أى صديقتي
وصل كتابك فوافقني جريح القلب باحتراق من عنت الفراق ، ومنهكة القوى ، مبعثرة الأوراق ، رغم أني لم يجمعني
بك مجلسٌ ولا عمرٌ ولا بصرٌ ، وما جمعني بك هو عالم نسجناه سوياً من عُقود الكلمات ولآلئ العبارات ، وكأن بيننا
طفولةً كنّا نسْتلُ فيها الزهور ونتبارز بها فى دنيا الجمال مع الخيال بأرواحٍ تطفو بخفةٍ فوق صفحات نهر صافي
من الحب منبعه النعيم ومصبه الصفحات والأوراق.
أى صديقتي؛ يا من أتعلم منها الحرف المنثور وأطوف بذاك القلب المعمور ؛ أكاد أراكِ وأصف كل تفصيلةٍ في روحك الجميلة المُعذبة
، أرى تفريعات أوردتك وشرايينك وهما يتبادلان الأنين فيخرجانِ بأنفاسٍ مهترئةٍ ولا تقوِ على إخفائها فيطفو كلاً منهما فوق
صفحات الجسد ؛ فيُبليه ويُقْرحه ويُضعف ذلك القلب المسكين. ??
أرى منكِ نبضات الألم تجري فى دمائك محّملة برسائل الحزن ويستقبلها القلم على صفحات أغرقها الدمع فيفيض ابداعاً فى وصف الألم والانشقاق .
هذه الرسائل التى لا أجيد وصفها ، فأنتِ خيرُ من يصف وخير من يكتب وخير من يحب وخير من يُعذَّب??
نعم لم أرى الخير يظل مع العذاب ؛ فالعذاب يولِّد الحقد والضغينة أما معك فهو يُزيد الخير ويُرسّخ المبادىء التى
كادت تفنى وتندثر فى هذا العالم ليصل بك إلى دفن الروح حيّةٍ فى خلايا الجسد البالي ليصبح جسداً بلا روح أنفاسٌ بلا رئة يختلط فيها الشهيق مع الزفير.
أرى فى رسالتك الاخيرة لحنٌ شجىّ ، ومعزوفةٍ تصدح بالاستسلام للمصير
وارتداء القيود عن طيب خاطر .
وعلى حافّة القصيدة اراكِ هناك تحملين حروفاً ثكلى وآلاماً حُبْلى يتولد منها الألم تلو الألم ولا مناص
وكأني أرى طيراً مذبوح الجناح ؛ لكن لا ضير يا غاليتي ؛ فللذبيح ربٌ يفديه وليجمعني بكِ في ما تحبي ونتمني
هو القادر ولا يقدر غيره
العظيم ولا يعظم أمرٌ على قدرته.
#صديقتك…
سماح فرج