ؛ أن تَنتَهي حيثُ انتَهى !

فتأتي الشعائِرُ لِتُرَتِّل عليكَ { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ } ..
الذنوبُ هي نُدوبُ الرُّوحِ ، لذا قَالَها العارِفونَ بالله :
مَن أطلَقَ هواهُ غُلَّتْ خُطَاه !

من أطلقَ بَصرَهُ ؛ فارَقَتْهُ الرُّؤى ..

ومن أرخى الزِّمامَ لِنفسِه ، وقالَ لها سِيري ؛ بَلَغتْ به المَحاق !

ألمْ يَقُلْ النَبيُّ ﷺ :(لأعلمَنّ أقوامًا من أمَتي ؛ يأتونَ يومَ القِيامَة بِحسناتٍ أمْثالَ جِبالِ تهامَة بِيضًا، فَيجعَلها اللهُ -عزّ وجل- هباءً مَنثورَا ً..
قال ثوبَان .. يا رسولَ الله صِفْهم لنا .. جَلِّهم لَنا .. أنْ لا نكونَ مِنهم ونَحنُ لا نعلم ؟!
قال : أمّا إنّهم إخوانُكم، ومِن جِلدَتكم، ويأخذونَ من الليلِ كَما تَأخذون ، ولكِّنهم أقوامٌ ؛ إذا خَلوا بِمحارِم الله انْتَهكوها ) !

كَما يَنتهكُ الشَيبُ سوَادَ الضَّفائِر .. فَيغتالُ الجَمالَ !

هو يُعلِّمك ؛ ” مَا لمْ تَكنْ جلداً على أزَماتهِ .. لا يَصْطَفيك ” ! .. فافهم معنى المرابطة على التعظيم ..

إن النفسَ إذا تَشبَّعتْ بالتقوى ؛ عَظُمَتِ الشَّعائِر !
لأنَّ التَّقوى هي ؛ القِيامُ للهِ .. ومن قـامَ للَّـهِ ؛ لـم يَقعـد حَتَّـى يَصلَ إلى اللَّهِ !

المُتَّقون هم ..
قَومٌ قَعدتْ عنهـمُ الشهوَاتُ ؛ فصـحَّ قيامَهـمْ باللَّهِ ..
( فَخَلِّ جِراحَك الدَّكناء ) ورَاءَك !

تُلقي الشعائِرُ ملامِحَها في وُجوهِنا ..
تَمتَزِجُ زَمزَمُ بِريقِ الحَجيج ..
لا شيءَ مَرئِيَ في الحَج إلا المَناسِك ..

لَكنَّك كُلما أصْغيتَ ؛ سَمعتَ صوتَ قَلبٍ يَمتلئ !

فيا لله .. كيفَ يَحتَفِي بِه الله .. ويَنْطِقُ مِنه الحَالُ ؛ { إَّنه كانَ بي حَفِيَّا } !

مَع كلِّ شعيرةٍ ؛ يَقلُّ اتِّساعُ الفَراغِ بَينَ الحَجيجِ وبينَ مناجَاةِ الله .. ويَبلغونَ مَقامَ { ولمْ أكنْ بِدعائِكَ ربِّ شقيًا } !

التَقِطِ المَعنَى من حِكايَة إبراهيمَ بنُ أَدْهَم .. يَنزلُ إلى السّوقِ ، وكانَ مُسرفًا على نَفسِه ، فَيجدُ ورقةً مُلقاةً على الأرضِ وقَد كُتبَ فيها اسمُ اللهِ تباركَ وتعالى ؛ والناسُ يَطَؤونَها بِأقدامِهم، وهم دَاخلونَ إلى السُوقِ وخَارِجونَ ما يَعلمون، فَأخذَ الورقَةَ، فنظرَ فإذا اسمُ الله فيه ، فَبَكى، وقالَ: سُبحانَ الله يُهانُ اسمُك هنا؟ لا والله، فَرَفَعَ هذه الورقَةَ ، وذهبَ بها ، وطَيَّبَها ، ورَفَعَها في بَيته، فَلما أمْسى ؛ سَمِع هاتِفاً يَقول :
يا مَنْ طيَّب اسمَ اللهِ ، وعَظَّمَ اسمَ الله ؛ ليُعظِّمنَّ اللُه اسمَك !

فَهداهُ اللهُ إلى التَّوبةِ النَّصوح، وأصبحَ من زُهَّادِ الإسْلام ، ومِن عُبَّادِ الإسلامِ ، وحينَ ماتَ ؛ اجتَمعتْ مَدينَتُه في جَنازَتِه أُلوفًا مُؤَلَّفَة من الأمَراءِ، وقَادَة الجَيش، والفُقراءِ والمَساكين، حتى وصَلوا المَقبرةَ ؛ وقدْ تَقطَّعت أحذِيَتُهم من كَثرةِ الزّحام !

يَتقهقَرُ الشَّيطانُ قبلَ الرَجْمِ .. تَمتَلئُ المَناسِك بِصوتِك ..
وتَفهمُ ؛ لماذا اختُصَّ الحجُّ بالتكبير !

فتَعظيمِ الله ..
هي اللَّحظةُ التي يُريدُ اللَه لكَ أن تَبلغَها ..
وتدرِك بها .. أنَّه لا تَصِحَ لكَ عبُودِيَّةٌ ؛ ما دَامَ لِغيرِ الله في قَلبِك بَقِيَّة !

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading