العاصمة

البيوتَ سكنًا لأهلها

0
بقلم / محمــــــد الدكــــــرورى
علمنا النبى الكريم صلى الله عليه وسلم أن هناك
استئذان قبل الدخول على الناس والا ندخل البيوت حتى ان يكون هناك استئذان من اصحابها
وكذلك نادى علينا الله عز وجل فى كتابه بالاستذان وجعل اللهُ -تعالى- البيوتَ سكنًا لأهلها,
تسكن فيها أرواحهم, وتطمئن نفوسهم, وترتاح أجسادهم, ويأمنون فيها على عوراتهم وحُرماتهم؛
لذا لا ينبغي أنْ تُقتحم هذه البيوت إلاَّ بعد الاستئذان الذي قَرَنَه الله -تعالى- بالإيمان؛ كما في
قوله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى
أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)..
وقد علَّمنا النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- كيفيةَ الاستئذان وصيغتَه, فعَنْ رِبْعِيِّ بنِ عَامِرٍ –
رضي الله عنه-؛ أنَّ رجلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِي بَيْتِه, فَقَالَ أَأَلِجُ؟! فَقَالَ
النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِخَادِمِهِ: “اخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الاِسْتِئْذَانَ, فَقُلْ لَهُ: قُلِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ,
أَأَدْخُلُ“. فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ, فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ, أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-
فَدَخَلَ. (صحيح: رواه أحمد وأبو داود). فالسُّنة تقديم السلام قبل الاستئذان.
ومن فوائد الاستئذان: أنه يُتيح للإنسان التصرُّف في بيته كما يشاء؛ فيأذن لِمَنْ يُريد, ويرد مَنْ يريد
بغير حرج, والاستئذان يرفع الحرج عن المستأذِن والمستأذَن عليه, ويُتيح لصاحب البيت أنْ يُداري
عوراته, وكلَّ ما يكره.
ومن آداب الاستئذان: غضّ البصر وعدم استقبال الباب, فيقف المستأذِن عن يمين الباب أو شماله؛
حتى لا يقع بصره على موضعٍ لا يحل له النظر إليه, أو على شيء يكره صاحب المنزل لأحدٍ رؤيته, عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ
يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ, وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الأَيْمَنِ أَوِ الأَيْسَرِ, وَيَقُولُ: “السَّلاَمُ عَلَيْكُمُ, السَّلاَمُ
عَلَيْكُمْ”. وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ سُتُورٌ“. (صحيح: رواه أبو داود).
ويحرم نظر الرجل في بيت غيره إلاَّ بإذنه؛ لأنَّ الاستئذان لم يُشرع إلاَّ من أجل البصر؛ كما قال
النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ” (رواه البخاري ومسلم).
ومَنْ تعدَّى واطَّلع ببصره على ما لا يحل له بغير إذن؛ فقد حلَّ لأصحاب الدار أن يفقئوا عينه, فلا
قصاص ولا دية؛ لما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “مَنِ
اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ, فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ” (رواه مسلم).
وقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “لَوْ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ,
مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ” (رواه مسلم).
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه
وسلم-, وَمَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ, فَقَالَ: “لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهِ
فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ” (رواه البخاري).
ومن تمام أدب الاستئذان: قرع الباب ثلاثًا, فإنَّ أهل البيت عند سماعهم قرب الباب في الأُولى
يستمعون, وفي الثانية يتأهبون, وفي الثالثة يأذنون, ويُكرر المستأذِن السلامَ ثلاثًا؛ فإن لم يؤذن
له رجع؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ؛ فَلْيَرْجِعْ” (رواه
البخاري ومسلم).
أيها الإخوة الكرام .. ومن آداب الاستئذان: التعريف بالنفس, أي: يُعرِّف بنفسه إذا سُئِل عن
اسمه, فعن جابرٍ-رضي الله عنه- قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي,
فَدَقَقْتُ الْبَابَ, فَقَالَ: “مَنْ ذَا؟”. فَقُلْتُ: أَنَا. فَقَالَ: “أَنَا, أَنَا“. كَأَنَّهُ كَرِهَهَا. (رواه البخاري).
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي, فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
يَمْشِى وَحْدَهُ, فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي ظِلِّ الْقَمَرِ, فَالْتَفَتَ فَرَآنِي, فَقَالَ: “مَنْ هَذَا؟”. فَقُلْتُ: أَبُو ذَرٍّ. (رواه
البخاري ومسلم)…. فاللهم علمنا يا رب العالمين وانفعنا بما علمتنا .

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading