العاصمة

أنا فقط من أراها

0

أنا فقط من أراها
قصة قصيرة بقلم إيمان الوكيل
من مجموعة قصصية مايقتل

لا أعرف إن كان عواء الكلب مصادفة، أم كما يقولون أنه نذير نزول عزرائيل ، يقولون انه

سيقتلها لا محالة، أرتعد ، لا أعرف إن كان خوفا أو بردا، دائما كنت أراها دامعة

العينين،نادرا ما رأيتها تبتسم لتظهر لها غمازتان جميلتان ، طفلة في الخامسة عشر

يتيمة الأم، أب مهمل وأخوان مدمنان، دائما أسمع صراخها من ضربهم لها، أجبروها على

ترك الدراسة لتخدمهم، لا تحنو عليها إلا صديقة لها وعائلتها، تقدَّم لها أخو الصديقة

وقوبل بالرفض بحجة أنه متعلم وسيتكبر عليهم، ويحاول الشاب مرارا، والأخوان مصران

على الرفض، والأب يتبعهم فى ضلالهم ، حتى طلب الشاب نقله إلى سيناء للبعد عن

احتكاكات أخويها به، وافتعال المشاجرات، حتى جاء يوم اشتد إيذائهم لها لرفضها

عريس صديق لأخيها؛ لتهرب وتذهب إلى الشاب حيث يعمل، وعلى قدر فرحته برؤيتها على قدر حيرته وخشيته عليها من بطش اخويها ، ويستأذن الشاب صديقا له أن تبيت

الفتاة مع بناته، ويصطحبها في اليوم التالي إلى رئيس مباحث القسم في حيهم، ويطلب تزويجها له.


ويرسل رئيس المباحث للأب، الذي يبيت منذ الأمس والجيران والعائلة في الشارع كنوع من المشاركة للأب فى مصابه، يدخنون لفافات البانجو ويحتسون الشاى، ويذهب الأب

ليبلغه رئيس المباحث بتوقيع الكشف على الفتاة، وأنها ما زالت بكرا وأن الشاب قد حافظ عليها، ويطلب الزواج بها.


والمفاجأة، يرفض الأب بحجة تحضير زفاف لائق لهما، وعبثا يحاول الشاب إقناع الضابط بعدم تسليم الفتاة له، صارخا: “سيقتلها”


إلا أن الضابط يسلمها لأبيها بعد توقيعه على تعهد بالمحافظة عليها.
وينفض الجمع، ويذهب الجميع وهم يعلمون أنه سيقتلها، وكأنه أمر عادي، وينام

الجميع….لا أعلم كيف غمضت جفونهم او استراحت ظهورهم ؟ لا لن اسكت سأبلغ الشرطة.. ولكن عما أبلغهم..؟ بمجرد توقع؟


يعود الكلب للعواء.. أقذفه بـ (مشبك الغسيل)، يصر على العواء تحت شباكها.
أغفو وأنا جالس، صوت صراخ يفيقني.. أتكون هي..؟ آااااااه نعم هى ،أخواها يسحبانها

على الأرض وآثار الضرب بادية على عيناها ،،وتلدماء تنزف من رأسها ، يكبلانها وسط الشارع، و الجميع قد أغلقوا نوافذهم تحسبا لما يتوقعونه، أنزل السلم مسرعا اتكفأ

على وجهى ، أحاول الحديث معهم لأقنعهم، يتلقفني ابنا عمها، يمسكان بي، والأب يقف بثبات يشاهد وكأن الامر لايعنيه، ويضعان المطواة أسفل رقبتي..


أصرخ وكأنه شارع الموتى، أحاول الخلاص.. وهي تصرخ مستغيثة بي، فتجرح رقبتي، وفجأة يسكت الصراخ، ويتناهى الى سمعى غرغرة كصوت الذبيحة، ويتركونني ملقى

على الأرض، أقترب منها، أراها في الرمق الأخير تنظر لي ودموع تنزل من عينيها، والدم يتدفق من عنقها ، يركلني ابن عمها في بطني: “نحن رجال، أيها الديوث”،


أصرخ: “يا وحوش هي لم تزنِ، إنه خطأ طفلة”


ركلوني ثانية وثالثة حتى……، وأفيق على شيخ الجامع يرشني بالماء ويغسل وجهي، أزيحه من أمامي.


يذهب الأب للشرطة برفقة رجال الحي، وكأنهم يزفونه للنصر الذي أحرزه، ويعترف بقتلها لينال اقل عقوبة مع إيقاف التنفيذ .


ويعود الحي كله كما كان، الناس تذهب وتعود، وقد فتحوا نوافذهم التى اغلقوها من قبل ، ومازال اخواها يدخنان لفافات البانجو تحت شباكها المغلق الذي يعوي الكلب

أسفله كل ليلة ويقذفه أخواها بالحجارة ليبتعد ، ولم يعد يراها أحد تطل من نافذتها بابتسامتها الطفوليه ووجنتاها ذاتا الغمازات


أنا…..أنا فقط من أراها

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading