العاصمة

 أعطاه عمر ضعف ما أعطى ولده عبدالله

0
بقلم / محمــــــد الدكــــــرورى
من هذا الصحابى الذى يفضله أمير المؤمنين عمر
بن الخطاب عن ولده فى العطيه ؟؟؟
إنه الحب ابن الحب لرسول الله صلى الله عليه
وسلم أسامه بن زيد وجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقسّم أموال بيت المال
على المسلمين..وجاء دور عبدالله بن عمر, فأعطاه عمر نصيبه ثم جاء دور أسامة بن زيد, فأعطاه عمر
ضعف ما أعطى ولده عبدالله.. وإذا كان عمر يعطي الناس وفق فضلهم, وبلائهم في الإسلام,
فقد خشي عبدالله بن عمر إن يكون مكانه في الإسلام آخرا, وهو الذي يرجو بطاعته, وبجهاده,
وبزهده, وبورعه,إن يكون عند الله من السابقين..
هنالك سأل أباه قائلا:” لقد فضّلت عليّ أسامة, وقد
شهدت مع رسول الله ما لم يشهد”..؟
فأجابه عمر: ” إن أسامة كان أحبّ إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم منك..
وأبوه كان أحب إلى رسول الله من أبيك”..! فمن
هذا الذي بلغ هو وأبوه من قلب الرسول وحبه ما لم يبلغه ابن عمر, وما لم يبلغه عمر بذاته..؟؟
إنه أسامة بن زيد وكان لقبه بين الصحابة: الحبّ بن الحبّ..
أبوه زيد بن حارثة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي آثر الرسول على أبيه وأمه وأهله,
والذي وقف به النبي على جموع أصحابه يقول:
” أشهدكم إن زيدا هذا ابني, يرثني وأرثه”..
وظل اسمه بين المسلمين زيد بن محمد حتى أبطل القرآن الكريم عادة التبنّي..
أسامة هذا ابنه.. وأمه هي أم أيمن, مولاة رسول الله وحاضنته,
لم يكن شكله الخارجي يؤهله لشيء.. أي شيء.. فهو كما يصفه الرواة والمؤرخون: أسود, أفطس..
أجل.. بهاتين الكلمتين, لا أكثر يلخص التاريخ حديثه عن شكل أسامة..!!
ولكن, متى كان الإسلام يعبأ بالأشكال الظاهرة للناس..؟
متى.. ورسوله هو الذي يقول: ” ألا ربّ أشعث, أعبر, ذي طمرين لا يؤبه له, لو أقسم على الله
لأبرّه”.. فلندع الشكل الخارجي لأسامة إذن..
لندع بشرته السوداء, وأنفه الأفطس, فما هذا كله
في ميزان الإسلام مكان..
ولننظر ماذا كان في ولائه..؟ ماذا كان في
افتدائه..؟ في عظمة نفسه, وامتلاء حياته..؟!
لقد بلغ من ذلك كله المدى الذي هيأه لهذا الفيض
من حب رسول الله عليه الصلاة والسلام وتقديره:” إن أسامة بن زيد لمن أحبّ الناس إليّ,
وإني لأرجو إن يكون من صالحيكم, فاستوصوا به خيرا” وكان أسامة رضي الله عنه مالكا لكل
الصفات العظيمة التي تجعله قريبا من قلب الرسول.. وكبيرا في عينيه..
فهو ابن مسلمين كريمين من أوائل المسلمين سبقا إلى الإسلام, ومن أكثرهم ولاء للرسول وقربا منه
وهو من أبناء الإسلام الحنفاء الذين ولدوا فيه, وتلقوا رضعاتهم الأولى من فطرته النقية, دون إن
يدركهم من غبار الجاهلية المظلمة شيء..
وهو رضي الله عنه على حداثة سنه, مؤمن, صلب,
ومسلم قوي, يحمل كل تبعات إيمانه ودينه, في ولاء مكين, وعزيمة قاهرة.. وهو مفرط في ذكائه,
مفرط في تواضعه, ليس لتفانيه في سبيل الله ورسوله حدود..
ثم هو بعد هذا, يمثل في الدين الجديد, ضحايا الألوان الذين جاء الإسلام ليضع عنهم أوزار
التفرقة وأوضارها..
فهذا الأسود الأفطس يأخذ في قلب النبي, وفي
صفوف المسلمين مكانا عليّا, لأن الدين الذي ارتضاه الله لعباده قد صحح معايير الآدمية
والأفضلية بين الناس فقال:
( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )..
وهكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل مكة يوم الفتح العظيم ورديفه هذا الأسود
الأفطس أسامة بن زيد..
ثم رأيناه يدخل الكعبة في أكثر ساعات الإسلام
روعة, وفوزا, وعن يمينه ويساره بلال, وأسامة.. رجلان تكسوهما البشرة السوداء الداكنة, ولكن
كلمة الله التي يحملانها في قلبيهما الكبيرين قد أسبغت عليهما كل الشرف وكل الرفعة..فاللهم
ارضى عنه واجزه عن الاسلام خير الجزاء …

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading