مِنَ الْقَانِتِينَ(12التحريم
نلاحظ من الآية الأولى ان ما وضعه الله من
القدرات والمزايا بها أنه جعلها وابنها آية للعالمين وتفصيل هذا الأمر أتى مفصلا بسورة مريم
وكيفية حملها وعندما أتت به قومها لآخر الأحداث وكيف برأها المولى وانها من المحصنات وكيف
أييد ابنها بروح القدس فكانا آية للعالمين . ( وهذا أيضا إن قدر الله لي سأفرد به بحثا حول كيف كان
الحمل بعيسى عليه السلام ومعنى مثل عيسى كمثل آدم خلقناه من تراب )
وفي الآية الثانية وضع اليقين بتصديق كلمات ربها وكتبه وأن ما سيحدث معها هو من أمر الله وكلمته .
نأتي الآن على التأييد الذي خص به المولى عز وجل عيسى عليه السلام وهو روح القدس.
هذه الآيات التي وردت بها روح القدس لنتأملها معا .. إذا أن عيسى لم ينفخ لم يوضع فيه كما
الحال بآدم ومريم عليهما السلام من مزايا مكنهم الله منها ،
وإنما أيده ودعمه بقدرات مادية ملموسة ، قدرات
انفرد بها المولى لذاته عز وجل عليها كأحياء الموتى … الخ آخر ما ورد بالآية .
هذه القدرات لم يُمكنها الله ويأييد بها أحد إلا عيسى لأنها كما قلنا هي أصلا تفرد الله بها لذاته ،
لذا سمى الله هذه الروح ( بالقدس ) لانفراد خصائصها بالله ، وأيد عيسى وجعله منفردا بهذه
الخاصية وهذه القدرات عن باقي البشر ، والدليل اقرأ قوله تعالى ستجد تفسير معنى القدس من
-تكلم الناس في المهد وكهلا .. هذه القدرة ( الروح ) تكليم الناس في المهد انفرد بها عيسى عليه
السلام عن باقي البشر (القدس ).
-إذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني ( أحياء ) ( انتبه هنا الإذن من
الله والنفخ أي وضع الحياة فيها لتصبح طيرا أيضا بإذن الله وأمره ) . وخاصية الإحياء لله
وحده اييد بها عيسى بإذنه وتفرد أيضا بها عن باقي البشر ( القدس).
- تبرئ الأكمة والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني .. نلاحظ أنها جميع هذه الخاصيات
والقدرات لله وحده واييد بها عيسى دعمه ماديا بإذنه وانفرد فيها عيسى عن باقي البشر (القدس ).
سيقول أحدهم ماذا عن قوله ( وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ) إن الله لم يفرد هذا
لعيسى فقط بل أنه أتاها لغيره من الأنبياء والرسل وأيضا لمن شاء من عباده .
نقول : نعم هذا صحيح : الانفراد كان بأن كل ما ذكر مجتمعة مع بعضها معا لم تجتمع برسول ونبي
غير عيسى ، وهنا أيضا انفرد عيسى بأن اجتمعت كل تلك الخصائص التي خصه الله بها والقدرات
بشخص واحد وهو عيسى. اعتقد بات واضح معنى الروح والقدس ..
ولا بد من الانتباه أن التأييد ليس كالإيتاء .. إن الله عز وجل أتى الرسل الكتاب والحكمة والنبوة ..
الخ .. ولكن عيسى أتاه كل ذلك إضافة لتأييده بالدعم المادي الملموس والمنفرد بها وأمام الأعين
وليس كما موسى على سبيل المثال كليم الله فالأمر لم يكن أمام البشر كان بينه وبين ربه ..
و التأييد كما قلنا هو الدعم والمساندة المادية كأن تكون قوة إضافية أو خارجية ملموسة النتائج ،
وهنا التأييد المادي لعيسى عليه السلام و أمام الأعين جعله وأمه آية للعالمين ، والتأكيد على
صحة قصة ولادة عيسى التي سنفرد لها بحث خاص بقادم الأيام إن شاء الله وأنه مثل عيسى كمثل آدم خلقناه من تراب ،
وتصديقا على الإيتاء والتأييد .. قوله تعالى:
البقرة – الآية [253] تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ
تَقْتُلُونَ
نخلص إلى أن نفخة الروح هي وضع مزايا وقدرات
تدعم وتسند من شاء الله له ومنها مادية وأخرى معنوية كما كان بآدم ومريم عليهما السلام ،
فالمعنوي لآدم كان بالترقية وجعله خليفة ، والمادي بتعليمه الأسماء كلها وسجود الملائكة ،
ومريم المعنوي بالتصديق لكلمات الله والمادي بإرسال الروح إليهما فتمثل لها بشرا ..
أما التأييد غالبا ما يكون دعم مادي ملموس والتي وردت بروح القدس وكان على مرئى الناس .
وهناك أيضا الروح المنزلة المتمثلة بروح الأمين التي نزلت على قلب محمد ، وهي الدعم يإنزال
السكينة و الطمأنينة من الله ليكمل رسالته وأنها من الله ويكون من المنذرين .
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴿ 193 ﴾الشعراء
وكما اشرنا بالبداية أن الروح هي من أمر الله : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا
أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴿ 85 ﴾ الاسراء
وأيضا يؤيد الله من يشاء من عباده بتلك القدرات
او المزايا فالروح لا تقتصر على الأنبياء والرسل وإنما تشمل أيضا عباد الله عندما يشاء .