العاصمة

ليتني بقربهم

0
كتب أحمد برهان
ما ضرَّني لو كنتُ روحاً أقْتَفِي أرواحَهُمْ إنْ نامَتِ الأهدابُ لو كنتُ عصفورًا أُردّدُ صَوْتَهُمْ إنْ أنشدوا حبَّ الحُضُورِ وغابوا لو أنَّني شجرٌ أمامَ البيتِ أو وردٌ على شُرُفَاتِهِمْ وتُرابُ أو كنتُ أوركيدًا بعِطرٍ باذخٍ يَدْعُوهُمُ بأريجهِ فَيُجابُ لو أنَّني من فوقِهِمْ، لَمْعٌ وأمطارٌ ورَعدٌ ضاربٌ وسَحَابُ أو ليتني بردٌ يُعانقُهُمْ وفوقَ البرد أغْطِيَةٌ لهُمْ وثِيابُ أو شامةٌ برَّاقةٌ في خدِّهِمْ أو زمزمٌ بعروقهمْ ينسابُ وبحرقةٍ يتساءل القلب الكسير بهمْ، ومن تفكيره أرتابُ هل تشربُ الأفواهُ منْ أكوابِهِمْ أم تحْتسي أفواهَهُمْ أكوابُ؟ هل يُطْعِمُ المأكولُ ريقَهُمُ الجنى أم في لُعابِهُمُ غِوىً ورِضابُ؟ لكنَّهُمْ غابوا وغابَ القلبُ مَعْهُمْ في الخيالِ هواهُمُ وعذابُ لا روحَ لي طَرَباً تُغنِّي بَعدَهُمْ فالروحُ مُوْثَقَةٌ لَهُمْ وكِتَابُ يا بُعدهُمْ هلّا اقتربتَ ألا ترى الخلّانَ كيف جَنُوا عليَّ وآبوا والعشقُ يَنْهَشُنِي كَلَيلٍ موحشٍ ويَشُجُّ قلبي حُبُّهُمْ وغِيابُ قدْ كانَ كالحَمَلِ الوديعِ بِقُرْبِهِمْ وَبِبُعْدِهِمْ بانَتْ لهُ الأنيابُ والشوقُ يَنْفينِي كَطَيْرٍ شارِدٍ قدْ أُشْعِلَتْ فِي عُشِّهِ الأعشابُ كمُتَيّمٍ ومُيَتَّمٍ ومُشَرّدٍ قدْ أوصِدَتْ في وَجْهِهِمْ أَبْوابُ مولايَ فاحكمْ بيننا وانظرْ إلى ما قد جناهُ بقلبيَ الأحبابُ!

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

آخر الأخبار