ربنا يحبب فيك خلقه
كتبت سلمى شعبان
دعوة قلب أم. مفيش أم في الدنيا مش بتدعي لأولادها الدعوة دي: ربنا يا بني يحبب فيك خلقه. مفيش دليل أكبر من حب ربنا لينا إلا حب الناس لينا، لكن هل عمرنا سئلنا نفسنا ليه حب الناس ومعاملتهم الطيبة لينا بدون أي هدف أو سبب أو أحيانا مقابل هي نفسها دليل حب ربنا لينا.
كلنا مر علينا في حياتنا أشخاص معينة بنحبها “لله في لله” بدون سبب واضح. بنلاقي نفسنا مجبورين نحبهم ونساعدهم ونقف معاهم إذا أقتضى الأمر. الناس دي بيكون في وشها سماحة وبشاشة غير عادية بيكون فعلا عندهم وصل مع الله بشكل غريب بيخلي كل اللي يعرفوهم يحبوهم: كلنا بنفتكر إن الحب دا بدون سبب، لكن في الأصل حبنا للناس دي نابع من حب ربنا ليهم.
طيب خلينا نسأل نفسنا “يا ترى أيه اللي خلي الناس دي ربنا يحبها وبالتالي يحبب فيها خلقه؟” أيه هي طبيعة علاقتهم بربنا وطبيعة الممارسات اللي بيمارسوها في حياتهم خليتهم محبوبين من الله أولا ثم من الناس ثانيًا. كل الأديان السماوية فيها نصوص كتير بتأكد على كيفية طاعة الله: لكن كل النصوص والأديان بتتفق في شيء واحد بس إن الإنسان اللي بيعامل غيره بما يرضي الله هو الإنسان اللي بيقدر يحصل على أكبر قدر من حب الله. الأديان السماوية كلها اتفقت على إن ربنا بيغفر ذنوبنا كلها وأخطائنا ومعصيتنا، لكن ظلم البشر لبعضهم عقابه عند ربنا كبير: تفتكروا ليه؟ عشان أساس الأديان كلها إننا نحب بعض، فلما نحب بعض مش هنظلم بعض ولا نأذي بعض: ساعتها بس الحب اللي بنتعامل بيه مع بعض هيكون إنعكاس لمحبة أكبر وأعمق بكتير هي حبنا لربنا وخوفنا الشديد من غضبه علينا إذا أذينا حد أو ظلمناه. المعادلة دي ممكن يكون شكلها ساذج جدًا وعادي يعني مهو إنا مش بظلم حد ولا بأذي حد بس بردو في ناس مش بتحبني وبتأذيني. طيب فكر كدة مع نفسك هل أنت فعلا بتتعامل مع كل الناس حواليك بمنطق الحب دا، هل بتتعامل مع كل الناس بمنطق إنك بتقبلهم زي ما هم بذنوبهم وبمعاصيهم زي ما أنت مستني منهم إنهم يعملوا كدة بردو؟ أعتقد أنت قدرت توصل للإجابة.
“إرضاء الناس غاية لا تدرك” من المقولات الجميلة أوي. حقيقي محدش في الدنيا يقدر يرضي كل الناس. محدش فينا الناس كلها بتجتمع عليه إنه كويس وممتاز: إلا اللي ربنا حبه فحبب فيه خلقه. ياترى الشخص دا عمل أيه عشان يقدر يوصل لحب الناس ويقدر يوصل لقلوبهم حتى لو هما بيختلفوا معاه لكنهم بيحبوه: في رأي الشخصي، الشخص دا هو الشخص اللي حب ربنا فعلا وحبه مش بالكلام وبس ولا بالأفعال وبس: لا دا شخص وصل بيه اليقين والإيمان بالله أنه سلم أمره وحياته لله. راضي بقضائه وسعيد في معيته، وواثق ومتأكد إن كل شيء بيحصل له بيحصل ووراه حكمة معينة حتى لو هو مفهماش فهو راضي بيها تمامًا ومش هيتناقش في التفاصيل اللي مش هيقدر يعرفها. هو مكتفي جدًا إن ربنا هو اللي عمل كدة.
“ربنا يحبب فيك خلقه” دعوة بتطلع من قلب الأم، سواء هي أمك فعلاً ولا أي أم أنت راضيتها بمعاملتك ليها وكلمة طيبة أو فعل طيب عملته معها خلاها تدعي لك من قلبها “ربنا يحبب فيك خلقه!” مش بس دعوة: دي أمنية كل واحد فينا أنه يحس بحب ربنا ليه فعلا، يحس إن ربنا راضي عنه وبيسهل حياته وكل صعب وبيرضيه ويراضيه عن كل شيء شايل همه سواء في الدنيا أو في الآخرة. ربنا يحبب فيك خلقه: أجمل دعوة ممكن تتقال لحد وترسم على وشه بسمة رضا كبيرة أوي عن نفسه إذا ربنا تقبلها من قلب اللي قاله له. خلينا كلنا لما نلاقي حد بيعملنا حاجة حلوة وتمس قلبنا بجد ندعيله “ربنا يحبب فيك خلقه”.