العاصمة

أولويات قضايا الأمن القومي بقلم : سامى علوان 

0

لا ينعمُ أيّ مجتمعٍ بالسلام والاستقرار ما لم يكنْ الأمنُ أساسَه، حيثُ تحمي القوانينُ مصالحَ الأفراد من

التعدّي عليها ممّا يمنعُ وقوعَ المشاكل والنزاعات، وهذا يؤدي إلى تقدُّم المجتمعِ ورقيّه، فيستطيعُ الجميعُ

ممارسةَ أعماله بكلّ ثقةٍ وأمان، ممّا يزيد من تطوّر الأعمال في المجتمع، على عكس المجتمع الذي لا

يعملُ بقوانينهِ؛ حيث إنّه يفقد الأمان والاستقرار، وتكثرُ النزاعات والحروب فيه، ممّا يؤدي إلى انتشار

التخلف، والجهل، والمشاكل الاقتصاديّة. التوفيق بين المصالح المتعارضة؛ وذلك لأنّ المجتمعَ عبارة عن

أفرادٍ مختلفين في الرغبات والمطالب، لذلك قد تتعارضُ مصالحُهم معاً فيفصلُ القانون بين هذه المصالح

والتوفيق بينها، وإعادة الحقّ إلى صاحبِه. المحافظة على حريّات الأفراد وصونها وحمايتها، حيثُ إنّ ترْكَ

المجتمع من غير قواعدَ تحدّد مساحة حريّة كلّ فرد أمرٌ يسمحُ بخرْقِ كلّ فرد حريّةَ الآخر. المحافظة على

القيم الاجتماعيّة التي تنتشرُ بين الأفراد، ومنعُ ضياعِها أو تحريفِها. حماية المصالح السياسيّة، وتنظيم عمل

الأحزاب، وحماية حريّات الأفراد في المشاركة في النشاطات السياسيّة، ومنع سيطرة حزب معيّن على

الآخر بالعنف أو تقديم الإساءة له، كما أنّ القوانين تحمي بعضَ الشخصيّات من التعدّي عليها معنويّاً أو

جسدياً، كما أنّها تحمي حقوق الملكيات الإلكترونيّة، فعندما يخترق شخصٌ أو جماعة موقعاً معيّناً مملوكاً

لجهةٍ ما فإنّه يحق لهذه الجهة تقديم الشكوى على الجهة المخترِقة وإيقاع العقوبة بها. تحقيق العدل

والمساواة بين الناس، فعندما يتواجدُ القانون الواحد والواضح فإنّه يحافظ على حقوق الأفراد. تنظيم

علاقات أفراد المجتمع مع غيرهم من المجتمعات الأخرى، وصون حقوق هذا المجتمع وزيادة قوّتِه.


تخطو مصر فى هذه المرحلة، خطوات ثابتة نحو إعادة تنمية الوعى الوطنى لدى جموع المواطنين على

اختلاف أعمارهم وفئاتهم من خلال المؤتمرات الشبابية والفعاليات النوعية المتكاملة، ولما كانت الثقافة

القانونية تعد أحد أهم دعائم تنمية ذلك الوعى الوطنى لتحقيق مواطنة متكافئة فى الحقوق والواجبات،

تكون مصر هى الغاية التى يعمل من أجلها الجميع، فقد باتت الثقافة القانونية قضية أمن قومي، لا مراء

فيها، لتأكيد مبدأ سيادة القانون وحتمية احترام أحكامه، وجعل شعار (مصر أولا) هو الغاية الوطنية الكبري،

والهدف الأسمى لجميع أفراد المجتمع، للحفاظ على الأوطان والأمم والشعوب مما يتهددها من أخطار

الجهل بالقانون، وانتشار أفكار التطرف والارهاب الأسود الذى لا دين له ولا وطن .


ووجود القانون يرتبط بوجود الانسان فى أى مجتمع، فهو ضرورة ملحة للإنسان على المستويات كافة،

ويعد القانون علامة على الوجود البشرى واستمراره، وحاضره ومستقبله، بل إن تقدم الأمم وقيام

الحضارات يدور وجوداً وعدماً وقوة وضعفا وإيجابا وسلبا مع رسوخ اقتناعها باحترام القانون وقدسيته ووعى

الشعوب به، ومن هنا جاء مصطلح (الثقافة القانونية) و أنه من الأفضل أن يصبح قادراً على تقبل فكرة

الثقافة القانونية بما تتضمنه من أوامر ونواه بشكل سليم، وليس بالتسليم والاستسلام المشوب بالخوف

من مجرد ذكر القانون كأنه مرادف للسطوة والسلطة ! بما يسهل للجميع مدارسة الحد الأدنى (الكافي)

من مفردات اللغة الدستورية والقانونية فى سياق ثقافته العامة ومن ثم فلا غنى عنه، ولهذا تتعدد أهداف

القانون وغاياته والنتائج المترتبة على سيادته وتمسك الإنسان به، ومن تلك الأهداف ما يلى :

١) قيام مجتمع سام فى سلوكه، راق فى أعرافه وتقاليده، مزدهر قوته وعلمه واقتصاده، متقدم فى

انضباطه وأمنه، وعلاقات أفراده، مرتفعة مكانته وهامته فى السياق العالمي.


٢) يؤدى الى الحد من لجوء الناس للمحاكم مما يوفر الجهد والمال والوقت، ويعزز السلام الاجتماعي، ويحد

من التباغض والنزاعات والمشكلات، مما يصب فى محصلة سعادة الانسان وازدهار المجتمع.


٣) يعمق الوعى بالقانون علم الفرد بحقوقه وواجباته القانونية فى مجتمعه مما يضمن له الحفاظ عليها

والعمل على تحقيقها، ويقاوم ألوان الظلم والطغيان والفساد والجريمة، مما يحقق له الإحساس بالمساواة

والإنسانية كما أرادها له الخالق العظيم.


٤) توفر سيادة القانون بيئة اجتماعية واقتصادية وثقافية تؤمن للمواطن حاجاته المادية والمعنوية، وتحفظ

للدولة وحدتها وتعزز قيم الحرية والديمقراطية، وتدفع المواطن لأداء واجباته، والتمتع بحقوقه الإنسانية،

وتمنعه من تجاوز القانون.


٥) يرسخ الوعى بالقانون النظام فى المجتمع، ويعزز المشاركة المجتمعية، ويجسد حسن الإدارة والنزاهة

والشفافية، ويقاوم السلوكيات المنحرفة، مما يساعد فى جلب الاستثمارات ورءوس الأموال والسياحة

ودفع عجلة الانتاج مما يساعد على تحسين أحوال الناس فى جميع المجالات، مما يعنى بناء مجتمع متقدم

ينعم أفراده بالرفاهية والسعادة فى ظل حكم رشيد.

ومن ثم أدعو الى مؤازرة جهود الدولة المصرية لتنفيذ استراتيجية وطنية للثقافة القانونية لتنمية الوعى

الوطني، تتساند فيها الوزارات والمحافظات والهيئات والمؤسسات الحكومية، بالاضافة الى جهود مراكز

البحوث والدراسات والإعلام والفنون والدراما ومؤسسات التعليم ومنظمات المجتمع المدني، والتى يتكامل

دورها جنبا إلى جنب مع جهود دور العبادة والمحاكم والبرلمان والمجالس القومية والرئاسية، وتعميم تلك المبادرة فى كل المنتديات واللقاءات والفعاليات سواء داخل مصر، أو خارجها من خلال بعثاتها الدبلوماسية وجالياتها فى مختلف دول العالم.

تلك كانت فى عجالة ـ فكرة مبدئية حول أهمية الثقافة القانونية فى إعادة بناء هوية الإنسان المصري، والتى أعتبرها تقع هى على رأس أولويات قضايا الأمن القومى .

اترك رد

آخر الأخبار