من الواضح أن تنظيم داعش كان يعمل على إيجاد خلايا نائمة تابعه له، سواء في المنطق التي يخرج منها أو التي كان ينشط فيها، وسواء على شكل أفراد أو مجموعات؛ حيث كان يحرص خلال سيطرته على تلك المناطق على ترسيخ أفكاره ومعتقداته بشكل كبير بين السكان، لاسيما صغار السن، وذلك حتى يضمن بقاءه فكريًّا وتنظيميًّا بعد خروجه، لو بشكل غير علني؛ حيث يمكنه استخدام تلك العناصر إذا ما أراد العودة مجددًا إلى هذه المناطق، على غرار الخلايا النائمة التي تم الكشف عنها في العراق في مارس 2018، والتي أعلنت عنها وزارة الداخلية الاتحادية، وكانت تستهدف منطقة الرستمية بصواريخ كاتيوشا.
أخيرًا، يمكن القول إن قدرة تنظيم داعش في العودة إلى نشاطه الإرهابي عقب الهزائم التي تعرض لها، تعود بشكل كبير إلى إيجاد آليات تساعده على البقاء، ويواجه من خلالها الضغوط المختلفة، وهو ما يفرض ضرورة الالتفات إلى تلك الآليات، ووضع تصور واضح لمواجهاتها من قبل القوى المختلفة التي تكافح الإرهاب، وذلك من خلال التعاون الأمني الجاد القائم على تبادل المعلومات بشكل سريع، ودعم الجهود العسكرية للدول والحكومات التي تقوم بمواجهة فروع ومجموعات التنظيم.
إضافة إلى العمل على تجفيف موارد التنظيم من التجارة غير المشروعة، خاصة تلك التي تتم عبر الحدود الهشة بين بعض الدول، كما يجب أن تتوازى هذه الجهود مع مواجهة فكرية فاعلة، تقوم بها بشكل رئيسي المؤسسات الدينية الرسمية، لاسيما أن التجربة قد أثبتت أن هزيمة التنظيم عسكريًّا في بعض المناطق لا تعني القضاء عليه، في ظل حرصه على استعادة نشاطه والعودة إلى معاقله السابقة.
ورغم أهمية تلك الجهود فإنها لا تعني القضاء على تنظيم داعش بشكل كامل في وقت وجيز، وإنما الهدف منها هو محاصرة نشاط التنظيم، وتحجيم نفوذه ومنعه من بناء معاقل جديدة، حتى يمكن القضاء عليه فكريًّا، وهي المعركة الأخطر التي غالبًا ما ستحتاج إلى جهد أكبر ووقت أطول، وهو ما يشير إلى أن القضاء على داعش تنظيميًّا وفكريًّا بشكل كامل سيحتاج إلى سنوات طويلة، وجهد كبير وتعاون صادق بين القوى الدولية والإقليمية