نادى أن يُسرعوا به إلى القبر ففي الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عـليه وسـلم:
(إذا وُضعت الجـنازة فاحتملها الرجـال عـلى أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني قدموني) وإذا أدخل قبره، ورأى منزلته في الجنة،
فإنه لا يتمنى أن يعود إلى الدنيا، بل يتمنى أن تقوم الساعةُ ويعودَ إلى أهله ليُبشرهم بنجاته من النار وفوزه بالجنة، ففي الحديث الصحيح
، أن رسول الله صلى الله عليه وسـلم قـال: (إذا رأى المؤمن ما فُسِحَ له في قبره، فيقول: دعوني أبشر أهلي). وفي رواية: (فإذا رأى ما في الجنة قال:
رَبِّ عَجـِّلْ قـيامَ الساعـةِ، كَـيْما أَرْجِعَ إلى أهلي ومالي، فيُقالُ له: اسْكُن’) فهذه أمنية المؤمن الصالح بأن يُسرعوا بـه إلى القبر ليَـلقَى النـعيم المقيم،
ثم يتمنى أن تقوم الساعة.
أما العُصاة المجرمون، الذين تمر عليهم ساعاتٌ وأيامٌ وهم في هذه الدنيا في لهو وغفلة وبُعد عن طاعة الله.. الذين يُسوِّفون التوبةَ ويأملون في مزيد من
العمر ليتمتعوا بزينة الدنيا، وما علموا أن الموت يأتي بغتة، ما علموا أن الموت إذا جاء لا يدع صاحبه يستدرك ما فـات، فيبقى فـي قبره مُرتهناً بعمله،
متحسرا على تسويفه وتفريطه، متمنياً على الله الأمانيَّ التـي لا تُغنيه شيئا.
فماذا يتمنى هؤلاء؟
فأول أمنية: يتمنى أحدهم لحظة الموت وعند خروج الروح، يتمنى بعدما عاين الموتَ وسكراتِه، وعلم أنه مُنتَقل من دار الدنيا إلى دار البرزخ،
يتمنى الرجوعَ إلى الدنيا ولو لدقائق معدودة ليعمل صالحا ينفعه فـي الدار الآخرة، قال الله جـل وعـلا: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ
وإذا أُدخل قبره، ورأى منزلته ومـا أعـد الله له من شـديد العـذاب، فإنـه يتمنى أن لا تقوم الساعة، فيقول: رب لا تُقم الساعة،
ربِّ لا تُقم الساعة، لأنه يعلم أن ما بعد القبر هو أشدُّ وأفظع فيقول: ربِّ لا تُقم الساعة.ربِّ لا تُقم الساعة.ربِّ لا تُقم الساعة. فاللهم اجعلنا من الصالحين يا رب العالمين ….